الأربعاء 08/مايو/2024

قاسم: حماس حقَّقت إنجازًا تاريخيًّا وأحدثت توازنًا بالساحة وأرَّقت الاحتلال خلال

قاسم: حماس حقَّقت إنجازًا تاريخيًّا وأحدثت توازنًا بالساحة وأرَّقت الاحتلال خلال

أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية الدكتور عبد الستار قاسم أن حركة المقاومة الإسلامية “حماس” تمكَّنت خلال 22 عامًا من تحقيق إنجاز تاريخي عظيم، وإحداث توازن بالساحة الفلسطينية، والمتمثل في إقامة نقطة ارتكاز في قطاع غزة، بعد أن خاضت أول حرب في مواجهة الكيان الصهيوني منذ عام 1948م على أرض فلسطين وهذا ما اعتبر إنجازًا عظيمًا.

وقال قاسم -في حوار مع “المركز الفلسطيني للإعلام” اليوم السبت (12-12)، يُنشر لاحقًا-: “تمكَّنت “حماس” من تحقيق الإنجاز العظيم، بعدما استطاعت إقامة نقطة ارتكاز لها في قطاع غزة، وبعد أن خاضت أول حرب في مواجهة الكيان الصهيوني منذ عام 1948 على أرض فلسطين”.

وأضاف أن ظهور “حماس” في الساحة الفلسطينية أحدث توازنًا بها، بعد أن كانت في السابق حكرًا على حركة “فتح”، والتي كان يديرها شخص واحد؛ هو ياسر عرفات، مؤكدًا أن دخولها أفاد وأثرى الشعب والقضية الوطنية، قائلاً: “لو لم تقم “حماس” وتوجد في الساحة الفلسطينية لتمَّ تصفية القضية الفلسطينية منذ زمن بعيد”.

وأوضح أن “حماس” نجحت في نقل المعركة من خارج فلسطين إلى داخلها، “وهذا أشدُّ ما أرَّق الاحتلال ويؤرِّقه حاليًّا، فالاحتلال عجز عن كسب الحرب ضد غزة، فاقتنع أن الأمور ستكون أكثر صعوبةً له في المستقبل”.

وتابع يقول: “المطلوب من الحركة في هذه المرحلة أن تصلب وتقوِّي نفسها من الناحية العسكرية والأمنية، وبعد ذلك من أراد من العالم الدولي التكلم والتحدث والتحاور معها فليقابلنا علنًا وليس سرًّا”، مطالبًا “حماس” بالتمسك بمواقفها وثوابت الشعب الفلسطيني؛ “فمن أراد أن يتقرَّب منها ضمن مواقفها وأهدافها وإستراتيجياتها فأهلاً وسهلاً”، فعلى “حماس” ألا تسترضي الأوروبيين لو أرادت الانفتاح عليهم”.

فإلى تفاصيل الحوار:

* أين تجد حركة “حماس” بعد اثنين وعشرين عامًا من الانطلاقة؟

** بدايةً.. أتمنَّى أن تبقى حركة المقاومة الإسلامية “حماس” حركة مقاومة، وتعمل في السر؛ لأن ذلك أكثر فعالية وديمومة لها؛ ولهذا كنت أرى ألا تقلِّد الفصائل الوطنية الفلسطينية التي فعلت وانكشفت أمام الآلاف من مؤيديِّها ومعارضيها.

ومن ناحيةٍ أخرى وجود “حماس” في الساحة الفلسطينية أحدث توازنًا فيها؛ لأنها في السابق كانت حكرًا على حركة “فتح” التي كان يديرها شخصٌ واحدٌ، ولكن بعد دخولها أصبح هناك رأي آخر على الساحة؛ ما أدَّى إلى إفادة الشعب والقضية الوطنية وإثرائهما، وربما لو لم تقم “حماس” وتوجد في الساحة لكان حريًّا تصفية القضية الفلسطينية منذ زمن بعيد.

* في رأيك.. ما الجوانب التي برعت فيها “حماس” خلال تلك السنوات السابقة وتمكنت من تحقيق الإنجازات فيها؟

** برعت “حماس” في العمليات الاستشهادية، واستطاعت الصمود في هذا الحصار الطويل المفروض على القطاع منذ عام 2007، وأن تدير أوضاع غزة الصعبة والقاسية بالشكل الصحيح؛ فالحياة على الأقل “ماشية”.

العمليات الاستشهادية التي كانت بمشاركة الفصائل الأخرى كان لها الأثر الكبير في كبح اتفاق “أوسلو” وتطبيقه على الأرض.

* تجربة الحرب والصمود تشكِّل نقطةً مهمةً في تاريخ الحركة.. كيف تقرأ هذه التجربة وتعاطي الحركة معها؟ وما الدروس والعبر التي استفادت منها؟

** “حماس” استطاعت أن تحقق إنجازًا تاريخيًّا تمثل في إقامة نقطة ارتكاز في قطاع غزة، بعد أن خاضت أول حربٍ في مواجهة الكيان الصهيوني منذ عام 1948 على أرض فلسطين، وهذا ما اعتبر إنجازًا عظيمًا؛ لأن “حماس” نقلت المعركة من خارج فلسطين إلى داخلها، وهذا أشد ما أرَّق الاحتلال ويؤرقه حاليًّا؛ لأنه لم يستطع كسب الحرب ضد غزة؛ فذلك يعني أن الأمور ستكون أكثر صعوبة له من النواحي السابقة في المستقبل.

“حماس” استفادت من تجربتها من الناحية الأمنية والعسكرية؛ فهي الآن أكثر حرصًا من الناحية الأمنية والعسكرية، وحاولت تطوير نفسها من الناحية تصنيع الأسلحة أو “تهربيها”، وقامت أيضًا بتحديث تكتيكاتها العسكرية؛ فلقد قامت بالاستفادة من تجارب “حزب الله” اللبناني.

* طالما كان هناك عمل فهناك أخطاء واردة.. أين ترى العثرات التي مرَّت بها “حماس” وعليها الانتباه إليها وتصحيحها؟ أو بمعنى آخر: المزاوجة بين الحكم والمقاومة، وهو الشعار والنهج الذي رفعته “حماس”.. إلى أي مدى استطاعت التمسك بهما وعدم التخلي عن أيٍّ منهما؟

** تقديري أن “حماس” وقعت في خطأٍ تمثل في محاولتها الجمع بين السلطة والمقاومة؛ فهذا أمر غير ممكن؛ لأن العمل بالسلطة علني بطبيعته، والمقاومة ذات طبيعة سرية، فكيف يمكن التوفيق بين طبيعة العمل السري والعلني؟! ولهذا ألحقت بها هذه المسالة أضرارًا أمنية، سواء أكان ذلك على صعيد الاحتلال أم السلطة؛ فالأمور أصبحت لديه أكثر كشفًا من قبل فاستطاع الصيد بحرية.

وأيضًا من الأخطاء التي وقعت بها “حماس” أنها لا تزال تتعامل أو تنظر إلى نفسها كقائدٍ للحركة فقط لا للشعب الفلسطيني، ولهذا قدرتها على التعاون مع الآخرين كانت ضعيفة أو رغبتها ضعيفة، وهذا أسهم في إضعاف أسهمها؛ لذا عليها الانفتاح على الآخرين، ومشاركتهم في اتخاذ القرار.

* ما بين المقاطعة الأولى والمشاركة الثانية في الانتخابات تفاوتت اجتهادات “حماس”.. كيف تقيِّم هذه التجربة؟ وما الأفضل للحركة؟

** بالنسبة للانتخابات فقد أخطأت “حماس” عندما قرَّرت خوض انتخابات “التشريعي”، وقد نصحتها بخوض انتخابات الرئاسة أو أن تدعم شخصًا تثق به من الناحية السياسية بدلاً من أن تخوض هي المعركة الانتخابية؛ لأن الرئاسة أكثر أهمية من “التشريعي”، ولكنها فعلت عكس النصيحة، وقللت من أهمية الرئاسة.

وعندما قرَّرتُ أنا الترشُّح لانتخابات الرئاسة عام 2005 وطلبت دعم “حماس” رفضت دعمي ودعمت محمود عباس، عندها قرَّرت عدم الترشح وخوض الانتخابات الرئاسية، فأخطأت حينها.

أما بالنسبة إلى أداء “حماس” في الحكومة قبل الأحداث الأخيرة فيعتمد على ردود الفعل، وكان يجب عليها اعتماد المبادرة؛ فـ”حماس” كقائدٍ للشعب عليها عدم الاعتماد على ردود فعل الآخرين؛ لعدم جعلهم يتحكمون فيها؛ فـ”حماس” أصبحت ضعيفة في مواجهة الأعمال الاستفزازية التي كانت تحصل بهدف إلهائها.

* “حماس” في غزة قوية وحاضرة، لكن في تقديرك.. كيف وضعها في الضفة الغربية؟ هل نجحت الحملة المشتركة بين السلطة والاحتلال في تفكيكها؟

** السلطة في الضفة الغربية المحتلة ضعيفة، ولم تكن تملك القدرة على الاستمرار والصمود لولا الأموال الأمريكية والأوروبية التي تُقدَّم إليها، ولكنها لم تستطع تفكيك “حماس” نهائيًّا بالضفة، ولكنها وجَّهت إليها ضرباتٍ قويةً وقاسيةً.

* بدا في الأوان الأخير بعض الحراك في شكل الانفتاح الأوروبي على “حماس”.. هل هذا يمكن أن يتسع ويتبلور؟

** تخطئ “حماس” إن انفتحت على الأوروبيين؛ فعليها ألا تحاول استرضاء الغرب، بل عليها التمسُّك بمواقفها؛ فمن أراد أن يتقرَّب منها ضمن مواقفها وأهدافها وإستراتيجياتها فأهلاً وسهلاً به.

لذ على الحركة أن تمتِّن وتقوِّيَ نفسها من الناحية العسكرية والأمنية، ثم “من أراد التكلم والتحدث معي فليقابلنا علنًا لا سرًّا”.

* علاقة “حماس” بـ”فتح” وحتى فصائل “منظمة لتحرير” آخذةٌ في التأزم.. لماذا؟ ومن المسؤول عن إفشال جهود تحقيق المصالحة؟

** أصلاً “منظمة التحرير” لم تكن تقبل أحدًا غيرها، حتى رئيس السلطة الراحل ياسر عرفات لم يكن يقبل بظهور شخصيةٍ على الساحة؛ فلم يكن من مفر لها إلا الحرب؛ فحصل انقلابٌ في انتخابات 13 شباط (فبراير) 2006 عندما قرَّر “المجلس التشريعي” الفتحاوي نقل الصلاحيات من طرف إلى آخر؛ فهذا كان انقلابًا ورفضًا للعملية الانتخابية؛ فالتوتر كان متوقعًا أن يزداد؛ فاتفاقية “أوسلو” كانت إذنًا ببدء شرارة الاقتتال الداخلي الفلسطيني.

بالنسبة إلى المصالحة الفلسطينية فأنا لا أومن بالمصالحات، بل أومن بالحساب والعقاب؛ كي يتعلم القادة الفلسطينيون احترام الدم الفلسطيني؛ فالمطلوب: هل لدينا الاستعداد أو القدرة على إنشاء جهاز للمساءلة والمحاسبة؛ فالمصالحات كثيرة منذ 1986.. نحن نقتل منذ هذا التاريخ ثم نتصالح على فنجان قهوة، ثم.. “طبيخ.. واللي مات راحت عليه”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات