الجمعة 03/مايو/2024

عرض كتاب: دبي.. تفاصيل اغتيال المبحوح

عرض كتاب: دبي.. تفاصيل اغتيال المبحوح

ملخص الكتاب:

يرى الكتاب المعنون بـ”دبي”، النور في وقت تحيي فيه “إسرائيل” وحماس على حدّ سواء الذكرى السنوية الأولى لحادثة اغتيال القائد العسكري محمود المبحوح في إمارة دبي، طارحاً أسئلة ذات بعد أمني استخباري بالدرجة الأولى من قبيل: هل الموساد مسؤول فعلاً عن اغتيال المبحوح في إمارة دبي؟ وكيف تمّ استدراجه فعلياً إلى هذه الإمارة وتعقبه فيها؟ وهل يقدم الكتاب جديداً لإلقاء مزيد من الضوء على هذه الحادثة التي أقضت مضاجع العالم كله؟ ما الذي حصل في دبي فعلاً؟ وأسئلة عديدة أخرى.

لا يسارع المؤلف، في مجمل صفحات الكتاب، إلى تبني الموساد لحادثة الاغتيال، بالرغم من البصمات الإسرائيلية فيها، باعتبار أنها “تصفية حساب متأخرة” مع قائد فلسطيني كان على رأس مجموعات من الخلايا التي قتلت وأسرت بعض جنود الجيش الإسرائيلي، خاصة وأن “جغرافيا الاغتيال” أشارت إلى حركة واسعة لرئيس جهاز الموساد شخصياً، وبعض كبار ضباطه في الأسابيع القليلة التي تلت الحادثة في بعض العواصم العربية التي وصفت بـ”الصديقة”.
 

معلومات النشر:

عنوان الكتاب: دبي.. تفاصيل اغتيال المبحوح.
المؤلف: يوماي عيناي.
إصدار: دار “ساعار”- تل أبيب.
عدد الصفحات: 137 صفحة.
لغة الكتاب: العبرية.
سنة الإصدار: 2010.

      

 

الخلية القاتلة:

يسلط الكتاب، في مختلف فصوله، الضوء كثيراً على بعض التفاصيل الخاصة بأفراد الموساد، الذين زادوا عن عشرين رجلاً وامرأة، ونفذوا عملية الاغتيال، لا سيما بعد أن حصلوا على جوازات سفر “إيطالية وبلجيكية وهولندية وألمانية وبريطانية” مزورة. كما تحدث الكتاب عن قيام سفارة أوروبية في الإمارات العربية المتحدة بدور محطة الموساد لـ”الخلية القاتلة”، لكنه لم يكشف عن هويتها، ربما بفعل الرقابة العسكرية الإسرائيلية.

ثم يعود المؤلف بالقارئ إلى ثلاث محاولات سابقة للموساد، فشلت جميعها في النيل من المبحوح خلال العشرين سنة الماضية؛ الأولى في دبي، الإمارة نفسها التي نجحت فيها المحاولة الرابعة، والثانية في بيروت، والثالثة في دمشق، والتي كانت بعد مرور شهرين من تصفية قائد حزب الله العسكري عماد مغنية، وقد نجح الموساد في آخر الأمر بفعل ما أسماها “التكنولوجيا المحكمة”.

وربما من غير المستغرب أن نجد المؤلف يثني على “قتلة” المبحوح، مستنداً في ذلك إلى أوصاف ذكرها “بروس ريدل”، عميل وكالة الاستخبارات الأميركية لمدة ثلاثين عاماً، حين قال إنهم “مهنيون جداً، شبان مصممون، وذوو قدرة رياضية مذهلة، ولهم سجل مذهل من النجاح”.

وفي إطار تنصله من الرقابة العسكرية التي يفرضها الجيش الإسرائيلي على كتب من هذا النوع، يرسم المؤلف توزيعاً افتراضياً لمهام عناصر خلية “كيدون”، التي أوكلت إليها المهمة، حيث نفذ اثنان من الخلية عملية الاغتيال، واثنان توليا مهمة الحراسة، وتولت امرأة مهمة “التليين”، وسائق أعد مسار هرب بديل في حالة حدوث خلل في تنفيذ الخطة الأصلية، ومن المحتمل افتراض وجود مشاركين آخرين لم يلحظهم أحد، ولم يتعرف إليهم حتى اليوم، لأن عملية بحجم كهذا تحتاج أكثر من سبعة أشخاص في الميدان.

يروي الكتاب جزءاً “درامياً” من فصول حادثة الاغتيال بأسلوب سينمائي بالقول: “عندما عاد المبحوح إلى غرفته في الفندق، استلقى على السرير، وفتح التلفاز، وبالرغم من الستائر المنزلة فقد رصدت عيون خفية حركاته، حيث فتح الباب من الفور بمفتاح نسخ سلفاً، فانقض أحدهم عليه، فيما حرس آخر المكان، وتم إلصاق جهاز كهربائي في أذنه، حيث تبينت على قدميه علامات الصراع الأخير على حياته”.

يقول عيناي: أستطيع التخمين بأن الإعدادات للعملية استمرت سنة على الأقل، بحيث أن المبحوح كان مُتَابعاً طوال الوقت، وأفترض أن قائد العملية أصدر أمراً بضربه في أسرع وقت ممكن، ومن ثم الانصراف. وفي الغالب، إذا كان الهدف يملك حاسوباً نقالاً، فقد اهتمت الخلية بإفراغه وأخذ المواد التي فيه. والعمل في الحصيلة العامة جاء هادئاً ونقياً… باختصار… إنه اغتيال كامل… لولا اللحظات الأخيرة التي جعلت الموساد في الوحل.

المفارقة أن مؤلف الكتاب، سبق له وأن أشرف على عدد من المهام والعمليات السرية للموساد، وقام خلال أحدها باستخدام جواز سفر مزور! بتكليف من رئيس الموساد الأسبق ناحوم إدموني، ويمنح المؤلف لهذه المخالفة القانونية حيزاً ملحوظاً في كتابه حين يصف الشعور البريطاني بـ”المرارة”، من تكرار استخدام جوازات سفرها من قبل الموساد، فقد سبق وأن حصلت سنة 1987 على تعهد إسرائيلي بعدم تزوير جوازاتها.

شاشة البلازما:

بعيداً عن التفاصيل الميدانية التي تميز الكتاب، مستفيداً من ذلك بشبكة علاقاته الوفيرة والمثيرة مع الموساد، يسلط المؤلف الضوء على التبعات والأمنية والنتائج العسكرية لعملية الاغتيال، بملاحظة الجهات ذات الصلة بها: الموساد ومدى نجاحه أو فشله، والجهات الفلسطينية ومدى تواطؤ بعض أفرادها في التعاون الأمني والاستخباراتي، ومدى الاختراق الإسرائيلي لأجهزة الأمن العربية.

كما يلقي الضوء على مدى التغلغل الإسرائيلي في منطقة الخليج وانعكاساته، ليس على أمنها فحسب، بل على مستقبلها السياسي، والعلاقات بين دولها، فضلاً عن أثر عملية الاغتيال على مجمل العلاقات الاستراتيجية بين الدول الغربية و”إسرائيل”، وبالتحديد مراجعة المقولة السائدة لعقود طويلة بأن “إسرائيل” هي “حامية” المصالح الغربية في الشرق الأوسط.

بالرغم من التجند الواضح في مجريات الكتاب لرواية حادثة الاغتيال، إلا أن المتمعن في فصوله سرعان ما يكتشف أن المؤلف يقوم بمهمة “دفاعية” للموساد، الذي فقد قدراً من هيبته التقليدية كجهاز أمني مهني وفاعل وشرس، بعد أن انكشفت العملية بشكل فاضح، ونشرت صور مرتكبيها في وسائل الإعلام، واكتُشِفت جوازات السفر التي استعملوها، وعرفت كافة تحركاتهم، بحيث تحولت إلى عملية “مفضوحة”، لم تحرج “إسرائيل” فحسب، بل الدول الغربية الداعمة، لا سيما وأن نجاحها أو فشلها له مقاييس عديدة؛ من بينها الوسائل التي استخدمت لتحقيق الهدف، والثمن المادي والسياسي لها، والبعد الأخلاقي والإنساني لنتائجها.

سرعان ما يعود عيناي إلى سرد ما بات يُعرف في “إسرائيل” بـ”لائحة الاتهام” ضد المبحوح، الذي كان يرمز إليه بالاسم الشيفري “شاشة البلازما”، واستحق في ضوئها الموت، والموت فقط، حيث تكثفت ملاحقته الفعلية من قبل الموساد، بعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أواخر سنة 2008 وأوائل سنة 2009، خاصة في ضوء منظومة التبادل الأمني والاستخباري بمشاركة “إسرائيل” والولايات المتحدة عقب حملة “الرصاص المصبوب”، لمنع تدفق وتهريب السلاح إلى حركة حماس. ومن بين الوسائل المستخدمة لتحقيق هذه الغاية، الملاحقة الساخنة للسفن في عرض البحر، والقوافل البرية في ساحات بعيدة، واختراق وتمزيق شبكات تهريب السلاح، وصولاً إلى الحرب الغامضة، في ظل وجود مصالح مشتركة بين جميع الأطراف، مع العلم أن المؤلف لا يستبعد أن تكون “إسرائيل” هي التي نفذت الاغتيال بمشاركة العديد من الأجهزة الاستخبارية، وربما عملت أشبه ما يكون بـ”مقاول” للتنفيذ، كونها الجهة الوحيدة التي تتمتع سياستها الاستخبارية بالغموض، وقادرة على مواجهة الاتهامات دون أزمات على ساحتها الداخلية.

يورد المؤلف ملاحظة محرجة “للجغرافيا السياسية” التي وقع على أرضها الاغتيال بالقول: أي جهاز استخباري مهما صغر حجمه وقل شأنه، يلاحظ وجود كاميرات المراقبة في الفنادق، وهي ليست العملية الأولى التي تقوم بها فرقة الاغتيال، إلا أنهم شوهدوا بأعصاب باردة، وابتسامات عريضة على وجوههم، ونظروا مبتسمين وبشكل مباشر للكاميرات، بحيث بدا وكأن الموساد يتصرف في منزله وساحته، عندما يرسل هذا العدد الكبير من عملائه دفعة واحدة للتعامل مع شخص واحد، رغم امتلاكهم العنصر الأهم في هذه العمليات، وهو المباغتة! مع أن ما حصل تم اعتباره إسرائيلياً “نجاحاً تكتيكياً، وفشلاً استراتيجياً”!.

سيرة المؤلف الأمنية:

يكتسب الكتاب أهميته وخطورته من خلفية مؤلفه الأمنية اللافتة في “إسرائيل”، فقد عمل عيناي سنوات طويلة في “مجتمع المخابرات الإسرائيلية”، ويعدّ من أهم مؤسسي وحدة 8200، التي باتت توصف بأنها “كنز” الاستخبارات الإسرائيلية، حيث وفرت لمختلف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية كماً هائلاً ونوعياً من المعلومات ذات القيمة الاستراتيجية القصوى، وقدمتها لصناع القرار الإسرائيلي في المستويين السياسي والعسكري.

وتقلد عيناي في الوحدة منصباًً مهماً كمسؤول عن وحدة التنصت في القيادة الجنوبية للدولة، وشارك بفعالية في حرب الأيام الستة سنة 1967، وكان لعمله الاستخباري دوراً كبيراً في إنجاز المهمة بالسرعة المعروفة.

لاحقاً، انتقل للانخراط في جهاز الموساد، حيث تولى قيادة محطة الجهاز في عدد من الدول الأوروبية والإفريقية، ويسند إليه الفضل في إنشاء دائرة “توظيف المعلومات” الأمنية والاستخبارية، وأجرى فيها إصلاحات وتغييرات هيكلية كبيرة، تمكنت بفضلها من نقل سريع للمعلومات اللازمة لصناع القرار في الحكومة والجيش.

بعد تحرره من الخدمة العسكرية من صفوف الجيش الإسرائيلي سنة 1976، بعد 24 عاماً من الخدمة المتواصلة، أقام شركة تجارية انخرطت بصورة أساسية في التبادل التجاري مع نظيراتها في دول عربية عديدة، لا سيما سورية ولبنان، ومن خلالها نجح في تجنيد عدد من العملاء والجواسيس لصالح الموساد.

يؤكد المقربون منه أنه نجا من الموت بأعجوبة مرتين خلال عمله الأمني، إحداهما حين حاول قائد حزب الله عماد مغنية استدراجه بواسطة سيدة أوكرانية، لكن يقظة عيناي أنقذته في اللحظات الأخيرة.

المؤلف حاصل على الشهادة الجامعية الأولى في تخصص تاريخ الشرق الأوسط، وشهادة الماجستير في علوم القيادة، وقد حصل على أعلى الشهادات العلمية في الأكاديمية العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي، ويتقن اللغة العربية بـ”الفصحى”، وأصدر 13 كتاباً لها علاقة بميراثه الأمني والاستخباري، تُرجم بعضها إلى اللغات العربية والإنجليزية والروسية، من أهمها: الجيش السوري، وغرام الجاسوس، وأبراج نيويورك.

مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

غزة – المركز الفلسطيني للإعلاملم يترك الدكتور عدنان البرش (50 عامًا) مكانه ومهمته في إنقاذ جرحى حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية بغزة، حتى اعتقاله...