الأربعاء 08/مايو/2024

ليلة رمضانية بين المرابطين على ثغور غزة للتصدي للاجتياحات الصهيونية

ليلة رمضانية بين المرابطين على ثغور غزة للتصدي للاجتياحات الصهيونية

في غمرة إحياء المواطنين الفلسطينيين في قطاع غزة لشهر رمضان المبارك؛ يستقبل المرابطون على ثغور القطاع موسماً رمضانياً من نوع جديد، وهو الاجتياح الصهيوني المتوقع بين يوم وآخر، في ظل التهديدات بشن عملية عدوانية واسعة.

وقد قضى مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” ليلة رمضانية طويلة مع مجموعة من هؤلاء المرابطين، على الحدود الشرقية لقطاع غزة مع فلسطين المحتلة سنة 1948، وبدا واضحاً خلالها كيف ينهمك هؤلاء في الإعداد والتأهب لحماية أبناء شعبهم وأرض القطاع مع الانكباب على العبادة والدعاء والتضرّع إلى الله في هذه الليالي المباركة.

المرابطون الاستشهاديون

لم يكن سهلاً مرافقة المرابطين في ليالٍ صعبة كهذه التي يحياها الغزيون، وبشقّ الأنفس وبعد جهود حثيثة أمكنت مرافقتهم، وجاء السؤال الأول حول هذه المجموعات المرابطة، وحجم المهام التي بانتظارهم.

وفي إجابته على تساؤلات مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام”، قال “أبو جعفر”، مسؤول المجموعة “شهدت انتفاضة الأقصى تطويراً على مختلف المجالات والأصعدة، لاسيما فيما يتعلق بتطوير العمل المقاوم، بالتزامن مع كل جديد تعده قوات الاحتلال للقضاء على هذه المقاومة، وربما من أبرز المستجدات في هذا المجال كان إقدام قوى المقاومة وفصائلها على تأسيس ما بات يعرف بـ وحدات المرابطين”.

وتابع قائد المجموعة موضحاً أنّ “مهام هذه الوحدات تتمثل بحراسة المناطق المعرضة للاجتياح الصهيوني، والمرابطة للرصد والاستطلاع، ويتركز معظم عملها في ساعات الليل، وتكون عادة في أماكن متقدمة مع خطوط التماس مع قوات الاحتلال وفي مداخل المدن والأحياء”.

ويواصل أبو جعفر وعيناه ترقب حدود القطاع المهدّد بعملية عدوانية واسعة، قائلاً إنّ “وحدات المرابطين تضم عدة خلايا أهمها: الاستشهاديين، حيث ينتظر بعض المقاومين دورهم لتنفيذ مهام قتالية عندما تحين الفرصة، ومن الملاحظ أنّ تسليح وتجهيز هذه المجموعات متشابه، فكل مجموعة لديها عبوات جانبية وعبوات أرضية، بعضها يتم زرعه بشكل ثابت وآخر يتم استخدامه ونقله حسب الحاجة، ويحمل أفراد كل مجموعة قذائف مختلفة ومتنوعة، ويحرص المرابطون على تغطية برنامجهم القتالي بشكل يومي كل ساعات الليل، كما أنّ هناك أيام مناوبة معدّة سلفاً لكل مجموعة”، وهو بالتأكيد عمل منظم ومهمة صعبة، وتعتبر المهمة الأساسية المناطة بهم هي الإنذار المبكر والتصدي للاجتياحات الصهيونية، كما يذكر.

مواجهة جيش الاحتلال

لقاء آخر جرى مع المسؤول المكلف بالعمل الميداني لهذه الوحدات، “أبو أسامة”، حيث رسم سيناريو ميدانياً لطبيعة عملها في ما يتعلّق بمواجهة الاجتياحات، قائلاً “لو كان لدينا عشر مجموعات مرابطة تقوم بمهامها وموزّعة على مواقعها؛ في هذه الحالة عند وصول بلاغ عن حشودات تمهيداً لعملية اجتياح؛ يتم تعميم البلاغ على كافة المجموعات، ثم يتم استنفار باقي المجموعات التي هي خارج المناوبة”.

ويضيف “أبو أسامة” شارحاً “إذا زادت الحشودات بشكل يوحي باجتياح وشيك؛ يتم نشر مجموعات أخرى في الخطوط الوسطى والخلفية، ولا يقتصر الأمر على الوحدات المناوبة المتقدمة والقريبة من خط التماس، ويتم مراعاة النطاق الجغرافي وتوقع أماكن ومحاور الاجتياح وهدف قوات الاحتلال، وعلى ضوء ذلك يتم توزيع المجموعات، ولدينا خرائط خاصة معدّة لذلك، وكل مجموعة تعرف تماما موقعها ومهمتها”.

وبشأن خطوات مواجهة الاجتياحات؛ قال القيادي الميداني إنّ “أهم سلاح لنا لمواجهة الاجتياحات هي العبوات الموجّهة، بحيث يتم وضعها وتحريكها حسب الحاجة، بالإضافة للقذائف المضادة للدروع مثل الآر بي جي وصواريخ البتار، وعند بدء الاجتياح تتوزع المسؤولية حينها على القادة الميدانيين لكل منطقة وكل مجموعة، للتعامل والتصرف مع المعطيات في الميدان، وهنا لا يمكن الرجوع في كل عمل إلى القائد الميداني العام؛ لأنّ المواجهة تكون قاسية، ولكن يتم إبلاغنا أولاً بأول عن تنفيذ عمليات تفجير آليات الاحتلال واستهدافها”.

الاشتباك مع القناصة

وفي الوقت الذي تندفع فيه القوات الخاصة الصهيونية وفرق الموت عادة في مقدمة الاجتياح الذي ينفذه جيش الاحتلال للسيطرة على أسطح المباني المرتفعة، واستخدامها في عمليات القنص؛ تكلف مجموعات المرابطين وحدات منها بالاشتباك مع هؤلاء القناصة بالأسلحة الأوتوماتيكية، والتعامل معهم بهدف إشغالهم عن مساندة القوة الرئيسة من مظليين وهندسة. كما تواجه هذه الوحدات المرابطة مروحيات الاحتلال التي ترافق عادة المهاجمين وتفتح نيران رشاشاتها الصهيونية الثقيلة تجاه منازل الفلسطينيين وتتعمد إيقاع عشرات الإصابات بين الأهالي، من خلال فرز مجموعات فدائية خاصة لإطلاق النار باتجاهها ومنعها من الاقتراب، ودفعها للتحليق بعيداً عن ميدان المواجهة الرئيس.

ويؤكد “أبو جعفر” في حديثه لمراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” بعدما انتصف الليل، أنّ المرابطين اعتادوا على اتباع تكتيك محترف في مواجهة عمليات التوغل، بحيث يعني تكتيكهم اقتحاماً متسلسلاً مضاداً بغرض نصب الكمائن للعدو، بحيث نقوم بفتح ثغرات في البيوت وعبرها، وننتقل من خلالها، ونكمن للجيش داخل هذه البيوت وفي هذه الثغرات كي نفاجئهم، وقد تمكنّا بفعل ذلك من السيطرة على المناطق التي تتوغل فيها قوات الاحتلال.

مجال آخر يشير إليه مرابط ثالث، يُكنّى “أبو القسام”، إذ يقول “في الوقت الذي تستعين قوات الاحتلال فيه بكاسحات الألغام؛ فإنّ العبوات الناسفة كانت الحل العملي لتطوّر دبابات المركافاة”، أكثر من ذلك، يؤكد “أبو القسام” أنّ المرابطين اكتشفوا أنّ بالإمكان تفخيخ مواسير المياه والحنفيات وصنابير المياه على جدران المنازل بالمخيمات، وهو أسلوب مبتكر، حيث يتم تفخيخها وكان الجنود يظنوها مواسير ماء فيتقربون منها بدون تردد لحاجتهم إلى الجدران للاحتماء بها، وعندها يتم تفجيرها، وهي عادة ما تكون بمستوى رأس الجندي الذي يحتمي بالحائط.

إعاقة تقدم الآليات

باتت الطرق التي تسلكها الدبابات والآليات العسكرية في الاجتياحات والتوغلات في أي منطقة؛ معروفة ومحصورة في نطاق ضيق ومحدود المعابر والمداخل، ما دفع المرابطين للاستفادة من أهمية هذا المعطى الميداني في وضع خطة التصدي للتوغل، من خلال تفخيخ المداخل وزرعها بالعبوات الناسفة الجانبية، ونشر عدد من المقاومين يحملون قذائف “آر بي جي” لإعاقة تقدم الآليات، وحصرها داخل مصيدة العبوات الناسفة.

ووفقاً لما يقوله عدد من المرابطين في هذه الليلة الرمضانية؛ فقد أشارت التجربة الميدانية إلى أنّ كل مرحلة من مراحل الاجتياح تنقسم إلى فصول، بحيث تتمثل المرحلة الأولى إلى جانب نصب الكمائن والعمليات الخاصة لتنفيذ الاغتيالات؛ بتكثيف القصف المدفعي واختراق حاجز الصوت فوق مدن وبلدات القطاع والاندفاع نحو مهاجمة مؤسسات ومعسكرات تابعة لقوى المقاومة، ثم يتم تعزيز سياسية الاغتيالات التي تُعتبر السياسة الأشد نجاحاً لضرب قيادات المقاومة. أما المرحلة الثانية من الاجتياحات والتي تُعتَبر انتقالية؛ فتتمثل باحتلال مواقع عبر السيطرة النارية على الأرض، أو البقاء فيها لفترات قصيرة، والمقصود هنا تحديد حدود معينة وإشعار السكان بحظر تجاوزها، بحيث أنّ كل من سيدخل المنطقة، سيُقتلَ!.

وتتمثل المرحلة الثالثة من الاجتياح التقليدي الصهيوني، حسب قول “أبي جعفر”، بإقامة منطقة عازلة من خلال دخول القوات البرية التابعة لجيش الاحتلال لفترة زمنية طويلة، ومع ذلك بقيت هناك نقاشات حادة داخل أوساط المؤسسة العسكرية الصهيونية، بشأن التخوّف من إمكانية تدهور الوضع الميداني في قطاع غزة إلى هذا الحد، حيث تتركز أماكن التوغلات والاجتياحات على المناطق القريبة من مواقع الجيش الصهيوني العسكرية. ويركز الاحتلال على تنفيذ عمليات اجتياح محدودة لمناطق معينة بأعداد كبيرة من جنوده، مزوّدة بآليات عسكرية ودبابات حربية ومساندة مروحية، تحت غطاء كثيف من إطلاق النار وقذائف المدفعية، مع فرض حظر التجوال على الفلسطينيين. كما يتمركز القناصة الصهاينة فوق البنايات المرتفعة ويحوِّلونها إلى ثكنات عسكرية لرصد رجال المقاومة، وتُفتح النار باتجاه أي جسم متحرك، وتنتشر أحياناً وحدات الموت الخاصة (المستعربين) لإعدام أي مقاوم ميدانياً.

مصادر صهيونية تتحدث عن “فرقة حماس العسكرية”

وكانت مصادر صهيونية قد أكدت أنّ حركة “حماس” تمتلك عبر جهازها العسكري “كتائب القسام”، فرقة عسكرية كاملة مزوّدة بأسلحة ومعدات متقدمة، وأنه لا توجد في جيش الاحتلال “أوهام” بشأن القوة العسكرية التي أخذت تُبنَي داخل قطاع غزة. كما أصبحت “حماس”، وفقاً لتلك المصادر، تنشر في غزة فرقة مشاة، مضادة للدبابات مخندقة لمعركة دفاعية، وهو ما يبدو مشابهاً من بعض الجوانب لتكتيات المقاومة اللبنانية.

وحسب المصادر ذاتها التي نقلت عنها وسائل إعلام عبرية تفاصيل بهذا الشأن؛ فإنه توجد تحت قيادة فرقة “حماس” ثلاثة قادة ألوية يرأسون ألوية في ثلاث مناطق، ويوجد لكل لواء قادة كتائب إقليمية ينتشرون في القطاع وتحتهم سرايا، وأقسام وقوات فنية مختصة بالتصدي للدبابات، وأعمال الإعطاب والدوريات، والتصوير والمراقبة، بإزاء قوات الجيش الصهيوني التي تعمل في منطقة الحراسة، وهي منطقة عرضها كيلومتر في عمق قطاع غزة. ويجلس قادة كتائب القسام الذين يديرون القتال مع القوات المتحركة ومع كمائن الجيش في الميدان، حسب تقديرات المصادر الصهيونية تلك.

وتتحدث تلك المصادر كذلك عن أنّ “فرقة حماس” أقيمت لإنشاء ميزان رعب مع الاحتلال، حيث يعتمد تصوّر تشغيل “حماس” في القطاع على جهدين دفاعيين وجهدين هجوميين، تبقى لتلك التقديرات. وفي التفاصيل أنه في نطاق الجهد الدفاعي تُبنَى القوة داخل المنطقة المدنية، تحت الأرض أو في الطوابق السفلى من المباني المأهولة، من أجل إحباط تميّز الطيران الحربي الصهيوني، ويرمي جهد دفاعي ثانٍ لإحباط تميّز قوات جيش الاحتلال المدرّعة الحصينة. وفي هذا النطاق تُبنَي عقبات، وتدفن ألغام، وشحنات ناسفة وقنابل مضادة للدبابات على طول ما تقدر المصادر الصهيونية أنها المحاور المركزية التي سيتحرك فيها جيش الاحتلال، والهدف هو أن يجبي الجيش الصهيوني ثمنا باهظاً عن كل محاولة اجتياح بري في القطاع.

أما “أبو أسامة”، فيؤكد أنّ العادة جرت بأن تستخدم قوات الاحتلال معدات ثقيلة وكبيرة، ومنها الجرافات التي يُطلق عليها اسم “الغول”، حيث لا تؤثر فيها العبوات ولا قذائف “أر بي جي” المضادة للدروع. ويقصّ القيادي عن أداء واحدة من هذه الجرافات في أحد الاجتياحات بقوله “لقد أسقطنا على إحداها سقف منزل ولم يحصل لها شيء، فجّرنا بها عبوة ناسفة فلم تتأثر، حاول أحد المقاومين حرقها من خلال الوقوف على سطح أحد المنازل وسكب البنزين وإشعال النار، لكن دون جدوى، وهكذا تنجح هذه الجرافات، حيث تخفق الدبابة والمروحية”، لافتاً الانتباه إلى أنه “حين تستخدم القوات المتوغلة هذا النوع م

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات