السبت 04/مايو/2024

عرض كتاب: السياسة الخارجية التركية وآثارها على إسرائيل

عرض كتاب: السياسة الخارجية التركية وآثارها على إسرائيل

عرض: عدنان أبو عامر (خاص – مركز الزيتونة).

معلومات النشر:

اسم الكتاب: السياسة الخارجية التركية وآثارها على إسرائيل.
المؤلفة: د. غاليا ليندشتاروس، متخصصة في الشؤون التركية.
لغة الكتاب: اللغة العبرية.
عدد الصفحات: 82 صفحة.
تاريخ الصدور: حزيران/ يونيو 2010.
جهة الإصدار: مركز أبحاث الأمن القومي، جامعة تل أبيب.

 

 

مقدمة

في ظل الانشغال الإسرائيلي، الرسمي والبحثي، في حالة التوتر الآخذة في التزايد في العلاقات الإسرائيلية التركية، أصدر معهد أبحاث الأمن القومي دراسة حديثة تناقش أبعاد هذه العلاقة، ومستوى تدهورها المتوقع، والمفاعيل الإسرائيلية “لكبح” جماح الأتراك في سياستهم الحالية.

وقد انقسمت الدراسة التي أعدتها د.”غاليا ليندشتاروس”، الباحثة المتخصصة في الشؤون التركية، إلى عدة فصول أساسية، أهمها: حزب العدالة والتنمية وسياسته الخارجية، العلاقات التركية مع الولايات المتحدة، حلف الناتو، الاتحاد الأوروبي، روسيا، تركيا والتطورات الحاصلة في الشرق الأوسط والخليج العربي، التحديات المباشرة التي تواجه تركيا مثل توحيد قبرص والمشكلة الكردية والعلاقات مع أرمينيا، وأثر هذه التطورات على العلاقات الإسرائيلية التركية.

وقد جاء توقيت إصدار هذا الكتاب في مرحلة تعتبر “الأسوأ” في تاريخ العلاقات الإسرائيلية التركية، لاسيما وأن أوساطاً نافذة في تل أبيب تشير بـ”مرارة” إلى أن إسرائيل فقدت تركيا فعلاً، وربما إلى الأبد!.

ولا يقتصر التخوف الإسرائيلي على عدم عودة العلاقات الثنائية إلى سابق عهدها، خاصة في عقد التسعينيات من القرن العشرين، وإنما هناك خشية حقيقية من فرضية قطع العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين!.

أكثر من ذلك، فإن الكتاب يخرج إلى النور، فيما تشهد العلاقات التركية السورية الإيرانية تطوراً ملحوظاً، ومقلقاً في الوقت ذاته لدوائر صنع القرار الإسرائيلي، في ضوء أن ذلك قد يوجد ما يمكن أن يشبه محوراً جديداً يشكل إخلالاًً بالتوازن القائم في المنطقة.

ويسعى هذا الكتاب، وفي هذا التوقيت بالذات، إلى التطرق إلى جملة من العوامل والأسباب التي جعلت هذا التدهور السريع في العلاقات الإسرائيلية التركية يمضي “بدون كوابح”، لا سيما بالنظر إلى التغير الحاصل في السياسة الخارجية التركية منذ سنة 2002، حيث اعتلى حزب العدالة والتنمية السلطة هناك، وهو الحزب الذي لا يخفي توجهاته الفكرية وأيديولوجيته الإسلامية.

هنا لا بد من النظر بعين الحذر إلى الرواية السائدة في الأوساط الإسرائيلية، ومفادها أن السبب الحقيقي الذي يقف خلف تدهور هذه العلاقات يكمن في التوجهات الدينية للحزب الحاكم في أنقرة اليوم، في ضوء أن الحزب ذاته يحمل توجهات ليبرالية واضحة، الأمر الذي يجب أن يجعل كبار المستشارين الإسرائيليين ينظرون إلى مدى التعارض الحاصل في السياستين الخارجيتين في كلا البلدين، خاصة وأن تركيا ترى أن إسرائيل تحاول فعلاً “إعاقة” سياستها في الشرق الأوسط.

سياسة “صفر المشاكل”

ترفض المؤلفة مناقشة التدهور الحاصل في العلاقات الإسرائيلية التركية دون تسليط الضوء على شخصية “مهندس السياسة الخارجية التركية”، وزير الخارجية الحالي، “أحمد داود أوغلو”، الذي يدير سياسته الخارجية وفق خطين أساسيين:

1. الخط الأول: العمق الاستراتيجي لتركيا في الأفق الإقليمي المحيط بها.
2. الخط الثاني: سياسة “صفر المشاكل” التي يسعى من خلالها إلى حل مشاكل تركيا الخارجية مع جيرانها، وبذلك فهي تحاول “التحرر” من الصورة النمطية المرافقة لها طوال العقود الماضية.
أكثر من ذلك، فإن التدخل الحاصل من قبل تركيا في ملفات إقليمية معقدة، لم تكن حاضرة فيها في السابق، له علاقة وثيقة بما يسمى في المحافل التركية اليوم “استخدام القوة الناعمة” لأنقرة في الإقليم الجيو-سياسي المجاور لها.

ولذلك، جاء “تورطها” في الملف الإيراني، وحصار غزة، والمفاوضات الإسرائيلية- السورية، تعبيراً أصيلاً عن هذه السياسة الجديدة.

وتلحظ المؤلفة أن تركيا لا تدير علاقاتها الجديدة على حساب تراثها التاريخي مع الغرب، تحديداً الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بل إنها تسعى لإيصال رسالة مفادها أن تمتين موقعها الاستراتيجي والسياسي في الشرق الأوسط يفترض أن يعتبر “كنزاً” للسياسة الغربية في المنطقة!.

يقدم الكتاب “جرد حساب” بالإنجازات التي حققتها السياسة الخارجية التركية، ونظرت إليها إسرائيل على أنها “أجراس إنذار”، ومنها:

1. تقوية النفوذ التركي في المحافل الدولية والإقليمية، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط.
2. الشراكة التركية الواضحة في حل بعض المشاكل العالقة على الساحة الدولية.
3. النمو الحاصل في الاقتصاد التركي، وظهوره كأحد الاقتصاديات العالمية الناجحة.

وقد أدت سياسة “صفر المشاكل” التركية إلى تحقيق إنجازين دبلوماسيين مهمين أزعجا كثيراً صناع القرار في تل أبيب، وهما:

‌أ. التقارب التركي السوري بعد سنوات من العداء المعلن، والذي اقترب في بعض الأحيان إلى حد إعلان الحرب.
‌ب. “الاختراق” الذي حصل في القضية الأرمنية، والتوقيع على بعض البروتوكولات الثنائية التي قد تفتح الحدود بين البلدين.
في المقابل، يطرح الكتاب سؤالاً: ما دامت السياسة الخارجية التركية تسعى إلى توثيق علاقاتها في المنطقة، ما الذي اختلف عند إسرائيل؟ ولماذا يبدو الأمر كما لو أنه تصعيداً سياسياً تركياً موجهاً ضد إسرائيل؟.

تؤكد المؤلفة أنه بخلاف عقد التسعينات من القرن العشرين، الذي شهد “عصراً ذهبياً” لعلاقات البلدين، فقد طرأ تغير ملموس على المصالح الثنائية بينهما، وحدثت تغيرات جوهرية في سياستهما الخارجية معاً، لأسباب داخلية وخارجية، وأسفر في النهاية عن نشوب عدد من الأزمات الدبلوماسية خلال السنوات الأخيرة، تم تتويجها في حادثة الأسطول في عرض البحر المتوسط! مع التأكيد على عدم رغبة أنقرة بقطع علاقاتها الدبلوماسية نهائياً مع تل أبيب.

عضوية الناتو… تحدٍّ لإسرائيل

يشير الكتاب إلى العلاقات الوثيقة التي تربط تركيا بحلف الناتو، حيث تمتلك ثاني أكبر جيش في الحلف، ما يعتبر تحدياً حقيقياً لتل أبيب إذا ما حاولت التحرش أكثر بأنقرة!.

ولذلك ليس من الأكيد بعد، بنظر المؤلفة، أن يتعاطى الغرب كثيراً برغبة إسرائيل بمعاقبة تركيا، لا سيما وأن الأخيرة تمتلك بموقعها الاستراتيجي والجيو-سياسي أهمية استثنائية لدى قيادة الحلف، ولا تجد بديلاً عنها في قدرته على الإطلال بصورة كافية على منطقة الشرق الأوسط!.

ولذلك، ينظر في إسرائيل بعين الاستغراب إلى موقع تركيا في الحلف، وفي الوقت ذاته قدرتها على أن تقول “لا” كبيرة للولايات المتحدة حين قررت احتلال العراق في عام 2003، وعدم السماح لها باستغلال مجالها الجوي!.

أكثر من ذلك، فإن المراهنة الإسرائيلية تأخذ في التراجع إذا ما قررت عزل تركيا، في ضوء المباحثات الجارية -ولو كانت بطيئة- بين أنقرة وبروكسل على انضمام الأولى إلى النادي الأوروبي، لكن أوروبا ما زالت على ثقة بأن تركيا لا يجب أن تذهب بعيداً في تحالفاتها الجديدة، ما يعني وضع مزيد من “الكوابح” على إبعادها كلياً، وهو ما قد يفقد تل أبيب ورقة إضافية!.

“اقتحام” الملعب الإسرائيلي

يتناول الكتاب أبرز الملفات السياسية التي اعتبرتها إسرائيل “اقتحاماً” تركياً غير منسق معها، ومن أهمها المواقف التركية المنحازة للفلسطينيين، وتحديداً عقب اندلاع الانتفاضة الثانية أواخر سنة 2000.

وقد رفعت أنقرة وتيرة الانحياز للفلسطينيين مع فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية أوائل سنة 2006، وكانت أول دولة في العالم تدعو قيادة حماس لزيارتها! الأمر الذي اعتبرته تل أبيب تجاوزاً لخطوط حمراء كثيرة!.

أكثر من ذلك، أخذت العلاقات تتدهور مع انفجار حرب لبنان الثانية في تموز/ يوليو 2006، ثم حرب الرصاص المسكوب في كانون الأول/ ديسمبر 2008، ومع ذلك، فقد استطاعت الحكومات الإسرائيلية السابقة “امتصاص” نقمة الغضب التركي، وبقيت العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين على ما هي عليه.

سيناريوهات متوقعة

يتوقع الكتاب أنه في ضوء السياسة الخارجية التركية، فإن الوقائع السياسية الحاصلة في المنطقة ستجعل من أنقرة تسير وفق سيناريو من اثنين على النحو التالي:

1. تقوية سياسة الحوار الإقليمي، وتمدد نفوذ تركيا في المنطقة:
وينبع هذا السيناريو من فرضية استمرار “أوغلو” في منصب وزير الخارجية، وكونه يحظى بدعم كامل من قبل رئيس الحكومة “أردوغان”، والتقدير الذي يناله من الجمهور التركي.
هنا لا بد أن نلحظ البعد الأيديولوجي الذي يحرك رغبة تركيا في تقوية علاقاتها الإقليمية، تحديداً مع العرب، ولذلك ليس وارداً أن يتنازل عنها، وهو ما قد يعني أن يعود الإسلام كجزء محوري في إدارة السياسة الدولية.

وبالمناسبة، فإن تركيا تجد نفسها رابحة من هذا السيناريو على مختلف الأصعدة: الاقتصادية والسياسية والدولية والإقليمية.

2. الانسحاب التركي، والاهتمام بالمشاكل الداخلية:
يستبعد الكتاب حدوث هذا السيناريو إذا ما بقيت الأمور على ما هي عليه، في ضوء اعتبارات تركية داخلية وخارجية، ويضيف إليها مصالح غربية وأمريكية ترغب بأن تبقي تركيا على علاقاتها مع حركة حماس مثلاً، بحيث يمكن في بعض الحالات إجراء مفاوضات معها عبر “قناة خلفية” ممثلة في تركيا!.

ومع ذلك، قد تجد تركيا نفسها في مواجهة حملات تشكيك عربية، لا سيما من مصر والسعودية، من أن مواقفها السياسية الأخيرة نابعة من رغبتها باستعادة طموحاتها العثمانية زمن الإمبراطورية الزائلة!.

التمسك بتركيا

تبدي الدراسة قناعتها أن السياسة التركية الحالية، بالرغم من حالة شبه القطيعة السائدة مع إسرائيل، إلا أنها تحقق اختراقات مهمة: سياسياً، واقتصادياً واستراتيجياً، وهو ما يتطلب من صانع القرار الإسرائيلي التنبه لها، وعدم المضي قدماً بسياسة رد الفعل في ظل حالة العصبية الزائدة!.

في المقابل، يجب على إسرائيل أن تنظر إلى أن الحزب الحاكم في تركيا، لم يعد حزباً منبوذاً ملاحقاً كما في السابق، بل إنه حزب قوي يكتسح الشارع التركي، وربما حقق من مواقفه الأخيرة المناهضة لإسرائيل دعماً شعبياً منقطع النظير، والدليل على ذلك أنه استطاع خلال الانتخابات الأخيرة في 2007 تشكيل حكومة لوحده دون اللجوء إلى ائتلافات حزبية!.

أكثر من ذلك، لئن كانت تل أبيب تلعب في الماضي على عمق علاقاتها الاستراتيجية مع المؤسسة العسكرية التركية، فإن ذلك العهد انقضى إلى غير رجعة، في ظل حالة الضعف التي تعتري الجيش، وقدرة رئيس الحكومة التركية “رجب طيب أردوغان” على “ت

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات