الأحد 19/مايو/2024

ندوة بعمّان: الأردن يتجه لعلاقة استراتيجية أو تفاهمات مع حماس

ندوة بعمّان: الأردن يتجه لعلاقة استراتيجية أو تفاهمات مع حماس

قال أكاديميون وسياسيون أردنيون إنّ الأردن يتجه لبناء علاقة استراتجية أو تفاهمات مرحلية مع حركة المقاومة الإسلامية “حماس”. جاء ذلك في حلقة نقاشية نظمها مركز دراسات الشرق الأوسط بعمّان، بعنوان “علاقات حماس والأردن، الفرص والتحديات” بمشاركة نخبة سياسية وحزبية وإعلامية أردنية.

وأكد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، جواد الحمد، في النقاش أهمية القضية الفلسطينية استراتيجياً لدى الأردن، إذ شكّلت القضية وتداعياتها عاملاً أساسياً في صياغة سياسة المملكة وتحالفاتها الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى ارتباط الأردن الوثيق بمخرجات القضية سواء تقاطعت تلك المخرجات مع مصالحه أو تعارضت معها.

أما مرحلياً؛ فقد فرضت كثير من المعطيات على صانع القرار الأردني إعادة قراءة الواقع السياسي في المنطقة، سواء بسبب تغيّرات في النظام الدولي أو تزايد أهمية “حماس” وقوتها ونفوذها سياسياً وأيديولوجياً واجتماعياً وأمنياً، أو بسبب تراجع الأطراف الأخرى على الساحة الفلسطينية أمامها، الأمر الذي دفع صانع القرار الأردني إلى إعادة قراءة علاقاته الإقليمية ودروه فيها، ولذلك بادر إلى دعوة حركة “حماس” إلى حوار مباشر لإعادة تنظيم العلاقة وترتيبها وبناء علاقات جديدة تقوم على تحقيق المصالح الإستراتيجية المشتركة.

وأكد الحمد أنّ ثمة مصالح متبادلة عديدة بينهما أهمها حماية الأردن وكيانه واستقلاله من مشروع “الوطن البديل”، أو الخيار الأردني لتصفية القضية الفلسطينية.

تحوّلات دولية وإقليمية مؤثرة على الواقع الأردني والفلسطيني

وبشأن التحولات الدولية والإقليمية المؤثرة استراتيجياً على الواقع الأردني والفلسطيني؛ أكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور صبري سميرة، تراجع سياسات الولايات المتحدة في المنطقة، وعدم قدرتها على الاستمرار في التأثير على صانعي القرار في أنظمة الإقليم. كما أشار صبري سميرة إلى التراجع الملحوظ للكيا الصهيوني سياسياً وأمنياً وعسكرياً في عدة منعطفات، الأمر الذي دفع ما يسمى دول “الاعتدال العربي” إلى البحث عن ضمانات للاستقرار غير ما يسمى بالضمانات الأمريكية.

وأشار الأكاديمي إلى أنّ صمود “حماس” في قطاع غزة و”قدرتها على مواجهة المؤامرات، وقدرتها على ضبط الأمور في القطاع بمواجهة الحصار وفرض الأمن والاستقرار الاجتماعي؛ شجّعا الأردن على إعادة النظر بتنظيم التغييرات في الساحة الفلسطينية”. وأضاف أستاذ العلوم السياسية أنه “على الصعيد المحلي شكل تزايد التوتر بين الحكومة الأردنية والمعارضة بعد الانتخابات البلدية والنيابية عاملاً مهماً لدفع صانع القرار الأردني إلى البحث عن مصالحه وحفظ استقراره، لا سيما أنّ الأردن دولة محورية في الصراع العربي- الإسرائيلي وتشكل حركة حماس عموداً”، حسب عرضه.

تزايد التأييد لـ”حماس” فلسطينياً

وفيما يتعلق بتزايد أهمية “حماس” ونفوذها في فلسطين؛ بيّن الدكتور رائد نعيرات، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية بنابلس، أنّ “حماس” حركة “وسطية ليست متطرفة لها مكانها وحضورها السياسي على الساحة الفلسطينية وخارجها عند كثير من الشعوب العربية والاسلامية، وهي تسعى إلى التواصل مع العمق العربي والإسلامي، إضافة إلى العمق الأوروبي والروسي، مما يجعل استعدادها لإقامة علاقات مع المحيط القريب حاضراً”.

كما أكد الدكتور نعيرات أنّ “حماس استطاعت أن تدير قطاع غزة بنجاح وتحت الحصار، مما جعل وزنها السياسي يزداد على حساب الأطراف الفلسطينية الاخرى، ناهيك عن تزايد شعبيتها في الضفة الغربية، لا سيما بين النخب السياسية والثقافية، بسبب ممارسات واجراءات حكومة السلطة ورئاستها وأجهزتها التي تقودها حركة فتح”.

وبيّن نعيرات أنّ تزايد النفوذ هذا “يأتي في ظل عدم قدرة حركة فتح على حلّ مشاكلها الداخلية وتزايد الانقسامات فيما بينها، وظهور حالة الاستقواء الفتحاوي على معظم شرائح المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية، خصوصاً كوادر حماس وأنصارها، وتزايد تهديد السلم الاجتماعي، وتزايد حالة الاحتقان الاجتماعي، والتدهور الاقتصادي العام، والعجز عن تحقيق أي تقدم سياسي أو ميداني سواء على صعيد المفاوضات أو على صعيد العلاقات الفلسطينية – العربية، الامر الذي شكّل قراءة تؤكد بأنّ “حماس” هي من يستطيع صناعة المستقبل الفلسطيني الداخلي والخارجي من دون الإضرار بمصالح الآخرين أو تهديد امنهم ومستقبلهم، وهو ما لفت انتباه الأردن على ما يبدو لتعديل اتجاه مسار علاقاته بحماس”، حسب تقديره.

وعقّب فايز الشخاترة بأنّ “المسيرة الفاشلة نحو التسوية السياسية لحركة فتح كانت من عوامل تقدم حركة “حماس” وتقدم علاقة الأردن معها”.

وعقب الباحث بكلية الدفاع الوطني موسى الحديد؛ بأنّ التحول الذي جرى بين “حماس” والأردن هو “تحوّل تكتيكي”، وأنّ “الحكومة الأردنية تساير التأييد الشعبي المتزايد لحركة حماس في المملكة”، وفق رأيه.

العلاقات من حيث الدور والحاجة المتبادلين

وفي ما يتعلق بعلاقات “حماس” بالأردن من حيث الدور والحاجة المتبادلين؛ فقد أوضح الكاتب الصحفي ناهض حتر، أنّ “الحاجة المتبادلة غير مستجدة ولا انفكاك فيما بينها لأسباب سياسية وجغرافية وديمغرافية وغيرها، فالأردن معنيّ من جهة أمنه الوطني بحقوق الشعب الفلسطيني، وأهمها حق العودة، وباستقرار الداخل الفلسطيني حتى يمنع انهياره وتدفقه باتجاه الأردن، وبتحييد نفسه عن الصراعات الفلسطينية الداخلية”.

وفي المقابل، كما أضاف حتر؛ فإنّ “حماس” معنيّة أيضاً “بعمق عربي وإسلامي يبدأ من دول الجوار وأولها الأردن، ولذلك فإنّ المصالح المشتركة بين حماس والأردن تتقاطع كثيراً عند مفاصل الأمن والاستقرار والديمغرافيا ومواجهة تداعيات المشروع الصهيوني في المنطقة، والذي يهدف إلى جعل الأردن وطناً بديلاً”.

وقال حتر إنّ “الاتصالات الأخيرة (بين الأردن و”حماس”) نشأت عن ظروف داخلية أردنية أساساً، وأنّ الأردن يتفق مع حماس في مواقف سياسية تتعلق برفض مشروع الوطن البديل، وأنّ حماس جهة موثوقة يمكن الاتفاق معها على الحد الأدنى للمطالب الفلسطينية من دون خداع، ويمكن للطرفين التنسيق لإدارة الصراع في جانبه السلمي”، كما أورد في تحليله.

تأثيرات مشروع “الوطن البديل”

من جهته أكد الدكتور عصام ملكاوي، أنّ القضية الفلسطينية ومنها العلاقة مع “حماس” بحاجة إلى “حاضنة وعمق، سواء كانت دولية أو إقليمية أو محلية، وأنّ الأردن معنيّ بأن يكون حاضنة للدفاع عن القضية والدفاع عن أمنه واستقراره في الوقت نفسه، خصوصاً في ظل تسريب€ات عن مفاوضات بين أطراف فلسطينية – اسرائيلية تتحدث عن خيار الوطن البديل للخروج من عنق الزجاجة، وبين أنّ حماس والأردن- سياسياً وأيدولوجياً- يرفضان مشروع الوطن البديل، بل إنّ حماس أيضاً تسعى جاهدة – من دون غيرها من الأطراف الفلسطينية – لمواجهته والقضاء عليه في مهده”، وفق تحليله.

وبهذا؛ رأى ملكاوي أنّ ذلك “يجعل تقاطع المصالح الأردنية وحماس يزداد ويدفع تجاه بناء علاقة استراتيجية بينهما، ورغم نظرة كل منهما إلى الكيان الإسرائيلي كدولة وعلاقات، حيث يقيم الأردن معه علاقة سِلْم وصلت إلى التمثيل الدبلوماسي وفتح المكاتب، بينما تعده “حماس” دولة احتلال، والعلاقة بينهما هي علاقة حرب وعداء؛ غير أنّ الاحتمال قائم على المدى المنظور بأن تستطيع حماس الوصول إلى الحكم في فلسطين على مستوى الحكومة والرئاسة على حد سواء، مما يجعل النظام الأردني معنياً بترتيب العلاقة معها مبكراً للمحافظة على مصالحه”.

وقال ملكاوي “إنّ ثمة أسساً مهمة للعلاقة تتعلق بتبادل المنافع بين الطرفين، خصوصاً وأنّ ما يربط الأردن بحماس أكثر مما يربطها بفتح أو منظمة التحرير، وعلى الاخص فيما يتعلق برفض الوطن البديل”، على حد تقديره.

عوامل التقارب أكبر بكثير من عوامل الاختلاف

وبشأن مدى التقارب والاختلاف بين “حماس” والأردن؛ أشار الدكتور أحمد الشناق إلى أنّ عوامل التقارب أكبر بكثير من عوامل الاختلاف، إذ أنّ رؤية “حماس” الاستراتيجية تشكل حماية للاردن، وأنّ امتدادات “حماس” الدولية عبر جماعة الإخوان المسلمين العالمية هي “عمق استراتيجي لها ولكل الشعوب الإسلامية، بالإضافة إلى أنّ يد حركة “حماس” تعتبر يداً بيضاء مع الأردن دولة وشعباً، إذ لم يحدث في تاريخ الحركة أن تصارعت مع الأردن أو مع غيره من الدول. مما يدفع تجاه التقارب وبناء علاقة تقوم على المصالح المشتركة”، وفق تقديره.

واعتبر الشناق الابقاء على حالة القطيعة بين “حماس” والأردن، التي استمرت منذ 1999 حتى قبل حوالي شهرين؛ “أمراً مضرّاً بالأمن والمصالح الأردنية ومصلحة القضية الفلسطينية”، حسب استنتاجه.

محددات للعلاقة بين الطرفين

وفي نهاية الحلقة؛ أكد جواد الحمد أنّ ثمة محددات للعلاقة بين الطرفين وفي رسم سيناريوهات هذه العلاقة، تضطلع بدور مهم في تحديد نجاح المباحثات بينهما لإعادة رسم العلاقة تكتيكياً أو استراتيجياً.

وأوضح الحمد أنّ من أهم هذه المحددات: دوافع الانفتاح واسباب الحماسة لدى الطرفين، وجدية الحوار بينهما في التقدم نحو علاقات مستقرة، وقدرة “حماس” على المحافظة على الاستقرار الداخلي الفلسطيني والسيطرة على الضفة، وقدرتها على إحداث اختراقات في علاقاتها الدولية والعربية لصالح برنامجها، بالإضافة الى التقدير السياسي لدى الطرفين – “حماس” والأردن – حول طبيعة المرحلة ودور كل منهما وأهميته في تحقيق مصالحه وليس على حساب الطرف الآخر، وقدرة الأردن على بلورة علاقة جادة ومستقرة مع “حماس” بوصف الأردن الحضن الاول والعمق الاقرب لفلسطين وقضيتها.

السيناريوهات الممكنة للعلاقة

وحول السيناريوهات الممكنة فقد اشار الحمد ان الحلقة اتجهت نحو خمسة سيناريوهات، الأول: ترسيم علاقة استراتيجية، والثاني: التوصل الى تفاهمات وأسس مشتركة مرحلية، والثالث: علاقة تمنع تفاقم الخلافات، والرابع: التواصل فقط من حيث الدعوة إلى حوار وأهمية اللقاءات، أما الخامس: فإبقاء العلاقة في مستواها السابق، أي الفشل في التقدم نحو تحقيق مصالح ومكاسب لأي منهما.

وقال الحمد إنّ “السيناريو المتوقع يعتمد على حركة المحددات واتجاهاتها، إلاّ أنّ المراقبين يرون أنّ الأردن اليوم أمام اختيار صعب يتعلق بمصيره ومستقبله وأمنه الوطني، وأنّ حماس تسيطر على مفاصل أساسية في ذلك، وهي قادرة على إعاقة أي مشروع ضد الأردن، أو ضد حقوق الشعب الفلسطيني، الأمر الذي يرجح الوصول إلى ال

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات