الأحد 19/مايو/2024

الفخاري: نماذج صمود بمقاييس أسطورية وإرادة لا تنكسر أمام العدوان

الفخاري: نماذج صمود بمقاييس أسطورية وإرادة لا تنكسر أمام العدوان

يبدو المواطن الخمسيني، سليمان موسى اللولحي، نموذجاً للإنسان الفلسطيني الذي لا يأبه بالتضحيات الجسام التي عليه تقديمها على طريق الصمود في وجه الاحتلال وآلته العدوانية. فاللولحي الذي لم يمنع تقديمه لاثنين من أبنائه شهداء، وإصابته مع آخرين من أفراد أسرته، دون استمرار تجذره في أرضه؛ يرفع اليوم شعار “لن تمرّوا إلاّ على أشلائي”.

ويتواصل العدوان

فبعد نحو أربعة أشهر من استشهاد نجليه يوسف (18 عاماً) ومحمد (13 عاماً) في قصف صهيوني استهدف محيط منزلها في منطقة الفخاري، الواقعة إلى الشرق من خان يونس (جنوبي قطاع غزة) وأدى إلى إصابته أيضاً مع اثنين من أبنائه على أيدي قوات الاحتلال؛ وجد الحاج اللولحي نفسه ضحية جديدة لقوات الاحتلال التي أقدمت هذه المرة على استهداف منزله بالكامل وتشريده مع أفراد أسرته الكبيرة التي تضم نحو أربعين فرداً.

وعلى أنقاض منزله الذي تحوّل إلى أكوام من الحجارة المتناثرة المطمورة في الرمال؛ يتحدث الكهل الفلسطيني عن فصول المعاناة الجديدة التي ألمّت بأسرته، ويقول “الحمد لله على كل حال، وحسبنا الله ونعم الوكيل، ألم يكف الصهاينة قتل ابني يوسف ومحمد حتى يدمروا المنزل الذي يؤوينا”، متسائلاً بغضب “ماذا يشكل هذا المنزل من تهديد لهم؟ أم أنها رغبة الانتقام وإلحاق الدمار بنا وزيادة معاناتنا؟!”.

هدم منزل الأسرة الكبيرة

اللولحي وأسرته كانا على موعد مع العدوان الصهيوني الجديد صباح الثلاثاء الخامس والعشرين من أيلول (سبتمبر)، عندما توغّلت قوات الاحتلال الصهيوني في منطقة سكناهم (الفخاري) وشرعت في أعمال تجريف شرسة، قبل أن تطلب منهم عبر مكبرات الصوت مغادرة المنزل وتشرع في تدميره.

بمرارة شديدة؛ قال اللولحي، وهو محاط بعدد من أفراد أسرته الذين تجمّعوا على أنقاض منزلهم؛ بالنسبة للصهاينة “لم يكن الأمر يحتاج سوى لعدة دقائق، فقد تكالبت الجرافات ودمّرت الغرف” البسيطة التي بالكاد استطاع على مر السنين أن يتمكن من أن تؤويه مع زوجاته الأربع وأسرتيْ اثنين من أبنائه أيضاً.

باقون ولن نرحل

وأضاف المواطن الفلسطيني المنكوب “يظنون أنهم بتجريف المنزل يقتلعوننا من هذه الأرض التي رويناها بدمائنا ولكنهم واهمون، فقد استُشهد نجلاي وأصبت أنا ورفضنا الرحيل وبقينا هنا، لأنّ هذه أرضنا وليس أمامنا إلاّ أن نصمد فيها مهما كانت التضحيات”.

ذكريات أليمة

وعاد اللولحي بذاكرته إلى الوراء، وتحديداً مساء السابع عشر من أيار (مايو) الماضي، عندما قصفت طائرة صهيونية بصاروخين أفراد أسرته الذين كانوا يجلسون قرب المنزل القريب من مكب للنفايات، وهي منطقة مكشوفة تبعد نحو ستمائة متر عن معبر صوفا الصهيوني الواقع إلى الجنوب الشرقي من خان يونس.

وقال الوالد الفلسطيني المكلوم “انفجر الصاروخان وسط أفراد الأسرة وأديا إلى استشهاد ابنيّ يوسف (18 عاماً) ومحمد (13 عاماً)، وإصابة ابنتي سماح (20 عاماً)، وابني أحمد (12 عاماً)”.

وحاول الوالد وقتها أن يقدم الإسعاف لأبنائه المضرجين بدمائهم، وأن ينقلهم بسيارته، ولكنه لم يستطع وتعذّر عليه الاتصال بأطقم الإسعاف لوجوده في منطقة نائية، فاستقل سيارته من نوع “بيجو تندر” في محاولة لجلب مساعدين لمساعدته على إنقاذ أبنائه، إلاّ أنّ الطائرات الصهيونية استهدفته بصاروخ ثالث عندما وصل طريق صوفا الرئيس، على بعد نحو مائتي متر من مكان الاستهداف الأول.

وتابع الأب “أصاب الصاروخ مقدمة السيارة ما أدى إلى انحرافها، حيث أُصِبت بجروح متوسطة، وقام أحد السائقين الذي تصادف مروره في المكان بنقلي إلى مستشفى غزة الأوروبي”.

إصرار على الصمود

وأكد سليمان موسى اللولحي أنه بعد تعافيه من الجراح التي أصيب بها عاد إلى منزله رغم يقينه أنه عرضة للعدوان الصهيوني، وقال باستمرار تتوغل قوات الاحتلال في هذه المنطقة وتقوم باحتجازنا وتفتيشنا، لكن لم أتخيل أن يصل بهم الإجرام لحد تدمير المنزل، فهو لا يشكل عليهم أي خطر”.

منزل المواطن اللولحي لم يكن الوحيد الذي استهدفه للعدوان الصهيوني الأخير، فخلال التوغل في المنطقة دمّرت قوات الاحتلال خمسة منازل وجرفت أكثر من مائة دونم من الأراضي الزراعية.

يهدمون ونبني .. يجرفون ونزرع

وحوّلت عملية التجريف للمنازل والأراضي الزراعية في المنطقة أطراف الفخاري الشرقية إلى منطقة جرداء مكشوفة، خالية إلاّ من بعض الأشجار القليلة التي سلمت من عدوان الصهاينة.

ومع ذلك؛ يصرّ اللولحي كما باقي الأهالي في المنطقة على استمرار الانغراس في أرضهم، وقال “إذا هدموا نبني وننصب خيمة ونبقى، إذا جرفوا الأرض نعيد زراعتها، إرادتنا قوية والتضحيات والمعاناة تزيدنا إصراراً على التمسّك بحقوقنا التي ورثنا وسنورثها لأبنائنا جيلاً تلو جيل”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات