الأحد 19/مايو/2024

حماس .. ديناميكية فاعلة لفك الحصار عبر المزاوجة بين خياري الحوار وتصعيد المقاومة

حماس .. ديناميكية فاعلة لفك الحصار عبر المزاوجة بين خياري الحوار وتصعيد المقاومة
لاحظ مراقبون للشأن الفلسطيني؛ أن الأيام القليلة الماضية أظهرت حراكاً ديناميكيا ومؤثراً لحركة “حماس” في إطار سعيها لفك الحصار عن قطاع غزة، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، من خلال المزواجة بين خياري الحوارات التفاوضية والنشاط المقاوم، في توليفة افتقدها الشعب الفلسطيني من زمن بعيد، واستطاعت من خلالها إيصال رسائل مهمة للأطراف ذات العلاقة في المستويات المختلفة.

                                          رسائل مهمة

ففي الوقت الذي كانت “كتائب القسام” الذراع العسكري للحركة تتحرك بمنحى تصعيدي على مستوى عملياتها النوعية، وآخرها محاولة تهديدها الجدي لمعبر كرم أبو سالم الصهيوني والتي أدت إلى جرح 13 جندياً، وقبلها عملية (حقل الموت) والتي أدّت إلى مصرع ثلاثة جنود صهاينة من قوات النخبة يوم (16/4)؛ كانت قياداتها السياسية بنفس التوقيت تجري في القاهرة ودمشق محادثات تفاوضية مع كل من الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، والقيادة المصرية.

وكان القاسم المشترك للتحركين هو المطالبة بفك الحصار وإطلاق سراح الأسرى، سواء جاء ذلك عن طريق اختراق الحدود، ومهاجمة الاحتلال، وعدم ترك جنوده وسكان المغتصبات ينعمون براحة وأمن طالما أن سكان غزة في سجن كبير، أو الوصول إلى ذلك من خلال هدنة شاملة ومتبادلة ومتزامنة بين الطرفين الصهيوني والفلسطيني (في غزة والضفة الغربية)، يتوقف بموجبها العدوان الصهيوني وتفتح بموجبها المعابر، بما فيها معبر رفح الحدودي، وتنعقد بموازاتها صفقة لإطلاق الجندي الأسير الصهيوني جلعاد شاليط مقابل الإفراج عن المعتقلين الفلسطينيين في السجون الصهيونية. 

وبرأي مراقبين فقد  استطاع هذا الحراك أن يوصل عدة رسائل مهمة :

ـ فمن حيث التوقيت؛ لم يكن صدفة أن تنفذ عملية كرم أبو سالم بينما كان وفد “حماس” في القاهرة برئاسة الدكتور محمود الزهار يجري مفاوضات مع المسؤولين المصريين (هي كما هو معروف في الكثير من جزئياتها مفاوضات مع الاحتلال بصورة غير مباشرة)، ومؤدى الرسالة تقديم نموذج عملي يبرهن على امتلاك حماس لأكثر من ورقة لكسر الحصار، وأن على الاحتلال أن يواجه أسوء الخيارات إن أصر على الاستمرار في محاصرة القطاع، وخنق الحركة ، خصوصا بعد قرار حماس الانتقال من الدفاع للهجوم، واعتبار “حرب المعابر” جزءا مهما من عملياتها العسكرية.

                                         تعرية فريق رام الله

 ـ تعرية فريق رام الله الذي لم يستطع حتى في ظل محرقة القطاع مطلع الشهر الماضي (آذار/ مارس) أن يوقف مفاوضاته (العبثية) مع الاحتلال كنوع من الاحتجاج على مجازره وعدوانه الهمجي، ولم يكتف بإسقاط خيار المقاومة العسكرية من خيارته، وحصر نفسه في مسار التسوية الذي أثبت فشله منذ خمسة عشر عاماً وحتى الآن، بل عمد إلى التنسيق مع الاحتلال من خلال “خطة دايتون” وتنفيذ الشق الأمني لـ “خارطة الطريق” إلى تجريم المقاومة وسلاحها وملاحقة المقاومين، وسجنهم، والتعرية من خلال تقديم بديل مختلف، يبدي مرونة في التعامل مع الآليات، مع عدم التفريط بالثوابت، ويظل محتفظاً بخيار المقاومة، وقد بين رئيس حكومة تسيير الأعمال الشرعية إسماعيل هنية معالم هذا المنهج بقوله: إن “الحكومة الفلسطينية تبذل قصارى جهدها مع الأطراف كافة من أجل إعادة فتح المعابر ورفع الحصار من خلال معادلة متماسكة تجمع بين الالتزام بالثوابت السياسية والمرونة في الآليات والوسائل التي تعتبر من المتغيرات”.

وعبر هنية عن أمله بأن تسفر التحركات الأخيرة في المنطقة بما فيها لقاءات وفد حركة “حماس” مع القيادة المصرية والرئيس كارتر إلى نتائج ملموسة على صعيد كسر الحصار ووقف العدوان الصهيوني على الضفة الغربية وقطاع غزة.

                                        القبول بالهدنة

ـ خيار المقاومة كثيراً ما يجبر الخصم المتعنت إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات، أو يعضد ويدعم مسار التفاوض لانتزاع الحقوق الوطنية، وفي هذا الصدد أوضح المحلل العسكري في صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية  “رون بن يشاي” وهو يرصد تأثيرات المنحى التصاعدي للعمليات النوعية التي ينفذها الذراع العسكري لحركة “حماس” وفصائل المقاومة الأخرى ضد الاحتلال على الخط الحدودي مع قطاع غزة، ـ وهي ذات أبعاد سياسية واستراتيجية ـ أنها  قد تدفع صناع القرار داخل حكومة الاحتلال إلى القبول بالتهدئة التي تحاول حركة “حماس” وبشروطها فرضها علي الاحتلال، حسب تعبيره، لأنّ قتل الجنود الصهاينة يثير الرأي العام في الكيان الصهيوني.

ـ تعبير عن قدرة حركة “حماس” التواصلية، ورفض محاولة عزلها عن العالم، والتي سعت إليها ـ ولا زالت ـ  كل من الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني”، وقال فوزي برهوم الناطق باسم الحركة” في تصريحات صحفية: إن اللقاء بالرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر  “يؤكد أن حماس ترفض العزلة، وتتواصل مع المنظومة الدولية، انطلاقا من عدالة القضية، وأن مشكلتها الوحيدة مع الاحتلال”.

                                   الاعتراف بالأمر الواقع

ديناميكية “حماس” التي تسيطر على قطاع غزة وتديره، والتي زاوجت بين خياري التفاوض والمقاومة يبدو أنها ـ  كما يرى مراقبون – من الأمور الأساسية هي التي جعلت برلمانيين ومسؤولين أوربيين يطالبون الاحتلال بإيجاد صيغة للتعامل مع حركة حماس، وإنهاء حصار غزة، كما حملت استراتيجيين صهاينة على مطالبة قيادتهم بضرورة الحوار مع حماس، ومن أبرز هؤلاء الجنرال أفرايم هليفي الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الصهيونية الخارجية “الموساد” حيث يرى أن على الكيان الصهيوني الاعتراف بالأمر الواقع، ويقول ما نصه “المنطق السليم يجبر إسرائيل على التحاور مع حماس، واستغلال كل مرونة في مواقف الحركة” على حد تعبيره.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات