الإثنين 06/مايو/2024

الخفش: المقاومة أبدت مهارة وقدرة فائقتين في إدارة ملف شاليط والصفقة الجزئية وطني

الخفش: المقاومة أبدت مهارة وقدرة فائقتين في إدارة ملف شاليط والصفقة الجزئية وطني

أكد فؤاد الخفش الباحث الفلسطيني المختص في شؤون الأسرى أن الفصائل الفلسطينية الآسرة للجندي الصهيوني غلعاد شاليط أبدت مهارة عالية وقدرة غير عادية في إدارة ملف شاليط، مشددًا على أن الإنجاز الأبرز هو القدرة على الاحتفاظ بالجندي كل هذه الفترة وفي مكان صغير جدًّا وتحت القصف والقتل، وفي المقابل هو فشل استخباراتي صهيوني كبير.

وقال الخفش الذي يرأس مركز “أحرار” لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان، في حوارٍ خاصٍّ مع “المركز الفلسطيني للإعلام”: “إن الصفقة الجزئية لإطلاق سراح 20 أسيرة مقابل معلومات عن شاليط تعتبر خطوة مهمة، ولعلها تكون بداية لإنجاز الصفقة الشاملة”، معتبرًا أنها صفقة وطنية بامتياز؛ لكونها شملت أسيرات من كل الفصائل وتيارات العمل الوطني والإسلامي، واشتملت على التوزيع الجغرافي الفلسطيني.

غير أن الباحث الفلسطيني أخذ على الصفقة الجزئية أنها لم تشمل أية أسيرة من ذوات الأحكام العالية، مثل أحلام التميمي وقاهرة السعدي، مطالبًا بعدم ترك خيار للاحتلال وحده يقرِّر من يتم الإفراج عنه؛ إذ إنه يختار أسرى اقتربت محكومياتهم من الانتهاء.

وأكد الخفش أن دخول ألمانيا على خط الوساطة لإنجاز الصفقة أحدث حراكًا قاد إلى هذه الخطوة الجزئية وصولاً إلى الصفقة الشاملة التي دعت الفصائل إلى رفع الثمن فيها وعدم تقديم أي تنازل، معبِّرًا عن الثقة في أداء المقاومة والمفاوضين، مشددًا على ضرورة أن يدفع الاحتلال ثمنًا غاليًا وأن “يرى أسرانا الحرية”.

ودعا آسري شاليط إلى الإصرار على كسر القواعد الصهيونية والتمسك بمطلب الإفراج عن أسرى الداخل والقدس المحتلة والعرب، بالإضافة إلى الأسرى القدامى وكل الأسيرات، مطالبًا برفض مبدأ إبعاد أعدادٍ من الأسرى.

وقال الخفش: “الاحتلال يريد إفشال الصفقة أو تفريغها من مضمونها بكل الوسائل لتقليل حجم الإنجاز، وموضوع “شرعنة” الإبعاد سيفتح مجالاً كبيرًا للمزايدات والتقليل من شأن الصفقة”.

وخاطب آسري شاليط بقوله: “عنوان نجاح هذه الصفقة اشتمالها على أسرى من الداخل والقدس والعرب والقدامى.. لا أمل لأسرى الداخل والقدس إلا بكم بعد الله؛ فإياكم أن تخيبوا آمالهم”.

ودعا المقاومة إلى أخذ الحيطة والحذر من تكثيف الاحتلال بحثه الاستخباراتي عن شاليط في نفس وقت المفاوضات بأمل الوصول إليه ولو جثة هامدة.

وفيما يلي نص الحوار:

* كيف تقرأ الصفقة الجزئية لإطلاق سراح 20 أسيرة مقابل معلومات عن شاليط؟

** ما حدث خطوة مهمة، ولعلها تكون بداية لإنجاز الصفقة الشاملة، وبكل تأكيد هذه صفقة وطنية بامتياز؛ لكونها شملت أسيرات من كل الفصائل وتيارات العمل الوطني والإسلامي.

غير أنه من المهم الإشارة إلى أنه -ومن خلال الاطلاع على أسماء الأسيرات المراد الإفراج عنهن- يتضح أن المدة المتبقية للإفراج عن غالبيتهن قاربت على الانتهاء، مع الإشارة في نفس الوقت إلى أن جزءًا منهن موقوفات، ويمكن أن يحكم عليهن بأحكام عالية، خاصة أن 14 منهن يتهمن من قِبَل الاحتلال بالتخطيط والشروع في عمليات قتل صهاينة.

وإذا ما نظرنا بشكل سريع إلى الأسماء وفترة اعتقالهن؛ نجد أن خمس أسيرات تم اعتقالهن خلال هذا العام من ضمن الأسماء المنوي الإفراج عنها، وأربع تم اعتقالهن عام 2008.

وأقدم أسيرة اعتقلت عام 2003، وباقٍ لها عام ونصف، وهي أم لتسعة أطفال، وهي الأسيرة زهور حمدان (44 عامًا) التي تعاني من أمراض عدة.

ولعله من مدة الأحكام المتبقية للمفرج عنهن يمكن التقدير أن المقاومة لم تكن صاحبة الخيار في الاختيار؛ لأنه -وعلى أهمية إطلاق سراح أية أسيرة- لم تخرج أي من الأسيرات من أصحاب الأحكام العالية، مثل أحلام التميمي، وآمنة منى، وقاهرة السعدي.

على أية حال على المقاومة ألا تثق في الفترة القادمة بنوايا الاحتلال، وأن تحدد هي الأسماء المراد الإفراج عنها ولا تترك ذلك للاحتلال الذي سيختار أسماء شارفت محكومياتها على الانتهاء.

وهنا أوجِّه رسالة مهمة إلى المقاومة والمفاوض مفادها ضرورة أن توضح المقاومة للألمان ضعف الأسماء المفرج عنها؛ الأمر الذي يفرض على المقاومة تحديد جميع الأسماء في باقي الصفقات وعدم ترك الأمر للنوايا الصهيونية.

عمومًا يبقى هناك في حدود 30 أسيرة فقط في سجون الاحتلال من ذوي الأحكام العالية.

* ما قراءتك لأسماء الأسيرات المقرر الإفراج عنهن والتوزيع السياسي والجغرافي وأحكامهن؟

** الصفقة موزعة بين كل الفصائل: “فتح” ثماني أسيرات، و”الجهاد الإسلامي” سبع أسيرات، و”حماس” أربع أسيرات، و”الجبهة” أسيرة واحدة، وهي الفصائل الممثلة فقط في السجون، ولا توجد فصائل أخرى لديها أسيرات؛ حيث إن المستقلات ينضوين تحت فصائل.

والصفقة تشمل غزة والضفة بأسرها: جنين ورام الله ونابلس والخليل، أما بخصوص الأحكام فجميع الأسيرات من ذوات الأحكام البسيطة نسبيًّا (أكبر الأسيرات حكمًا ثماني سنوات وباقٍ لها عام ونصف، وعدد كبير معتقل خلال العام الحالي).

في كل الأحوال نحن نبارك الإفراج عن كل أسيرة، ولكن بقيت هناك في الأسر أحلام التميمي، وقاهرة السعدي، وآمنة منى، والمحكوم عليهن بالسجن مدى الحياة، ومن دون نيل حريتهن لن يكون للصفقة أي طعم.

* هل تعتقد أن عدد الأسيرات يتناسب وثمن المعلومات عن شاليط؟

** لقد أبدت المقاومة خلال الفترة السابقة قوة كبيرة بتمسكها بمطالبها وإصرارها على الإفراج عن ذوي الأحكام العالية، وهنا أريد أن أقول من وجهة نظري -وأنا هنا لا أريد أن أضغط على المقاومة أو أحملها فوق طاقتها؛ لأن ما قامت أمر لم تستطع الثورة ولا الفصائل الفلسطينية القيام به منذ عام 85- يجب ألا نقدم أي شيء مجانًا إلى الاحتلال.

كنت أتمنى لو شملت الأسماء أسيرات مثل آمنة منى وأحلام التميمي وعبير عمرو وقاهرة السعدي، وعلينا أن ننتبه إلى أن الاحتلال اطمأن على صحة الجندي المأسور، وهو أمرُ بالغ الأهمية له.

* ما آثار تنفيذ هذه الصفقة الجزئية في باقي الأسيرات والأسرى وذويهم؟

** من كان اسم ابنته في الصفقة سيكون سعيدًا ومسرورًا بالتأكيد، ولا نستطيع أن ننسى أكثر من 30 عائلة تبكي الآن لعدم وجود أسماء أمهاتهن وبناتهن، ولكن ما أقوله خلال متابعتي يوميًّا إن موضوع الأسيرات لا خلاف عليه.

وأتوقع أن الأمر لاقى استحسانًا عند الكثير؛ لما لهذا الملف من أهمية؛ فأعراضنا التي كانت أسيرة شملها الإفراج والحمد لله، وبقي جزء نتمنى ألا يطول بقاؤهن.

* هل من دلالات معينة لإنجاز هذه الصفقة الجزئية بعد دخول الوسيط الألماني على خط الوساطة؟

** أستطيع أن أقول وأفخر بأنني ومنذ أسر شاليط كنت أول من طالب وذكَّر بضرورة تدخل الوسيط الألماني؛ لما لهذا الوسيط من تجربة وثقل وقوة وخبرة؛ فهو من قاد المفاوضات عام 85 مع أحمد جبريل، وهم من توسَّط مع “حزب بالله” وأنجز صفقاته؛ فهم أصحاب الدبلوماسية الأكثر تميزًا في هذا الصدد؛ لذلك طالبت من البداية بضرورة تدخل الألمان، وكان ما كان.

وبخصوص الدلالات فالوسيط الألماني يهدف إلى أمر واحد؛ هو كسر الجليد المفروض على الصفقة منذ أكثر من ثلاثة أعوام، وهو بذلك يهدف إلى تحريك العميلة وتطمين “إسرائيل” التي تتلكأ وتتحجَّج بعدما استملت في صفقة “حزب الله” جنودها رفاتًا في أكياس، فكانت هذه المبادرة.

* مقارنةً بصفقات التبادل السابقة وتعقيدات المفاوضات الحاليَّة.. ما تقييمك لأداء الفصائل الآسرة لشاليط؟ أين نجحت أين فشلت؟

** الفصائل أبدت مهارة عالية وقدرة غير عادية في إدارة هذا الملف، وهذا واضح من خلال عدة أمور؛ أهمها استطاعتها الاحتفاظ بالجندي كل هذه الفترة وفي مكان صغير جدًّا وتحت القصف والقتل.. هذا إنجاز يُسجَّل، وفشل استخباراتي صهيوني كبير.

أمر آخر: الكيان الصهيوني يعتبر نفسه أخطأ بشكلٍ كبيرٍ وفادحٍ لما وافق على صفقة 85، وسعى إلى عدم تكرار ذلك الخطأ، وسيكون في ورطة إذا أفرج عن أسرى قتلوا عشرات الصهاينة، ويتذكر أن صفقة عام 85 فجَّرت انتفاضة الحجارة، فأية ثورة تلك التي ستفجرها صفقة شاليط؟

أقول: أمران مهمان يجب أن تسعى إليهما المقاومة: الأول الإفراج عن أسرى الداخل والقدس والعرب، بالإضافة إلى الأسرى القدامى وكل الأسيرات، والثاني: ألا يكون هناك إبعاد لأعداد كبيرة؛ فالاحتلال يريد إفشال الصفقة بكل الوسائل، وموضوع “شرعنة” الإبعاد سيفتح مجالاً كبيرًا للمزايدات والتقليل من شأن الصفقة.

* هل تتوقع أن تكون هذه بداية النهاية لصفقة شاليط؟

** منذ أول لحظة لتدخل ألمانيا توقعت أن يحدث انفراج، وإن لاحظ المراقب التكتيم الإعلامي السابق خلال الفترة السابقة يلاحظ أن هناك أمرًا ما يُعَدُّ له، وقد بات واضحًا من خلال إنجاز هذه الصفقة التي أرادت ألمانيا من خلالها كسر للجليد بين الطرفين، وهذا أسلوب نفهمه ونعي الغرض من ورائه، ولا تستطيع المقاومة أن ترفض كل ما يطلب منها وأن تبدي عدم مرونتها أمام وساطات ومطالب الوسيط.

لا يستطيع أحد أن يتكهن بموعد الصفقة؛ فقبل ثلاثة أعوام الكل أجمع على أنه خلال عام ستنجز الصفقة وسيفرج عن الأسرى، ولكن مر أكثر من ثلاثة أعوام والأسرى في ازدياد وشاليط مكانه بين يدي المقاومة.. تبدلت حكومتان ولم تتبدل عنجهية الاحتلال وإصراره ولا تزال المقاومة باسلة متمسكة بمطالبها.

وهنا أقول: يجب أن يكون الثمن غاليًا وغاليًا جدًّا، ويجب أن تُرفَض فكرة الإبعاد بشكل كامل الآن.

* ما رسالتكم إلى الأسرى في سجون الاحتلال؟

** على الأسرى وذويهم وعائلاتهم الصبر والتحمُّل أكثر، ونحن على يقين أن جنديًّا واحدًا لن ينهي المشكلة، وأن المقاومة من خلال أسر شاليط لن تبيض السجون، ولكن آمال الأسرى كبيرة، وتوقعات أهاليهم كثيرة؛ لذلك يجب ألا نخذلهم.. الأسرى ا

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات