السبت 04/مايو/2024

البرادعي: إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة

البرادعي: إسرائيل لا تفهم إلا لغة القوة

أكد الدكتور محمد البرادعي المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية وأبرز المنافسين على منصب الرئاسة في الانتخابات المصرية 2011؛ أن القضية الفلسطينية تعيش الآن أسوأ حالاتها/ خاصة في ظل التوحُّش الصهيوني ضد المقدسات الإسلامية، وتوسيع عملية “الاستيطان” في القدس، وبناء المعابد الصهيونية، بالإضافة إلى حالة الضعف التي يعيشها الجانب الفلسطيني بسبب الانقسامات.

وشدد البرادعي، في حوارٍ خاصٍّ لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” اليوم الإثنين (12-4)، على أن “شعبًا يعيش في ظل هذا التصعيد “الإسرائيلي” والحصار المفروض عليه، ليس أمامه سوى تبنِّي خيار المقاومة بكل أشكالها؛ لأن المقاومة حقٌّ مشروعٌ وفق كافة القوانين للشعوب التي تقع تحت طائلة الاحتلال”.

وأضاف الدكتور البرادعي أن الاحتلال الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوة، “وإذا تبنَّى العرب خيار التفاوض يجب أن تكون هناك قوة وأساليب ردع خلف مسار التفاوض لحماية ظهره، لكن “إسرائيل” تعلم جيدًا أنه في ظل انقسام الجانب الفلسطيني، وتراخي العرب عن قضية القدس وفلسطين، فلها الحق بأن تروح وتغدو بعملية السلام كيفما تشاء”، معتبرًا في الوقت ذاته أن عملية السلام باتت كنكتة سخيفة؛ “فنحن نتحدث عنها منذ 20 عامًا، وكل ما نراه لا يحقِّق التقدُّم في القضية الفلسطينية”.

ووصف البرادعي ما تُسمَّى “المفاوضات غير المباشرة مع الجانب الصهيوني”، والتي جاءت بقرارٍ عربيٍّ؛ بأنها “عبثية”، وقال: “هذه المفاوضات باتت أشبه بالعبث، تقوم به واشنطن، خاصة بعد صدور تصريحات من جهتها بأن يتم تجميد “الاستيطان” حتى الانتهاء من إجراء تلك المفاوضات”.

وفي سياقٍ آخر أعرب البرادعي عن اعتقاده أن قضية “الجدار الفولاذي” باتت تمثل إساءة لسمعة مصر، “خاصة أنه (الجدار) بات أشبه بالمشاركة في حصار غزة التي باتت أكبر سجن في العالم نتيجة الحصار المفروض عليها” مبينًا أن الحل المنطقي لتلك القضية هو غلق الأنفاق وفتح المعابر وإنشاء منطقة حرة في رفح يتسوق فيها الفلسطينيون، ثم يعودون إلى غزة مرة أخرى.

فإلى تفاصيل الحوار:

* بدايةً.. كيف تنظر إلى القضية الفلسطينية وما يدور حولها من تبنِّي فريقٍ خيارَ التفاوض وتبنِّي فريقٍ آخر خيار المقاومة؟

** لا شك أن القضية الفلسطينية تعيش الآن أسوأ حالاتها، خاصة في ظل التوحُّش الصهيوني ضد المقدسات الإسلامية وتوسيع عملية “الاستيطان” في القدس، وبناء المعابد الصهيونية، والتي كان آخرها “كنيس الخراب” الذي سيجلب الخراب على رؤوس الصهاينة، بالإضافة إلى أن حالة الضعف التي يعيشها الجانب الفلسطيني بسبب الانقسامات بين “فتح” و”حماس” دفعت الجانب “الإسرائيلي” إلى التمادي في عدوانه على الأراضي وعلى الشعب الفلسطيني، واستمراره في عملية التهويد، ولا شك أن شعبًا يعيش في ظل هذا التصعيد “الإسرائيلي” والحصار المفروض عليه، ليس أمامه سوى تبنِّي خيار المقاومة بكل أشكالها؛ لأن المقاومة حقٌّ مشروعٌ وفق كافة القوانين للشعوب التي تقع تحت طائلة الاحتلال.

* لكن “السلطة الفلسطينية” تتبنَّى خيار التفاوض، خاصة بعد المباركة العربية التي دفعت نحو إجراء مفاوضات سلام غير مباشرة مع “إسرائيل”؟

** بدايةً.. يجب أن نعلم أن “إسرائيل” لا تفهم إلا لغة القوة، وإذا تبنَّى العرب خيار التفاوض فيجب أن تكون هناك قوة وأساليب ردع خلف مسار التفاوض لحماية ظهره، لكن “إسرائيل” تعلم جيدًا أنه في ظل انقسام الجانب الفلسطيني وتراخي العرب عن قضية القدس وفلسطين، فلها الحق بأن تروح وتغدو بعملية إسلام كيفما تشاء، ولا أحد ينكر أن “إسرائيل” أحد أسباب التوتر في المنطقة العربية دون شك؛ فمنذ عام 1948 لم يكن لدى العرب هدفٌُ ولا رؤيةٌ محددةٌ في التعامل مع “إسرائيل”، سواءٌ بالحرب أو السلام، حتى وصلنا إلى تصفية القضية الفلسطينية.

وأذكر أني قرأت مقالاً لكاتبٍ “إسرائيليٍّ” يُدعَى “إيفي شليم”؛ صوَّر القضية الفلسطينية بشخصَيْن يتنازعان على تقسيم “بيتزا”؛ أحدهما ينظر في كيفية التقسيم، بينما يستمر الآخر في الأكل.

وللأسف.. عملية السلام باتت كنكتةٍ سخيفةٍ؛ فنحن نتحدَّث عنها منذ 20 عامًا، وكل ما نراه لا يحقِّق التقدُّم في القضية الفلسطينية.

مفاوضات عبثية

* كيف تنظر إذن إلى ما أقرَّه العرب من إجراء مفاوضات غير مباشرة مع “إسرائيل” لمدة أربعة أشهر؟ وكيف ترى تأثيرها في مستقبل القضية الفلسطينية؟

** هذه المفاوضات باتت أشبه بالعبث تقوم به واشنطن، خاصة بعد صدور تصريحات من جهتها بأن يتم تجميد “الاستيطان” حتى الانتهاء من إجراء تلك المفاوضات.

وإذا نظرنا في بداية القضية، فقد كانت الدولة الفلسطينية تقوم على 44% من الأراضي العربية، أما الآن فأصبحت 22% فقط، وكان حق العودة مكفولاً، أما الآن فلا يجوز لفلسطينيٍّ العودة إلى الأراضي الفلسطينية، وكانت القدس وحدة منفصلة، وأصبحت اليوم جزءًا من “إسرائيل”، وكل هذا يتم ويحدث ولا نزال نتحدث عن عملية السلام؛ فنحن ننتظر أن يأتي المخلص ليحقِّق لنا مصالحنا، وهذا المخلص لن يأتي.

* وجدنا منك تجاوبًا ومودةً بينك وبين السيد عمرو موسى منذ عودتك إلى مصر، بالإضافة إلى زيارتك له في مقر الجامعة العربية.. كيف ترى دورة ودور الجامعة تجاه القضية الفلسطينية؟

** بدايةً.. يجب الفصل بين السيد عمرو موسى كسياسيٍّ محنكٍ -وله احترامه وتقديره- وبين دور الجامعة العربية تجاه القضية الفلسطينية؛ فالجامعة أصبحت “بنيانًا هشًّا” لا يقوم بما يجب أن يقوم به، وتعيش أسوأ حالاتها؛ فمثلاً اتفاقية الدفاع المشترك وقَّع عليها جميع الدول العربية عام 1950، إلا أن هذا لم يمنع العرب من محاربة بعضهم البعض، ولم يفرض تعاونًا في صد العدوان عن المنطقة ضد أي تهديدٍ خارجيٍّ، بالإضافة إلى غياب جميع فرص التكامل والتعاون السياسي والاقتصادي بين دول الجامعة.

إن المسؤولية لا تقع على عاتق الجامعة، إنما الأزمة تكمن في الدول الأعضاء، وأرفض الزج بـ”عمرو موسى” كسبب في ذلك؛ لأنه يقوم بما يستطيع، ومع ذلك هو أقل القليل؛ فالدول العربية أصبحت تشكل عبئًا على العالم الخارجي؛ لأنها لا تضيف شيئًا إلى الحضارة الإنسانية، ولا تزال تتحدث لغة العصور الوسطى وتميِّز بين الأديان، فنقول: هذا شيعي وهذا سني وهذا كردي، وهي لغة تجاوزها العالم منذ قرون.

أما عن علاقتي بالسيد عمرو موسى فهي وثيقة الصلة؛ فقد تربَّيْنا معًا في وزارة الخارجية، وتشاركنا معًا مكتب المرحوم إسماعيل فهمي وزير الخارجية المصري الأسبق، إلا أن هذا لا يمنعني أن أختلف معه سياسيًّا، ولكنه خلافٌ لا يفسد للود قضية.

لا تعارض

* أثار البعض قضية تهديد غزة للأمن القومي المصري، وأن بناء “الجدار الفولاذي” يأتي في إطار حرص النظام على الأمن القومي المصري.. ما رأيك؟

** من حق أية دولة أن تدافع عن أمنها القومي دون الإخلال بمسؤوليتها نحو المجتمع الإنساني، ولا أرى تعارضًا بين الأمن القومي المصري ووفائها بمسؤوليتها في تقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة، وفى رأيي.. المجتمع الدولي كله خذل غزة.

* النظام المصري يرفض لجوء الفلسطينيين إلى حفر الأنفاق في ظل استمرار الحصار المفروض على غزة وبناء “الجدار الفولاذي”.

** أعتقد أن قضية “الجدار الفولاذي” باتت تمثل إساءة لسمعة مصر، خاصة أنه بات أشبه بالمشاركة في حصار غزة التي باتت أكبر سجن في العالم نتيجة الحصار المفروض عليها وأعتقد أن الحل المنطقي لتلك القضية هي غلق الأنفاق وفتح المعابر وإنشاء منطقة حرة في رفح يتسوق فيها الفلسطينيون، ثم يعودون إلى غزة مرة أخرى.

وإذا أغلقنا الأنفاق فلنفتح المعبر؛ لأنه ليس من المعقول أن نترك مليونًا ونصف المليون فلسطيني يعانون من نقص في الحياة الإنسانية؛ فإذا لم تجمعنا العروبة والدين فالفلسطينيون إخواننا في الإنسانية، لكن عادة العرب أنهم يكتفون بـ”الفرجة” في كل القضايا؛ بما فيها القضية الفلسطينية؛ حيث لا تمثيل لهم حتى في “الرباعية الدولية” المعنية بالقضية الفلسطينية.

حرب غزة والأسلحة المُحرَّمة

* ارتكب العدو الصهيوني العديد من المجازر أثناء حرب غزة -أنتم كخبيرٍ في القانون الدولي كنت مسؤولاً عن وكالة الطاقة الذرية- ما تقديرك لاستخدام “إسرائيل” الأسلحة المحرمة، خاصة أنها روَّجت أنها كانت تدافع عن نفسها؟

** لا شك أن الهجوم “الإسرائيلي” على غزة لا يمكن تبريره بأنه دفاعٌ عن النفس، بل إنه يتعلَّق بانتهاكاتٍ جديدةٍ للقانون الدولي، ويشكِّل جرائم حرب بحق المدنيين في غزة، كما أن كبار القادة السياسيين والعسكريين “الإسرائيليين” يتحمَّلون المسؤولية الشخصية عن تلك الجرائم، ويمكن محاكمتهـم عن طريق أية محكمة دولية أو عن طريق المحكمة الجنائية الدولية، وقد توالت النداءات الشعبية ودعوات المنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية المطالِبة بإحالة مجرمي الحرب “الإسرائيلية” في قطاع غزة إلى المحكمة الجنائية الدولية للاقتصاص منهـم على جرائمهـم الدموية المقترفة بأحدث الأسلحة المُحرَّمة دوليًّا في مجزرةٍ استمرَّت فصولها من يوم 17 كانون الأول (ديسمبر) 2008 حتى 27 كانون الثاني (يناير) 2009؛ فالأمر أصبح لا يتعلَّق بمجازر ضد فلسطينيين أبرياء، وإنما بجرائم حرب وإبادة إنسانية تستلزم تحرك كل أصحاب الضمائر الحية في العالم لمحاسبة المسؤولين عنها.

ولا يمكن لـ”إسرائيل” أن تدَّعي الدفاع عن النفس؛ لأنها هي نفسها التي انتهكت الهدنة المُوقَّعة بين الطرفين في شهر حزيران (يونيه) 2008؛ وذلك بفرضها الحصار الخانق على القطاع ورفضها القاطع والمستمر لتخفيف هذا الحصار، ورغم أن “إسرائيل” انسحبت من القطاع في العام 2005 فإنها لا تزال تسيطر على سواحل عزة وأجوائها ومنافذها البرية؛ ولذا فهي لا تزال تعتبر قوة احتلال، ويقع على عاتقها واجب حماية المدنيين في قطاع غزة.

ومن النقاط المشجعة، والتي يمكن أن تساعد في التحرك المزمع لملاحقة “إسرائيل” ومقاضاتها، ما أقرَّه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في قراره الذي أدان فيه “إسرائيل” بسبب “الانته

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات