عاجل

الأحد 26/مايو/2024

عمال الزراعة في جنين.. رحلة العذاب للبحث عن لقمة العيش في أراضي 48

عمال الزراعة في جنين.. رحلة العذاب للبحث عن لقمة العيش في أراضي 48
تعتبر حالة عمال الزارعة من سكان محافظة جنين، الذين يعملون في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، واحدة من أسوء صور المآسي التي يواجهها العمال الذين يبحثون عن رزقهم هناك.
 
ففي كل صيف يتوجه عشرات آلاف من سكان محافظة جنين إلى العمل مع أسرهم في مواسم الزراعة المختلفة في الداخل الفلسطيني، التي تبدأ بموسم قطف بعض الخيار فالزيتون ثم الحمضيات في طمرة والجليل وطبريا والمجدل وغيرها.

 

حيث تعتمد الزراعة في الداخل على عمالة الضفة الغربية، وبالرغم من حاجة الكيان الصهيوني إلى هذه العمالة من أجل إنجاح الموسم الزراعي، إلا انه يمتنع عن إعطاء التصاريح اللازمة لعمال الضفة الغربية إمعانا في إذلالهم والتضييق عليهم.

رحلة العذاب

وبتتبع رحلة العذاب التي يمر بها هؤلاء العمال الذين يضمون أطفالا ونساءا وكهولا وشبابا، منذ خروجهم من جنين وحتى وصولهم إلى أماكن عملهم يتضح مستوى الاضطهاد الذي يتعرضون له.
 
فمن المعروف أن العمل في الزراعة غالبا ما يعتمد على العائلة كوحدة عمل، حيث تذهب الأسرة بكامل أفرادها من الأب والأم والأطفال إلى العمل بحثا عن لقمة العيش يضطرهم إلى ذلك العوز الشديد وغياب أي بديل للرزق.
 
يقول المواطن قاسم ضراغمة من بلدة طوباس انه في شهر حزيران من كل عام وبعيد انتهاء العام الدراسي تحزم الكثير من العائلات المعوزة أمتعتها متوجهة إلى الداخل، بحثا عن الرزق في العمل الزراعي.
 
وبداية الرحلة تبدأ مع سماسرة الطريق حيث تكلف عملية نقل أسرة مكونة من خمسة أفراد مثلا إلى الداخل للعمل في المواسم الزراعية نحو 2000 شيقل (600$) تقريبا، للتوجه إلى مكان ما كان يستغرق الوصول إليه قبل بناء الجدار أكثر من ساعة.

 

وتعزى هذه الأسعار الجنونية للمواصلات والتي لا يوجد لها مثيل في العالم إلى أن سائقي السيارات يتمكنون من تجاوز المعابر الصهيونية وما يترتب على ذلك من مخاطر في تهريب هؤلاء العمال إلى الداخل.

ويضيف ضراغمة أنه وبالرغم من هذه الأسعار الجنونية للمواصلات إلا أن الطريق أيضا غير آمنة، فكثيرا ما يقع هؤلاء العمال فريسة لجنود الاحتلال الذين يكمنون في تلك المواقع – علما أن سائقي السيارات يأخذون أجرتهم مسبقا-، وعندها يذهب قسم منهم إلى الاعتقال ويفرض عليهم غرامات مالية باهضة، ويتم وضع النساء والأطفال في العراء ليلة كاملة ومن ثم يتم إعادتهم من حيث أتوا، كما أن قسما آخر منهم يتم اعتقاله لحظة وصوله إلى مكان عمله.

أما المواطن وائل حامد من مدينة جنين فيقول: ذهبت أنا وعيالي إلى طمرة من أجل العمل في موسم الخيار لهذا العام، حيث أن لي عاما كاملا لم يدخل علي شيقل واحد، وجرى نقلنا في سيارة ( GMC تم تحميل نحو 20 شخصا فيها .. ويشترط السائق أن نكون جميعا الأطفال والنساء والشباب منبطحين أرضا طول فترة الطريق، وألا يرتفع رأسنا فوق مستوى الشباك حتى لا يرانا أحد..حيث يتم تبديلنا في أكثر من سيارة بحسب الطريق.

ويضيف حامد أنه تمكن وأسرته من اجتياز الطريق الصعبة والدخول إلى فلسطين المحتلة عام 1948، ولكن عند ووصله إلى مدينة شفاعمرو التي لا تبعد سوى نصف ساعة عن مدينة طمرة التي يفترض أن يعمل بها، اعترضهم سيارة شرطة صهيونية، حيث قام رجال الشرطة وحرس الحدود بتخريب جميع أغراضهم التي اصطحبوها معهم، ومن ثم تم اقتيادهم إلى شرطة العفولة حيث تم احتجازهم ليلة كاملة ومن ثم تم إلقاؤهم على حاجز الجلمة مرة أخرى ليعودوا من حيث أتوا بعد أن تم توقيعهم على تعهدات بعدم الدخول مرة أخرى.  

مطاردات ساخنة

ولا تقتصر معاناة هؤلاء العمال في الوصول إلى مكان العمل فقط. فبعد وصولهم تنتظرهم ليالي طويلة من المطاردة الساخنة، ففي الحقول الزراعية التي يفترض أن يعملوا فيها، يتصيدهم في كل ليلة شرطة الاحتلال وحرس الحدود، حيث يداهمون الخيام بحثا عن العمال الذين لا يحوزون تصاريح عمل ويطاردونهم بين الأشجار ويقومون بترويع الأطفال الصغار.

وفي حال وقوعهم يتم فرض غرامات باهضة عليهم. ولأن غالبية هؤلاء العمال ليسوا قانونيين من وجهة النظر الصهيونية فإن قسما منهم يقع فريسة النصب والاحتيال من قبل مشغليه، وتلك حالة تتكرر مع كثيرين.

إذلال على الحواجز

وإذا كان هذا حال من يسلكون طرق التهريب بسبب عدم حيازتهم تصاريح عمل من قبل سلطات الاحتلال، فإن من يمتلكون تصاريح عمل لا تتم معاملتهم بطريقة أفضل.

فعلى معبر الجلمة حيث يسمح للعمال الحائزين على تصاريح من جنين بالدخول إلى الأراضي المحتلة عام 1948 تدير المعبر شركات أمنية خاصة تمارس أبشع وسائل الإذلال في التعامل مع المارين. حيث التأخير على المعابر وإجبارهم على خلع ملابسهم، فضلا عن احتجازهم على المعبر حتى ساعات متأخرة من الليل. وبعد اجتياز الحاجز عادة ما يقف ضابط مخابرات صهيوني يقوم وبشكل مزاجي وانتقائي بتمزيق تصاريح العمال ..

ويقول العامل محمد السعدي من جنين انه ولدى مروره يوميا على حاجز الجلمة، يقوم الجنود باحتجازهم وصلبهم ثم مطالبتهم بالخضوع لإجراءات تفتيش قاسية.

وأضاف رغم قيام الجنود بتفتيشنا عبر البوابات الالكترونية بشكل دقيق، يطلبون منا خلع ملابسنا بشكل كامل ودون مبرر ومن يرفض يجري احتجازه والتنكيل بنا وتهديده بمنع العبور.

أما مفيد جرار فيقول انه في الأيام الأخيرة بدأت عناصر شركة الأمن التي تتولى المسؤولية على معبر الجملة  بفرض إجراءات مهينة وأضاف رغم أننا نتعرض للتفتيش 3 مرات لدى دخولنا حيث أرغمونا عل الدخول لغرفة مغلقة وأجبرونا على خلع ملابسنا أمام كاميرات المراقبة وأحيانا لا يكتفي الجنود بذلك بل يقومون بتفتيشنا يدويا.

سماسرة التصاريح

ولا تمنح سلطات الاحتلال الصهيوني تصاريح العمل سوى لعدد قليل من المواطنين، الأمر الذي يضطر كثيرين لسلوك طرق التهريب شبه المستحيلة والقاسية من حيث ظروف المرور فيها، إضافة إلى خطورتها، ولكن قسما من التصاريح يحصل عليها بعض الباحثين عن العمل أو المضطرين للعلاج عن طريق سماسرة التصاريح من عملاء الاحتلال.

حيث يتم بيع تصريح العبور بمتوسط مبلغ 1000 دولار لتصريح مدته ثلاثة أشهر. ولكن الحظ العاثر لكثير من الحاصلين على تصريح بهذه الطريقة أن سلطات الاحتلال تقوم بإلغاء التصريح فورا مع أول إغلاق للضفة الغربية، حيث يصبح التصريح غير ساري المفعول، كما أن مزاجية بعض الجنود الذي يقومون على المعابر أو حتى في الداخل بتمزيق التصاريح يجعل الشخص الحالم بهذا التصريح يمنى بخسارة فادحة، علما أن غالبية من يلجأون لهذه الطرق هم من الكادحين الذي انسدت أمامهم سبل العيش.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

استشهاد طفل في الخليل بمزاعم عملية طعن

استشهاد طفل في الخليل بمزاعم عملية طعن

الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، الأحد، استشهاد طفل برصاص الاحتلال شمال مدينة الخليل في الضفة الغربية. وقالت الوزارة...