الأحد 19/مايو/2024

بعد نجاح مهمة السفينتين .. مبادرات وتحركات جديدة آخذة في التبلور لفك عزلة غزة

بعد نجاح مهمة السفينتين .. مبادرات وتحركات جديدة آخذة في التبلور لفك عزلة غزة
بعد نجاح سفينتي كسر الحصار في الوصول إلى شواطئ غزة والعودة إلى قبرص، ازدادت الدعوات إلى مبادرات عربية ودولية لتسيير مزيد من الرحلات البحرية، وفك الحصار عن القطاع برا، خصوصا مع قرب حلول شهر رمضان المبارك.

وفي اتصال هاتفي أجراه النائب المهندس جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، بنشطاء سفينتي كسر الحصار قبيل وصولهم قبرص، أكد المتضامنون الدوليون أنفسهم عزمهم  فور الوصول إلى قبرص على العمل بهمة عالية لتسيير سفن جديدة تكسر الحصار عن غزة.

                                        الاختبار الأول

وبرأي مراقبين؛ فإن رحلة السفينتين في كسر الحظر البحري عن غزة كانت بمثابة اختبار، يمكن أن تستند إليه محاولات أخرى، وهو ما أكده أحد المتضامنين في مؤتمر صحفي عند مغادرة السفينتين شواطئ غزة في طريق عودتها، فقد قال الإيرلندي “كين” : “إن رحلتنا مجرد امتحان صغير، لنثبت أنه إذا أراد العالم والعرب التدخل ورفع المعاناة عن سكان غزة فإن باستطاعتهم ذلك”.

وبات واضحاً أن عدة مبادرات تأخذ طريقها للتشكل الفعلي، وإن ما زالت في طور المحاولات، والاختبار.

المبادرة الأولى جاءت من “اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار” في غزة التي كشفت عن مساع تقوم بها من أجل تدشين خطر بحري رسمي بين قطاع غزة وقبرص.

وقد أوضح النائب جمال الخضري، رئيس اللجنة في تصريح صحفي له، إنهم يسعون وبالتعاون مع المتضامنين الدوليين (في إطار سفينتي كسر الحصار) على تدشين خط بحري بين غزة وقبرص سعياً منهم لكسر الحصار كي يكون منفذاً جديداً لقطاع غزة على أوروبا، وذلك بالتنسيق مع السلطات القبرصية.

وأوضح رئيس اللجنة الشعبية أن “كل شيء سيكون بشكل قانوني وضمن الإطار القانوني المنظم بشكل كامل، ولن يكون هناك أي خطوة عشوائية دون تنسيق مسبق بين اللجنة الشعبية والمتضامنون، حيث سيكون عملنا مشتركاً وفي الإطار القانوني”، حسب تأكيده.

ولفت الخضري النظر إلى أن القضية ستكون على مراحل؛ بحيث سيتم العمل بالتوازي بتدشين هذا الخط بشكل كامل بالإضافة إلى ذلك سيتم تدشين بعض الرحلات مثل ما تم في رحلة كسر الحصار.

وقال: “هناك اتفاق بيننا وبين المتضامنين على أن ننسق العديد من الفعاليات المقبلة في إطار قانوني، ونحن نعمل ضمن الإطار الذي يقول أن هذه المياه إقليمية فلسطينية، ونحن سنستغل هذه المياه بما يحقق مصلحة الشعب الفلسطيني، والجانب الإسرائيلي ليس لديه أي دخل في هذا الأمر”.

                             مبادرة برلمانية مصرية براً

وجاءت المبادرة الثانية من برلماني مصري هو الدكتور حمدي حسن، عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين بمجلس الشعب، الذي حثّ كل المنظمات الحقوقية والإغاثية وأفراد الشعب المصري بكافة انتماءاتهم واتجاهاتهم بالتضامن مع دعوته للذهاب إلى الحدود يوم العاشر من رمضان القادم لكسر الحصار المفروض على الفلسطينيين وقطاع غزة منذ أكثر من عام.

وشدد النائب حسن على أن يكون رمضان بدايةً لصحوة شعبية إسلامية عربية، وأن يذهب الجميع إلى معبر رفح حاملين ما يستطيعون من مؤن وكساء ودواء.

وأضاف مخاطبًا الشعب المصري: ” يا كل المصريين.. اصنعوا من يوم العاشر من رمضان 2008م تاريخًا جديدًا لشعب مصر، وليكتب في التاريخ أنه اليوم الذي انتصرت فيه إرادة الشعب وكسر فيه حصار الأعداء عن الأشقاء رغم أنف الطغاة”.

                                  الحملة الأوربية لرفع الحصار

 

وتأتي هذه الدعوة بالتوازي مع دعوة أطلقتها الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة” في أن يكون النجاح الذي تحقق في كسر الحصار عن طريق البحر خطوة لكسر الحصار برا، فقد شدد رئيس الحملة الدكتور عرفات ماضي في تصريح له من بروكسيل يوم (28/8) على ضرورة أن تكون هذه المحاولة الناجحة “خطوة أولى في طريق كسر الحصار براً أيضاً، لاسيما عبر قيام السلطات المصرية بفتح معبر رفح الحدودي، الذي يعتبر قصبة التنفس الوحيدة للمحاصرين في قطاع غزة”.

وطالب ماضي مصر “بقرار جرئ” ينهي معاناة مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة، بقوله: “ما يتعرض له الفلسطينيون من حصار خانق يفرض تدخلاً مباشراً من جانب مصر، التي بإمكانها عملياً إنهاء هذه المعاناة بمجرد فتح معبر رفح والسماح بدخول الاحتياجات الإنسانية والطبية والغذائية وإمدادات الوقود إلى القطاع المحاصر”.

                               حملة (غزة على بالي) من اسكتلندا

ويقود هذه المبادرة ناشطون من إيرلندا من خلال تنظيم رحلتين لكسر الحصار واحدة عبر البر وأخرى عبر البحر.

فقد قال الدكتور خليل النيس، نائب رئيس الحزب الوطني الاسكتلندي منسق الحملة، في مؤتمر صحفي مشترك مع الناشطة في مجال حقوق الإنسان جانيت ليجيت في مجمع النقابة المهنية في العاصمة الأردنية عمّان بتاريخ (31/8): “إن القائمين على الحملة يعتزمون تنظيم رحلة برية من اسكتلندا إلى رفح منتصف تشرين ثاني (نوفمبر) المقبل يشارك فيها ستة أعضاء في مجلس النواب الاسكتلندي إلى جانب 34 ناشطاً حقوقياً”.

وأوضح النيس أن القائمين على الحملة البرية التي انطلقت من أمام مقر البرلمان الاسكتلندي قبل نحو 50 يوماً سينظمون رحلة بحرية ثانية إلى قطاع غزة في غضون أسبوعين بعد أن نجحت الحملة البحرية الأولى في كسر الحصار المفروض على القطاع، معرباً عن أمله في أن تتمكن الحملة من كسر الحصار الجوي على القطاع.

وعن الرحلة التي قام بها من اسكتلندا محملاً بمواد طبية في شهري (تموز وآب) الماضيين قال: “إن المشاركين في الحملة عبروا 12 دولة وصولاً إلى معبر رفح الحدودي واطلعوا على معاناة الفلسطينيين العالقين على المعبر”، مشيراً إلى أن “الحملة لن تتوقف إلى أن يتم رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في القطاع”.

وعن برنامج الحملة التي يقودها النيس، قال: “إنه والقائمين على الحملة سيبدأون الاثنين (1/9) جولة خليجية للترويج للحملة التي تحمل عنوان “غزة على بالي”، ونقل ما شاهدوه من معاناة للشعب الفلسطيني خاصة على معبر رفح الحدودي مع مصر”.

من جانبها؛ شددت الناشطة الحقوقية ليجت على ضرورة الاستمرار بتقديم الدعم للشعب الفلسطيني وتوفير الحياة الكريمة لأطفاله المحرومين من أدنى مقومات الطفولة. وقالت: “يجب عدم الاستسلام للمعيقات التي تحول دون رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني”، معربة عن دهشتها لحجم معاناة الشعب الفلسطيني على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

واستغرب مراقبون رفض السلطات المصرية في وقت غير بعيد عن كسر الحصار البحري من قبل سفينتي الحصار  السماح لشاحنة مساعدات طبية قادها الطبيب اسكتلندي من أصل فلسطيني خليل النيس من الدخول لقطاع غزة عبر معبر رفح رغم انتظارها 26 يوما بعد أن رفض الكيان الصهيوني قبل ذلك من دخولها للقطاع عن طريق معبر كرم أبو سالم.

                                أمانة في أعناق العرب قبل غيرهم

وبرأي مراقبين؛ فإن الموقف العربي على مستوى الأنظمة أو على مستوى جامعة الدول العربية، أو حتى على مستوى منظمات المجتمع المدني، صار في وضع محرج جدا لعجزه عن اتخاذ خطوات عملية لكسر الحصار عن غزة، خصوصا بعد نجاح المحاولة الأولى لكسر الحظر البحري عنها، وزاد من هذا الحرج مطالبة رئيس الحكومة الشرعية إسماعيل هنية  “الأشقاء العرب” بعد وصول سفينتي كسر الحصار إلى القطاع بأن يتحركوا حركة “جريئة وسريعة” على وقع وصول السفينتين إلى غزة “ليتخذوا ويترجموا القرارات التي صدرت عن الجامعة العربية لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة”.

ووجه هنية دعوة مفتوحة إلى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزراء الخارجية العرب إلى زيارة غزة عبر معبر رفح، كما طالب السلطات المصرية “بضرورة كسر هذا الحصار وفتح معبر رفح وإنهاء معاناة 1.5 مليون فلسطيني وفتح الآفاق واسعة أمام الشعب الفلسطيني”.

وحمل هنية هذه الأمانة للعرب باعتبارها اوجب في أعناقهم خصوصا مع قرب حلول شهر رمضان بقوله: “نحن على أبواب شهر رمضان، نقول لأشقائنا أنتم أحق بل أوجب في أعناقكم أن تقوموا بمثل هذه الخطوة وأن تصلوا إلى غزة وتكسروا الحصار وتعلنوا الوحدة الكاملة شعوريا وإنسانياً وأخوياً مع أهلنا في قطاع غزة”.

                                إقرار الجامعة العربية بالإخفاق

وقد تجسد هذا الحرج العربي بإقرار رئيس مكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير هشام يوسف بصورة غير مباشرة بإخفاق الجامعة في كسر الحصار المفروض على غزة قائلا :” إننا لم نتمكن من تحقيق الهدف المطلوب من قرار مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية عام 2006 بكسر الحصار”.

وأضاف يوسف، في رده على أسئلة الصحافيين، حول النقد الذي يوجه للجامعة والنظام العربي الرسمي لأنها أخفقت في كسر الحصار في الوقت الذي نجحت جمعيات أهلية غربية “أن هذا ليس منوطا بالأمانة العامة فقط لكنه جهد مطلوب من الدول العربية، ونحتاج إلى بذل مزيد من الجهد لتحقيق هذا الهدف في مواجهة الممارسات العدوانية الصهيونية المستمرة”.

وفسّر إخفاق العرب في كسر الحصار بأن هناك انحيازاً كاملاً من جانب القوى العظمى في العالم لمصلحة الكيان الصهيوني الذي يشكل أحد الأسباب الرئيسية التي تحول دون إنهاء هذا الحصار، وقال:” إن المطلوب هو المزيد على المستوى العربي حتى تتحرك قوى دولية مختلفة على الساحة الدولية بما يضغط على “إسرائيل” لإنهاء الحصار”، على حد تعبيره.

                                    حجر كبير في مياه الحصار الراكدة

ووفقا لمراقبين؛ فإن سفينتي كسر الحصار بعد نجاح المهمة التي وصلتا من أجلها ألقتا حجراً كبيرة في مياه الحصار الراكدة على قطاع غزة، وتوقعوا أن تتفاعل النتائج التي حققتاها أوروبياً على مستوى المنظمات الحقوقية والإنسانية  بصورة أكبر، في حين ستتفاعل عربيا على الصعيد نفسه لكن بصورة أقل من ذلك.
 
وشددوا على أن هذه المبادرة ومبادرات أخرى متوقعة في الفترة القادمة سواء كانت عربية أو أوربية ستفضي إلى مزيد من الإحراج للنظام العربي، وللجامعة العربية، والضغوط عليهم، طالما أصروا على مواقفهم في تجاهل الحصار وتأثيراته على الوضع الفلسطيني والأمن القومي العربي، ومشاعر الملايين من المواطنين العرب المتعاطفين مع الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة، منذ أكثر من عامين، بحسب تقديراتهم.
 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات