السبت 04/مايو/2024

قبها: جنازير الاحتلال داست حصانتنا الدبلوماسية

قبها: جنازير الاحتلال داست حصانتنا الدبلوماسية

أكد وزير الأسرى السابق المهندس وصفي قبها أنَّ المعاملة السيئة التي ينتهجها الاحتلال الصهيوني مع الأسرى الفلسطينيين لا تختلف على الإطلاق عن معاملة الوزراء والنواب المختطفين؛ الذين ديست حصانتهم البرلمانية بجنازير الدبابات الصهيونية، واصفًا الاحتلال بالنازي الذي لا يأبه للقوانين التي وقَّع عليها، والتي دائمًا ما يتنصَّل منها ويتنكَّر لها.

وصرَّح الوزير المحرَّر في حوارٍ له مع “الحملة الدولية للإفراج عن النواب المختطفين” اليوم الأربعاء (28-4) بأن قوات الاحتلال هدَّدته في وقتٍ سابقٍ بإعادة اختطافه في أية لحظة إن قام بأي نشاط داخل الأراضي الفلسطينية، مؤكدًا أن مثل هذا التهديد لن يُخيفه، ولن يمنعه من مواصلة أهدافه في مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المشروعة؛ من إعلامية وسياسية وغيرهما.

وشدَّد قبها على أنَّ قضية الأسرى الفلسطينيين هي قضيةٌ دينيةٌ تستوجب من العالمين الإسلامي والعربي والفلسطيني أن يقوم كل بدوره تجاهها؛ “ففي الإسلام لا يجوز أن يبقى أسير واحد حتى لو استنفد ذلك كل خزينة الأمة”.

وأضاف الوزير السابق أن القضية أيضًا أخلاقيةٌ وإنسانيةٌ لدى المؤسسات الدولية؛ الذين يقع عليهم مهمَّة حماية الشعب الفلسطيني، وتطبيق البروتوكول الدولي على الأسرى الفلسطينيين، واتخاذ موقف من الكيان الصهيوني الذي ينتهك هذه القوانين والمواثيق.

فكان هذا الحوار:

* حدِّثنا عن ظروف اعتقالك، وكيف تصف تجربتك الاعتقالية؟

** لا شك أن الاعتقال كان سياسيًّا بامتياز، فلم تكن هناك “تهمة” مُوجَّهة إليَّ، وإنما كان القاضي يصر على أن هناك ملفًّا سريًّا يتم احتجازي بناءً عليه، فطلبت من القاضي أن يحاكمني على هذا الملف السري، فقال: “لا أستطيع”، وهذا دليلٌ واضحٌ على أن الاعتقال كان سياسيًّا بامتياز.

في الحقيقة الظروف الاعتقالية صعبة جدًّا، وخصوصًا عندما يجتمع ألم القيد مع ألم الجسد، في ظل حملة شعواء من مصلحة السجون “الإسرائيلية” على الأسرى الفلسطينيين؛ فهي يحاولون على الدوام انتزاع الإنجازات التي حققها الأسرى على مدى سنين طويلة في الماضي، ودفعوا ثمنها بلا شك شهداء ودماء وإضرابات عن الطعام.

* كيف ترى الظروف المعيشية للأسرى وقد كنت تعيش هذه المعاناة وأنت بينهم؟

** لا شك أن مصلحة السجون “الإسرائيلية” دائمًا تحاول قهْر الأسرى الفلسطينيين وإذلالهم وامتهان كرامتهم من خلال عدة طرق؛ فمثلاً هناك الملف الطبي؛ حيث لا يقدَّم العلاج المناسب في الوقت المناسب؛ فهناك من الأسرى مَن بحاجةٍ إلى عملية جراحية بسيطة، إلا أنه يضطر إلى الانتظار سنة أو سنتين حتى يستطيع إجراءها؛ فالسياسة التي ينتهجها الاحتلال في تقديم العلاج إلى الأسرى: أن يبقى الأسير الفلسطيني بألمه، وفي نفس الوقت يحرص على ألا يُتوفَّى أو يُستشهد هذا الأسير داخل المعتقل.

كما أن هناك ابتزازًا ماليًّا بحق الأسرى؛ حيث إن أية حركة يقوم بها الأسير يتم فرض عليها غرامية مالية باهظة، والأهالي هم من يتحمَّلونها، ناهيك عن أن جودة الغذاء والطعام المقدم من مصلحة السجون ليست بالكم ولا بالنوعية المناسبة؛ ما يضطر الأسير إلى شراء مستلزماته من الكنتين، وهذا يثقل كاهل الأهل والأسير معًا، ويؤكد محاولة الاحتلال قهر الأسير وإذلاله، فضلاً عن ابتزازه بعدم السماح له بإدخال ملابس صيفية أو شتوية؛ ما يضطره إلى الشراء من الكنتين بأثمان مضاعفة تصل إلى أربعة أضعاف سعر السوق المحلية، بالإضافة إلى أمور أخرى مثل التنقلات في “البوسطات” الطويلة، ومعاملة ما تُسمَّى قوات “نحشون” مع الأسرى الفلسطينيين من خلال تنقلهم في السجون، أو من خلال نقل الأسرى بين السجن والمحاكم العسكرية.

* وهل كانت معاملتكم كنواب ووزراء تختلف عن بقية الأسرى؟

** لا؛ فهم لا يحترمون لا الوزير ولا النائب ولا كبار السن؛ فحتى كبار السن أمثال النائب حامد البيتاوي الذي يبلغ من العمر 75 عامًا هو والحاج أحمد علي -وكلاهما نائبان تشريعيان- لم يراعوا على الإطلاق كِبَر سنهما.

أذكر قصة حقيقية شهدتها عندما تم وضع القيود في يدَيْ الشيخ البيتاوي ورجلَيْه، وعندما تم وضع القيود في رجليه طلب منه السجان أن يخلع حذاءه وجوربَيْه حتى يتم التفتيش، وعندما انتهى السجان من ذلك طلب منه ارتداء الجوربَيْن والحذاء وهو مقيد اليدين والرجلين؛ مما أربك الشيخ فلم يستطع القيام بذلك، فحاولت أن أساعده، إلا أن قوات الأمن دفعتني أرضًا ولم تسمح لي بمساعدة الشيخ في ارتداء جوربَيْه وحذائه.

هذه المعاملة السادية النازية تدل على أن الاحتلال لا يراعي حتى كبار السن، ولا يراعي لا وزيرًا ولا نائبًا؛ الكل عندهم سواء كأسرى؛ علمًا أن الأسير الفلسطيني أيًّا كان موقعه لا يسمح للاحتلال بأن يميزه عن باقي إخوانه الأسرى، وهذا يؤكد أن الأسرى يعانون نفس القيد في نفس الظروف القاهرة.

* في هذا السياق سيدي الوزير.. أود السؤال عن الحصانة البرلمانية: أين موقعها من كل هذه المعاناة؟

** الحصانة البرلمانية ديست بجنازير دبابات الاحتلال؛ وذلك عندما اختطفوا الوزراء والنواب، غير آبهين بكل الالتزامات والحصانات والمواثيق الدولية التي وقَّع عليها ودائمًا ما يتنصَّل منها ويتنكَّر لها.

* في ظل هذه المعاناة التي يعيشها الأسرى.. حدثنا عن إضرابهم المفتوح ومطالبهم؟

** الإضراب المفتوح عن الطعام الذي ينتهجه الأسرى هو محاولة للضغط على الجهات “الإسرائيلية” لإجبارهم على السماح لأهالي غزة بزيارة أبنائهم في السجون “الإسرائيلية”؛ حيث إن هناك 700 – 750 أسيرًا غزيًّا في سجونها، كذلك هناك محاولة من الإخوة الأسرى لإجبار الاحتلال على إلغاء سياسة العزل الانفرادي كليًّا، مثل الشيخ جمال أبو الهيجا الذي مضى على عزله سبع سنوات، بالإضافة إلى وقف سياسة الإذلال وامتهان الكرامة للأهالي، خاصة على الحواجز خلال زيارتهم لأبنائهم؛ حيث تستغرق الرحلة حوالي 18 ساعة لزيارة أبنائهم، بما يعادل 45 دقيقة أو نصف ساعة حسب السجن.

* سياسة الاعتقال المتجدد سياسة صهيونية شكَّلت مرحلة مهمَّة في حياة الوزير قبها حتى الإفراج عنك.. هل مورس بحقك تهديدات بهذا الشأن؟

** نعم.. هُدِّدت بهذا الشأن؛ فقبل الإفراج بحوالي شهر استدعيت من قِبَل المخابرات الصهيونية، وقالوا لي: “يكفيك سجونًا واعتقالات، ونحن جاهزون في أية لحظة لإعادتك إلى السجن إذا قمت بأي نشاط”.. بمعنى آخر كان هذا تهديدًا مبطنًا بأننا لن نسمح لأي أحد بأن يمارس أي نشاط، حتى داخل أراضي “السلطة الفلسطينية”، وهذا طبعًا لا يخيفنا على الإطلاق.. نحن نَعِد أبناء شعبنا الفلسطيني بأننا سنبقى نقاوم الاحتلال بكل الوسائل المشروعة والمتاحة: الإعلامية والسياسية وغيرهما، حتى ينجليَ هذا الاحتلال عن أرضنا الفلسطينية، وتعود الأرض الفلسطينية كاملة إلى السيادة الفلسطينية.

* كيف كنتم تتواصلون مع العالم الخارجي؟ وهل كان هناك تضييقٌ من قوات الاحتلال ومنعٌ لمقالاتك التي كانت تصف الأوضاع المعيشية للأسرى؟

** كنا نتواصل مع الخارج عن طريق محطات الراديو؛ فكان كل أسير يتابع محطة معينة على مدار اليوم على شكل “شفتات”، ومن ثم صياغة الأخبار التي تصلنا، وبعد حصاد يوم كامل نستطيع فرز هذه الأخبار والتعليق عليها، ومن ثم البدء بكتابة التصريحات الصحفية المطلوبة.

أما عن كيفية إخراج مقالاتي إلى الخارج فهي طريقة معقدة لن أدخل في تفاصيلها، إلا أن الاحتلال قام عدة مرات بتفتيش “البرش” الذي أعيش فيه، وفي إحدى المرات صادر مقالين أو أكثر إلى جانب الكتب، فاضطررت إلى إعادة صياغة بعضها، إلا أن بعض المقالات التي تخص نواب الشرعية الفلسطينية لم أُعد صياغتها بعد.

حقيقة.. دائمًا ما تداهم مصلحة السجون “الإسرائيلية” غرف الأسرى وتفتش عن المخطوطات والأوراق، وتصادر كل ما هو مخطوط بحجة الأمن، مع العلم أنني تحدثت معهم وقلت إن ما أكتبه ينشر، ويمكنكم الاطلاع عليه منشورًا، إلا أنهم دائمًا يحاربون القلم الفلسطيني، ويريدون من الأسير أن يعيش في حالة من الإحباط والكآبة، وألا يمارس واجباته تجاه أبناء الشعب الفلسطيني، سواء داخل السجن أو خارجه.

* رسالة يحملها الوزير قبها من سجون الاحتلال إلى المجتمع الفلسطيني والدولي؟

** أقول في البداية إن قضية الأسرى الفلسطينيين قضية دينية تستوجب من العالمَيْن الإسلامي والعربي والفلسطيني أن يقوم كلٌّ بدوره تجاهها؛ ففي الإسلام لا يجوز أن يبقى أسير واحد حتى لو استنفد ذلك كل خزينة الأمة؛ لذلك عندما نرى الأسير البرغوثي يدخل عامه الثالث والثلاثين في الأسر، فهذا أمر مؤسف ومحزن، بل وصمة عار في جبين الأمتين العربية والإسلامية، وفي جبين الفصائل الفلسطينية جميعًا.

الأمر الآخر: أود أن أوجِّه رسالة وحدة وتلاحم؛ حيث إن الأحداث الفلسطينية الخارجية انعكست ظلالها على الداخل، ومن ثم حصل هناك بعض الانقسام؛ حيث يعيش كل قسم وحده؛ الأمر الذي يستدعي حقيقة من هذه الأمة والشعب الفلسطيني أن تكون هذه القضية الوطنية بامتياز لديه.

كما أنها قضية أخلاقية وإنسانية لدى المؤسسات الدولية التي يقع عليها مهمة حماية الشعب الفلسطيني، وتطبيق البروتوكول الدولي على الأسرى الفلسطينيين، واتخاذ موقف تجاه الكيان الصهيوني الذي ينتهك هذه القوانين والمواثيق.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات