عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

الهزيمة السريعة لـالشتاء الساخن انتصار استراتيجي للمقاومة وضربة لمخططات الاحتلال

الهزيمة السريعة لـالشتاء الساخن انتصار استراتيجي للمقاومة وضربة لمخططات الاحتلال
“حماس تعلن انتصاراً في غزة”، هكذا عنونت وسائل الإعلام خبر انسحاب قوات الاحتلال اليوم الاثنين (3/3) بعد أن واجهت مقاومة عنيفة من الأجنحة العسكرية للفصائل الفلسطينية، وفي مقدمتها “كتائب الشهيد عز الدين القسام”، وتكبدت خسائر بشرية لم تكن تتوقعها بحسب اعترافات الجيش الصهيوني.

وبرأي مراقبين؛ فإن هزيمة جيش الاحتلال، ومن ثم اضطراره للفرار من قطاع غزة بعد خمسة أيام من توغله العسكري في جباليا، لم تكن مفاجئة، بناء على ما صدر من قيادات عسكرية وأمنية صهيونية، ومحللين ومصادر عبرية تحدثت عن فشل محتمل في الحملة الصهيونية التي أطلق عليها العدو “الشتاء الساخن”، وخسائر كبيرة في صفوف جنوده، لم يجرؤ جيش الاحتلال على التصريح بها على ما يبدو، خوفاً من انهيار معنويات قواته وانتقادات الرأي العام الصهيوني بسبب هذه الهزيمة المبكرة، والتصريحات عن قوة المقاومة وقدراتها العسكرية المنظمة التي استطاعت التصدي لوحدات النخبة في جيش الاحتلال وفي مقدمتها لواء “جفعاتي” رغم العدد الكبير اشترك في الحملة والذي وصل لألفي جندي مقاتل.

                                 شهادات مسؤولين صهاينة على الفشل

أولى مؤشرات الفشل من المسؤولين العسكريين الصهاينة وردت على لسان وزير “الأمن الداخلي” آفي ديختر الذي قال في الجلسة الأسبوعية لحكومة الاحتلال يوم (2/3) “إن الجيش وبعد خمسة أيام من المعارك في قطاع غزة، لم يتمكن من تحقيق غايته المتمثلة في وقف إطلاق الصواريخ تجاه إسرائيل”.

ونقلت مصادر صهيونية أنه تساءل بغضب في الجلسة قائلا: “لم يتوقف إطلاق الصواريخ ولم تتوقف النيران ضدنا ولم نحقق الردع المطلوب فما الذي تغير علينا في قطاع غزة ؟”.

وأضاف، “أن مدى الصواريخ أصبح أبعد من ذي قبل، ووصل إلى عسقلان والى نتيفوت وأصبح الآن 250 ألف إسرائيلي تحت مدى الصواريخ الفلسطينية بدلا من 125 ألفا” كما قال.

وكانت الشهادة الثانية لرئيس جهاز “الشاباك” الصهيوني يوفال ديسكين الذي أكد في جلسة حكومة الاحتلال نفسها يوم أمس أن حماس تتفوق على قوات الاحتلال داخل المناطق المأهوله.

وشدد ديسكين على “أن قوة الجيش في المناطق المأهولة منخفضة ومحدودة ويميل ميزان القوى فيه لصالح حماس”، مضيفا “بأن حماس ستحاول خلال الفترة الأخيرة زيادة الضغط الدولي على إسرائيل مستعينة بوسائل الإعلام الأجنبية”.

                                      احباط قوات النخبة الصهيونية

أما الشهادة الثالثة فمن قائد ميداني هو الضابط الصهيوني إيلام ملكا الذي أشرف على قوات لواء درع “جفعاتي” شمال القطاع على مدار ثلاثة أيام من العدوان، والذي قال إن جيشه ولأول مرة يواجه جيشاً حقيقياً بكل معني الكلمة.

 

وذكر ملكا في حديث لإذاعة الجيش الصهيوني: “لقد قاتلوا بشراسة وبشكلٍ منظم، فعناصر المقاومة الفلسطينية هم جنود حقيقيون في ساحة القتال”.

وفي الاتجاه نفسه؛ نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية عن مسؤول عسكري صهيوني قوله إن القوات “تواجه منظمة عسكرية لا منظمة أنصار”، ووصف القتال في القطاع منذ فجر السبت (1/3) بأنه “معقد وصعب في منطقة مكتظة وهناك عدد كبير من المقاومين واحتكاك كبير داخل أحياء ومن الصعب التعرف على مصادر النيران”.

وكمحصلة لكل الأمور التي تفاجأت بها القوات التي تعتبر “صفوة” جيش الاحتلال، مع ما يضاف إليها من شعور قياداتها وقيادات جيش الاحتلال بحالة من العجز بسبب استمرار إطلاق صواريخ المقاومة، رغم حجم عملياتها وقصفها الجوي، فقد أدى مجمل ذلك كما أشار مراقبون للشأن الصهيوني إلى حالة من الإحباط في قيادة جيش الاحتلال، وطلبها الانسحاب ورفض مواصلة عملياتها العسكرية التي كان يطالب بها وزير الحرب الصهيوني إيهود باراك.

وفي هذا الصدد أكد ضباط لواء “جفعاتي” الذين أشرفوا على العملية العسكرية العدوانية شمال قطاع غزة أن قادة الجيش كانوا يشعرون بالإحباط على وقع ضربات المقاومة الفلسطينية لجنوده المتسللين، وتواصل دكها للصواريخ.

وقال أحد الضباط لإذاعة جيش الاحتلال: “على الرغم من اتساع رقعة العمليات داخل عمق أراضي قطاع غزة إلا أن الصواريخ التي أطلقت اليوم أكثر من الصواريخ التي سقطت في اليومين الماضيين”.

وكان مراسل صحيفة “هآرتس” العبرية آفي سخاروف قد قال: “من يشعر في الجانب الإسرائيلي بأن قتل 46 فلسطينياً اليوم في قطاع غزة سيوقف إطلاق الصواريخ على جنوب إسرائيل فهو لم يقرأ الصورة بشكلٍ صحيح”.

وقد كان ملاحظاً أن المقاومة الفلسطينية كثفت خلال أيام التوغل الصهيوني في جباليا من ضرباتها الصاروخية وإطلاق قذائفها دون أن تتأثر بهذا التوغل مطلقا، بل إنها قامت بإطلاق صواريخ تصل لمديات أبعد في المغتصبات الواقعة في النقب (جنوبي فلسطين المحتلة عام 1948) ، وكانت هناك خشية صهيونية من وصولها إلى ميناء أشدود الاستراتيجي، كما أنها استخدمت ولأول مرة صاروخاً مدمراً من نوع جديد، قوته التدميرية كبيرة جداً وتختلف عن باقي الصواريخ التي أطلقت سابقاً.

                              الاحتلال يعيد حساباته بشان العملية البرية

وذكر المراسل العسكري للإذاعة العبرية إلى أن الصاروخ أحدث قوة انفجار عنيفة جداً، علاوة عن إلحاق أضرار جسيمة في المنطقة التي سقط فيها، حيث أخذ خبراء المتفجرات الصهاينة ما تبقى من الصاروخ إلى المختبر لفحص مكوّناته.

ومما خلق مزيداً من الهلع في المستوى القيادي الأمني والعسكري الصهيوني أن هذه الصواريخ أدت فعليا إلى إصابة رئيس بلدية اسديروت “ايلي مويال” بجراح وصفت بالمتوسطة، كما أن وزير الأمن الصهيوني نجا منها بأعجوبة، في ما أصيب بها أحد حراسه المرافقين له أثناء جولاته التفقدية لمغتصبة سديروت.

ومما أسهم في تعجيل سحب القوات الصهيونية هو وقوع خسائر بشرية لم تعلن عنها قوات الاحتلال، والخشية من وقوع جنود صهاينة كأسرى لدى المقاومة، بحسب ما أوردته الصحافة العبرية والمواقع الإعلامية والاستخباراتية الالكترونية الصهيونية.

فقد أوضحت صحيفة “هآرتس” العبرية بأن كل من يدعو إلى عملية عسكرية كبيرة وواسعة في قطاع غزة عليه أن يأخذ بعين الاعتبار التكلفة، مشيرة إلى أن سقوط قتيلين من لواء “جفعاتي”، وإصابة آخرين، في ضواحي جباليا يوم السبت (1/3)، أعطى مؤشراً على حجم الخسائر التي قالت بأن المواطنين الصهاينة سيتكبدونها في حالة قرروا شن عملية حربية واسعة ضد غزة، خصوصاً أن المعارك الحالية لم تقع سوى في مدى لا يتجاوز ثلاث كيلومترات عن حدود غزة مع الكيان الصهيوني وفي أرض مفتوحة.

وقالت بأن جيش الاحتلال استخدم نيراناً ثقيلة ليتمكن من الوصول إلى قتلاه وجرحاه، والى تفادي وقوع المزيد من الإصابات في صفوف الصهاينة.

وكانت “كتائب الشهيد عز الدين القسام”، الذراع العسكري لحركة “حماس” قد أكدت على ذلك، مبينة أنها على حاولت أسر جندي صهيوني في العمليات التي دارت في محيط جباليا، وكشف “أبو عبيدة”، الناطق باسم كتائب القسام النقاب عن أن مجاهدي الكتائب حاولوا بالفعل يوم أمس السبت (1/3) أسر جنود صهاينة في عملية جبل الكاشف شرق جباليا، وأكد في مؤتمر صحفي عقده بغزة اليوم الأحد (2/3) على أن أحد المجاهدين تمكن بالفعل من سحب جندي صهيوني قبل قتله ولكن كثافة إطلاق النار من قبل الطيران الصهيوني حالت دون ذلك.

                                   خوف من تكرار سيناريو “شاليط”

 
ويتحاشى جيش الاحتلال وقوع جنوده في قبضة المقاومة الفلسطينية، لأنه سيشكل ورقة ضاغطة عليه، يضاف إلى عبء الجندي الصهيوني “جلعاد شاليط” الذي أسرته “كتائب القسام” ومجموعات مقاومة أخرى منذ عام 2006، خصوصاً بعد تمكن حماس من المحافظة عليه رغم محاولات الاختراق الاستخباراتي الصهيوني.

ما حدث في الأيام الخمسة الماضية سيكون له انعكاسات مهمة سواء على الجانب المقاوم وخاصة حركة حماس، أو على العدو الصهيوني.

فعلى الجانب الصهيوني؛ فإن عملية “الشتاء الساخن” ستكرس حالة العجز والإحباط لدى قوات الاحتلال التي لم تستطع حتى إنجاز أبسط الأهداف التي أعلنت عنها، وهو تقليص أو منع القصف الصاروخي، فضلا عن التفكير بالقيام بعملية عسكرية برية واسعة النطاق في غزة، وإسقاط حكم حركة حماس في غزة، وضرب الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة، كما كانت تخطط لذلك، وبالتالي تمريغ جبهة جيش الاحتلال في التراب، وإنهاء أسطورته المزعومة “جيش لا يقهر” وإلى الأبد.

وستفتح الحملة الباب للجنة تحقيق جديدة على شاكلة “فينو غراد”، وتكون سبباً بتعجبل سقوط حكومة إيهود أولمرت، وزيادة السخط والانتقادات في الشارع الصهيوني، الذي يتجرع جيشه خسارة أخرى بعد أن ذاقها في الحرب العدوانية التي شنها ضد لبنان عام 2006.

كما أنها ستؤدي إلى ارتفاع أصوات المطالبين بالاعتراف بحماس والمقاومة، أو محاورتها على الأقل، من أجل وقف إطلاق صواريخها على المغتصبات الصهيونية، والترتيب لهدنة يرفع بموجبها الحصار عن غزة ويكف المحتل عن جرائمه ومجازره ضد القطاع والضفة الغربية.

وفي هذا الاتجاه؛ دعت يولي تامير وزيره التعليم الصهيونية حكومتها للتحاور فوراً مع فصائل المقاومة الفلسطينية كي توقف إطلاق النار مبيّنةً أن الوضع جنوب “إسرائيل” بات لا يطاق نتيجة تواصل إطلاق الصواريخ.

 

ودعا عامي أيالون الوزير بدون حقيبة في حكومة أولمرت ورئيس “الشاباك” سابقاً الحكومة العبرية أيضا للإسراع في محاورة المقاومة الفلسطينية لوقف إطلاق الصواريخ على “سديروت” والنقب الغربي ومدينة عسقلان.

                                    ازدياد نفوذ حماس والمقاومة

في جانب المقاومة وحركة “حماس”؛ فإن عملية “الشتاء الساخن” التي انقلب فيها السحر على الساحر، ستعزز من أهمية المقاومة ودورها في على المستوى الفلسطيني والعربي ومن مكانة حركة “حماس” التي تمثل رأس الحربة في هذا التوجه،، وسيفشل كل المراهنات على إسقاطهما وضربهما، وسيسدد ضربة قاضية لكل مشاريع التسوية وفريقها في رام الله، الذي لم يكتف بالمراهنة على المشروع الصهيو ـ أمريكي، بل عمد إلى التساوق مع المحتل، وإعطاء الغطاء لعملية الاحتلال الأخيرة خصوصاً في تهجمه على صواريخ المقاومة، أو ربط حماس بتنظيم “القاعدة” وما يسمى “الإرهاب”.

وكشفت صحيفة هآرتس العبرية ـ حتى قبل إعلان الاحتلال سحب قواته من جباليا اليوم ـ بأن العملية العسكرية الصهيونية في قطاع غزة لن تجعل الفلسطينيين يتخلون عن حركة “حماس”، ونقلت عن مواطنين فلسطينيين من غزة تحدثت إليهم، قولهم بأن هذه العملية ستجعل الغزيين يدعمون حكومة “حماس”، حتى من غير أعضاء هذه الحركة أو المتعاطفين معها.

                                         نتائج مستقبلية هامة

وقال شخص رمزت إليه باسم (منير) وعرفته بأنه ضابط سابق من فتح في قوات الأمن الفلسطينية بان “كل غزة أصبحت حماس، وسيتعين علينا جميعاً محاربة إسرائيل، وإذا قرر الجيش الصهيوني دخول القطاع، فعليه أن يتوقع الرماية من كل بيت”.

وإذا من المبكر الحديث عن مجمل النتائج التي ستفضي إليها عملية “الشتاء الساخن” الفاشلة، فإنها برأي المراقبين ستكون بمثابة زلزال جديد في المنطقة، وانعطافة هامة للعمل الفلسطيني المقاوم، سيعاد بموجبها ترتيب الكثير من الأوراق في وقت غ

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات