قبها: حكومة الحمد الله لا تمتلك مقومات النجاح

أكد وزير الأسرى السابق وصفي قبها أن ما يجري بالضفة الغربية من استمرار الاعتقالات والاستدعاءات السياسية لا يبشر بخير بحال من الأحوال، مشيرًا إلى أنه طالما استمر الحكم بيد “الفصيل المستبد” فستبقى الاعتقالات مستمرة ولن يكون هناك مجال للمصالحة.

وأشار قبها – الذي أفرج عنه مؤخرًا من سجون الاحتلال – في حوار خاص مع “المركز الفلسطيني للإعلام” إلى أن استمرار الانتهاكات، من اعتقالات سياسية وغيرها بالضفة، يدلل على عدم وجود نية حقيقة للمصالحة، وعدم اعتبارها مصلحة وطنية.

وفيما يتعلق بما ورثته حكومة الحمد الله من سابقتها برئاسة سلام فياض، أشار إلى أن تلك التحديات التي تواجهها الحكومة ليست بالهينة، ولن يكون باستطاعة رامي الحمد الله تخطيها، خاصة وأن المفاوض الفلسطيني ربط اقتصاده باقتصاد الاحتلال ولم يخلق بدائل لاقتصاد مقاوم.

وعن وضع الأسرى أوضح قبها أن الاحتلال يتعمد بالتسبب بأمراض مزمنة وخطيرة للأسرى من خلال إعطائهم الدواء غير المناسب، أو حقنهم بمواد غير معروفة، إضافة لسياسة الإهمال الطبي المتعمدة.

وفيما يلي النص الكامل للحوار:

* هل تعتقد أن الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور رامي الحمد الله ستنجح بإدارة الضفة وتتخطى المشاكل الاقتصادية التي ورثتها من حكومة فياض؟

الحكومة التي شكلها د.رامي الحمد الله لا تملك أيًّا من مقومات النجاح، لأنها لم تأت من خلال المجلس التشريعي، ولم تحظ بالثقة ولا بالإجماع الوطني والفصائلي، كما أنها ورثت عن سلام فياض العديد من الإشكالات الاقتصادية، ولعل الديون المتراكمة على كاهل المواطنين وعدم خلق اقتصاد مقاوم على مدار 20 سنة من مفاوضات السلام عززت تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاحتلال وهذا ما لا يبشر بخير أبدًا. ولا أعتقد أن د.رامي الحمد الله سيطرح حلولاً خلاقة وسحرية، حتى لو كانت لديه حلول وخطط، فهو لن يتمكن من تطبيقها خلال ثلاثة شهور.

* هل تتوقع أن تضع حكومة الحمد الله المصالحة على سلم أولوياتها؟

طالما أن هذه الحكومة حكومة الفصيل المستبد أو الفصيل الحاكم، فلن يكون هناك بشائر خير، فالاعتقالات السياسية لا زالت مستمرة بل ارتفعت وتيرتها بعد تولي الحمد الله رئاسة الحكومة، وهذا يدل على عدم وجود نوايا وإرادة لدى السلطة والحكومة والأجهزة الأمنية للتعاطي مع المصالحة وكأنها مصلحة وطنية وأخلاقية، إضافة إلى أن هذا الأمر يعكس الترابط العضوي بين الحكومة وما ترتب عليها من وهم السلام، كما أن التنسيق الأمني قائم وهو ضد مصلحة الفلسطينيين ويعزز الانقسام.

* كيف يتابع الأسرى داخل السجون أخبار تشكيل الحكومة والتطورات على الساحة السياسية الفلسطينية؟

الأسرى سئموا التصريحات، فهم باتوا يشعرون أنهم أصبحوا مادة للمزايدة الإعلامية للفصائل والسياسيين، ولا يعولون على عملية السلام والمفاوضات أي أمل للإفراج عنهم، ولا على الحكومات التي يتم تشكيلها دون توافق وطني. كما أن المفاوض الفلسطيني وقع بفخ الإعلام والدعاية الصهيونية عندما تماشى مع تصنيف الأسرى حسب اتفاقية أوسلو؛ حيث أصبح يطالب فقط بالإفراج عن الأسرى ما قبل أوسلو وهم 107 أسرى، بدلاً من أن يطالب بإطلاق سراح كافة الأسرى دون تمييز، فإن تم الإفراج عن الأسرى قبل أوسلو، فما مصير 4897 أسيرًا آخرين؟ هل علينا أن ننتظر عملية سلام أخرى لنفرج عنهم؟!

* كيف تركت الأسرى خلفك؟ وما هي ظروفهم؟

لا شك أن ظروفهم غاية بالصعوبة، وإدارة مصلحة السجون تحاول جاهدة لسحب الإنجازات التي حققها الأسرى والمقاومة في صفقة التبادل؛ حيث إن الاتفاق الذي وقع حينها يقضي بإخراج المعزولين من الأسر، إلا أن سلطات الاحتلال متواصلة حتى الآن بعزل الأسيرين الصعيدي والسيسي.

أما الأمر الأخر – من ضمن الأمور التي اتُفق عليها – هو تحسين الظرف المعيشي للأسرى، وهو ما لم يحدث ولم تتم متابعته، إضافة لزيارة أهل غزة لأبنائهم داخل السجون، فهي غير منتظمة، وكذلك حرمان العديد منهم من الزيارة، الأمر الذي يؤكد تنصل وتنكر مصلحة السجون للاتفاق الموقع برعاية الجانب المصري. كما أنه حتى الآن لم يسمح بالتعليم الجامعي والثانوية العامة في السجون، وما يحصل هو تنسيق داخلي بين الأسرى وبعض المؤسسات لإكمال تعليم بعض الأسرى داخل السجن.

* كيف يستعد الأسرى لشهر رمضان المبارك؟

تلك الاستعدادات تتعلق بالبرامج التي تعدها الفصائل داخل السجون؛ حيث تهتم بعض الفصائل بإعداد برامج روحانية ودعوية وترفيهية تخفف عن الأسرى معاناة بعدهم عن أهلهم، وترفع معنوياتهم، إضافة لوجود تعميمات من بعض الفصائل لأسراها بتنظيم أوقات ذكر وتذكير بالعبادات واغتنام الوقت وإشغال الأسرى خلال رمضان المبارك، إلا أن إدارة مصلحة السجون تحاول بكل الطرق التضييق على الأسرى حتى في الشهر الفضيل. وعلى سبيل المثال، لا تسمح إدارة السجون بإدخال التمور من خارج السجن، وتبيعها للأسرى من خلال الكنتين بأسعار باهظة جدًّا، ولا تقدم أي تسهيلات على الإطلاق.

* الأسرى يتهمون مصلحة السجون بالتسبب بأمراض خطيرة ومزمنة لهم، فما حقيقة ما يحدث داخل السجون؟

إدارة مصلحة السجون باتت تتعمد في الآونة الأخيرة التسبب بحدوث أمراض للأسرى خلال التحقيق معهم أو علاجهم. والأسير ثائر حلاحلة هو أكبر مثال الآن على ذلك؛ حيث تسبب طبيب الأسنان له بمرض بالكبد لاستخدامه أدوات غير معقمة في علاجه، وهو الآن يواجه خطرًا شديدًا على حياته، ولا يجد أي علاج مناسب لحالته، وترفض سلطات الاحتلال الإفراج عنه أيضًا”.

وهناك أمثلة أخرى لأسرى تسبب الاحتلال لهم بأمراض خطيرة ومزمنة نتيجة الإهمال الطبي أو إعطاء دواء غير مناسب، كحال الأسير محمد التاج الذي أصيب بتليف الكبد نتيجة إعطائه دواءً خاطئًا وغير مناسب لوضعه، إضافة للأسير المحرر عامر بحر من أبو ديس، الذي تسبب له طبيب السجن بسرطان بالأمعاء الدقيقة نتيجة إعطائه الدواء الخاطئ لحالته، وقد تكفلت السلطة بعلاجه، لكنه إلى الآن يرقد بمجمع الشفاء الطبي برام الله، ولا زالت السلطة تتلكأ بتنفيذ وعودها، كما تتلكأ عادة بالتعاطي مع هذه القضايا.

والأخطاء الطبية المميتة مستمرة بحق الأسرى، لكن للأسف لا يوجد من يتابعها ولا يقدمها للمحاكم والمؤسسات الدولية، حتى بعد أن حصلت السلطة على لقب “الدولة المراقب”، فلا أحد تجرأ وتقدم بطرح ما يتعرض له الأسرى بالمحاكم الدولية، وخضعت السلطة مجددًا للضغوطات والتهديدات الخارجية. ولذلك أنا أدعو السلطة والمؤسسات الحقوقية الفلسطينية لتحمل مسئولياتها والعمل بشكل جدي لفضح ممارسات الاحتلال ضد الأسرى والكشف عن هذه الحقائق وغيرها.

* هناك محاولات مستمرة لإحياء المقاومة بكافة أشكالها بالضفة، هل تتوقع أن تعود مظاهر المقاومة المسلحة مرة أخرى؟

 هذا الأمر قد يكون انعكاسًا لفقدان الأمل بوجود حل قد يأتي من خلال المفاوضات والحل السلمي الذي تتخذه السلطة منهاجًا لها. فقد وصل أهالي الضفة المحتلة لحالة يأس وإحباط من الواقع، وأعتقد أن مثل هذه العمليات قد يكون هدفها جذب انتباه العالم لما نعانيه، وإرسال رسالة مفادها عدم وجود بارقة أمل بالحل السلمي.

* هل ستنجح الجهود التي يبذلها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بالمنطقة لإعادة إحياء عملية السلام؟

لا أعتقد أنه سينجح بإجراء اختراق جزء بسيط من جدار المفاوضات، فالاحتلال يريد كل شيء، والسلطة لا تملك سوى الاستسلام والخضوع، والمسألة أصبحت بالنسبة لها إدارة أزمة مالية وإدارية فقط، و”من يخضّ بالماء فلن يحصل على الزبدة”.. الكل يعلم أن السلطة لا تملك أي قوة ضغط.

* أبو مازن اشترط سابقًا إطلاق سراح الأسرى ما قبل أوسلو للعودة للمفاوضات، هل تتتوقع تمسكه بهذا الشرط؟

للأسف الشديد، من وقع على أوسلو هو من نسي الأسرى خلف القضبان، لكن نأمل أن يفعّل أبو مازن والسلطة قضية الأسرى بشكل أكبر، وأن يبقى الموقف الفلسطيني ثابتًا، وأن يتم إطلاق سراح كافة الأسرى وتبييض السجون، وعدم الاكتفاء بأسرى ما قبل أوسلو.