الجمعة 10/مايو/2024

تبني فتح لتجار مخدرات واعتبارهم شهداء أثار الصدمة والاستغراب في الشارع الغزيّ

تبني فتح لتجار مخدرات واعتبارهم شهداء أثار الصدمة والاستغراب في الشارع الغزيّ

أصيب المواطنون والأهالي في قطاع غزة، صباح الجمعة (6/6/2008)، بالصدمة البالغة والاستغراب الشديد عقب تبني حركة “فتح” لتجار مخدرات تم القضاء عليهم بعدما أطلقوا النار على الشرطة الفلسطينية في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، حيث أعلنت حركة “فتح” عبر بوسترات للقتلى وتجار المخدرات المعروفين تبنيها لهم تحت عنوان “شهداء معركة الكرامة”؟!.

مداهمة أكبر وكر للمخدرات في القطاع

وكانت الشرطة الفلسطينية في قطاع غزة، قد داهمت أكبر وكر للمخدرات والممنوعات في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، بعد أخذ الإذن من النيابة، وطلبت ممن يتحصنون في الوكر بتسليم أنفسهم للعدالة، بيد أن المجرمين شرعوا في إطلاق النار العشوائي على أفراد الشرطة الفلسطينية، وقتل ثلاثة من كبار تجار ومروجي المخدرات بينهم المدعو “نواف حسنين” أكبر تجار المخدرات حيث طلب منه تسليم نفسه هو ومن معه، إلا أنه رفض الانصياع للأوامر وقام بإطلاق النار على أفراد وحدة مكافحة المخدرات، مما أدى إلى إصابة أكثر من 8 أفراد من الشرطة واستشهاد الملازم جمال أبو القمصان، وبعد رفضه الانصياع للأوامر؛ قامت قوات الشرطة الفلسطينية بمداهمة المكان والاشتباك مع المجرمين، ما أدى إلى مقتل المدعو نواف حسنين والمدعو عطاف حسنين والمدعو مروان حسنين واعتقال عدد من الذين كانوا يتحصنون في المكان ومصادرة كمية كبيرة من المخدرات والممنوعات والسلاح.

سوابق مخزية

ولعل أول ما تبادر إلى أذهان أهالي قطاع غزة عندما سمعوا خبر مقتل “حسنين” قصة هجومه على “مركز شرطة الشجاعية” في العام 2005م، برفقة عدد من المسلحين للإفراج عن أحد المحتجزين من عصابتهم هنالك بتهمة تعاطي المخدرات والاتجار بها، مما أدى إلى مقتل الشرطي الفلسطيني عبد الرحيم صالح (20 عاماً)، بالإضافة إلى ما تبع هذه القضية من غضب شعبي عارم واستياء عام لضياع هيبة السلطة الفلسطينية -آنذاك- والتعدي عليها من قبل حفنة قليلة من تجار المخدرات.

ولم يستطع أحدٌ من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أن يُخفي فرحته العارمة بمقتل هؤلاء المجرمون، لما في ذلك من رمزيَّة بأن لا أحد أعلى من القانون، وبأن القوة والسيادة للحكومة الفلسطينية برئاسة إسماعيل هنية والأجهزة الأمنية التي تمثلها، وأن هذه الحكومة قادرة على مهاجمة أوكار الفساد المُدمِّرة للمجتمع حتى وإن كانت واقعة شرق “حي الشِّجاعية” وتحديداً في منطقة “جبل الرَّيس” أكبر معاقل الاتِّجار بالمُخدرات وأقربها جغرافياً من الصهاينة بكل ما تحمله هذه المنطقة من رمزيَّة مختلفة بالنسبة للمجتمع وتجار المخدرات على حدٍّ سواء.

تبني “فتح” لهم شكل صدمة بالغة

ولعل تبني “حركة فتح”، لهؤلاء شكل صدمة بالغة واستغراب شديدين، حين أطلقت على هؤلاء بـ “شهداء معركة الكرامة”، ولم تقتصر موجة الاستهجان والإدانة لخطوة تبنِّي تُجَّار المخدرات على عوامِّ المواطنين وحسب، بل إنها وصلت إلى الأوساط الفتحاويَّة الدُّنيا والَّتي ظهرت من خلال تصريحات أعضاء الملتقى الفتحاوي حيث وصفوا هذه الخطوة بأنها ناتجة عن حالة الترهُّل والتَّشَرذم التي تعيشها حركة “فتح”، وسيطرت المصالح الشخصية والعائلية والمناطقية على قرارات الحركة، وطالبوا بمحاسبة المسؤولين في إقليم شرق غزة على تبنِّي شخصيات كهذه وادِّعاء انتمائها للحركة (فتح).

فتحاويون يشتمون قيادتهم ؟!

كما وصل الأمر بعدد كبير من عناصر حركة “فتح” إلى كيل الاتهامات والشتائم لأحد أبرز قادتهم في قطاع غزة والَّذي يقطن بالقرب من منزل “حسنين”، محمِّلين إياه المسؤولية عن عمليَّة تبنِّي شخصيَّات فاسدة كهذه وإلباسها ثوب الشهداء والوطنيَّة والثورة، لتحقيق مكاسب شخصيَّة وعشائريَّة، وتجدر الإشارة إلى أنَّ عناصر حركة “فتح” في إقليم شرق غزة يُشكلون شريحة كبرى من أبناء هذه الحركة على مستوى قطاع غزة.

وزارة الداخلية تستهجن

وقد أكد المهندس إيهاب الغصين الناطق باسم وزارة الداخلية في حكومة تسيير الأعمال برئاسة إسماعيل هنية في حديث مع مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”، أنه “بالفعل كثيراً ما كانت تقوم حركة فتح بتبني العديد من المجرمين الذين يتم اعتقالهم على خلفيات جنائية أو أمنية أو أخلاقية أو مخدرات”.

وأشار إلى أن الوزارة أكدت مراراً أنها لم ولن تقوم بأي اعتقالات سياسية كونها رفضت ذلك سابقاً والآن، مشدداً على أن الوزارة ما زالت مستعدة أن توضح على الملأ سبب اعتقال أي شخص من الذين يدعون أنهم معتقلون على خلفيات سياسية.

“نواف حسنين” متورط

وقد تواردت أنباء ربما تحسب في ميزان التمويه أنه وبعد الحسم العسكري الذي مضى عليه عام ساد الحديث عن توبة “حسنين” ولم تعد له علاقة بالتهريب أو الترويج وغاب عن الواجهة، (ربما خوفاً من قوة الشرطة الفلسطينية بعد الحسم)، بيد أن شرطة مكافحة المخدرات التي عكفت على ملاحقة تجار ومتعاطي المخدرات ولم تدخر جهدا في مداهمة أوكار الجريمة، تمكنت من التوصل لمعلومات حصلت عليها ممن قبضت عليهم في وقت سابق مفادها أن “نواف حسنين” لازال يعمل في الخفاء عبر الاستعانة بمروجين وموزعين للمخدرات التي يشرف بنفسه على تهريبها، ليبقى بعيدا عن أعين مكافحة المخدرات.

فيما أشارت المعلومات المتوفرة لدى مكافحة المخدرات بأن شخصاً يدعى أبو خليل كان بمثابة الذراع الأيمن لنواف حسنين ويقوم بتسويق البضاعة التي يتم تهريبها.

مكافحة المخدرات في الميدان

“أبو عاصف” مدير مكافحة المخدرات في شمال قطاع غزة كان على رأس الحملة التي تمت بالتنسيق مع شرطة غزة، وإعلام أعلى المستويات في الشرطة بموعد العملية التي كان من المتوقع أن تكون خطرة وحاسمة.

وبحسب “أبو عاصف”، الذي يعمل في مكافحة المخدرات منذ أحد عشر عاماً وبقي على رأس عمله بعد الحسم؛ فإن “نواف حسنين” يُعد من “أشرس وأخطر مهربي المخدرات عبر الحدود، ويستغل عدداً من التجار الذين يدخلون (إسرائيل) لتهريب الحشيش والكوكايين داخل بضاعتهم المستوردة”.

عملية ميدانية الأكثر خطورة

وبالنظر إلى العملية الميدانية الأكثر خطورة؛ فقد تقدمت جيبات الشرطة بصحبة سيارة إسعاف تحسبا لأي طارئ بخطى حذرة في الساعة السادسة صباحاً من الجمعة المذكورة التي تم اختيارها بدقة لتنفيذ العملية، وذلك لما هو معروف أمنياً أن في هذا الوقت يكون رجال الحراسة توجهوا للنوم، أو أنهكوا في حال بقوا مستيقظين، فقفز رجال الشرطة من الجيبات واتخذوا مواقعهم حسب الخطة التي تم وضعها، فيما تقدم أبو عاصف باتجاه المنزل، وطرق الباب ووجه النداء لنواف بأن هناك أمرا بالقبض عليه فكان الرد سريعاً، بإعلانه رفض تسليم نفسه ومهدداً بإطلاق النار وقد فعل ذلك باتجاه أفراد الشرطة هو وأخوته.

الطلب بتسليم أنفسهم

خطة المداهمين كانت تقضي بمحاولة إنهاء نواف ومن معه لذخيرتهم ومن ثم مطالبتهم بتسليم أنفسهم، إلا أنه رفض ذلك بالرغم من قرب نفاد ذخيرته واستمر بإطلاق النار، حيث نزل نواف ومن معه من أعلى المنزل الذي تمركزوا عليه باتجاه بيت الدرج والمخازن وتعمدوا إطلاق النار باتجاه أبواب المخازن والجدران التي يحتمي بها أفراد الشرطة بهدف إصابة أكبر عدد منهم، مما أدى لاستشهاد الملازم جمال أبو القمصان وإصابة 8 آخرين.

بعد وقوع إصابات في صفوف أفراد الشرطة ومفارقة أحدهم للحياة كان القرار بضرورة اقتحام المنزل، حيث بدأ أفراد الشرطة بالرد على مصدر النيران وتمكنوا من الدخول إلى المنزل، مما أدى للقضاء على نواف وعطاف ومروان حسنين لتكون بذلك قد طوت صفحة هامة في مكافحة الجريمة، بعد أن فقدت فارسا من فرسانها الذين ضحوا بدمائهم من أجل وطنهم.

القضاء على “رأس الأفعى”

أفراد الشرطة الذين شاركوا في الحملة يتوقعون أن أشخاصاً آخرين غير الثلاثة الذين أصابتهم نيران المكافحة كانوا مشاركين في إطلاق النار، وتمكنوا من الفرار وذلك بعدما أكدوا أنهم تعرضوا لإطلاق النار من سلاح “أم 16″، ولم يعثروا عليه في المكان، في الوقت الذي تمكنوا فيه من اعتقال ستة من أقارب حسنين ومصادرة قطع أخرى من السلاح وكميات من المواد المخدرة. مؤكدين أنهم قضوا على من وصفوه “رأس الأفعى”.

“أبو عاصف” عاد ليشدد أنهم نجحوا في السيطرة على كبار تجار المخدرات واعتقالهم بالرغم من الخسائر التي لحقت بأفراد الشرطة، وهدد التجار الذين لازالوا يروجون المخدرات بمحاسبتهم وتقديمهم للعدالة في حال لم يتخذوا قرارا بالتوبة، وقال: “لن نكف عن مطاردة المتورطين بتجارة وتعاطي المخدرات حتى نعلن عن خلو غزة من تلك المواد المدمرة”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات