الأربعاء 08/مايو/2024

استياء متزايد في الساحة الأردنية من هجمة فياض على المؤسسات الخيرية

استياء متزايد في الساحة الأردنية من هجمة فياض على المؤسسات الخيرية

لا يزال الأردنيون يتابعون بقلق واستياء بالغين قرار “حكومة” سلام فياض غير الدستورية، القاضي بإغلاق أكثر من مائة جمعية خيرية عاملة محلياً، ويتعزّز الامتعاض الشديد مع دخول شهر رمضان المبارك.

وبالرغم من الخدش الكبير الذي ينطوي عليه قرار حل الجمعيات الخيرية في الضفة الغربية للشعور الديني والإنساني والوطني، خاصة مع حقيقة أنّ الشعب الفلسطيني لا يزال يرزح تحت الاحتلال، وأنّ الزكاة جزء من فرائض الدين الإسلامي، وأنّ خدمات تلك الجمعيات موجهة لفقراء الشعب الفلسطيني؛ إلاّ أنّ للقرار أبعادا مجتمعية واقتصادية “وخيمة” على المجتمع الفلسطيني وفق ما لاحظ مراقبون في الساحة الأردنية.

الإغلاق جريمة ويفتح الباب لـ”الجمعيات المشبوهة”

الخبير في العمل الخيري والمسؤول في “جمعية المركز الإسلامي الخيرية”، (أضخم الجمعيات الخيرية في الأردن)، المهندس مراد العضايلة، تعرّض مع مراسل “المركز الفلسطيني للإعلام” لمفاعيل القرار الأخلاقية والسلوكية على المجتمع الفلسطيني. فذلك القرار من وجهة نظره لن يؤثر على التبرعات للفلسطينيين بقدر ما سيثمر عن مزيد من “الانحراف والتفكك”، وبالتالي ارتفاع مناسيب “جرائم السرقة والقتل وربما العمالة للاحتلال”، متسائلاً “ماذا سيفعل الأيتام والفقراء في مجتمع تزيد فيه نسب البطالة عن 60 في المائة؟!”.

وحذّر العضايلة من خطورة القرار من ناحية “ترك الساحة الخيرية للمنظمات والهيئات التي تتدثر ببعض الأديان، وهي في حقيقتها مشبوهة تعمل لأجندة لا تمت للأمة”، موضحاً أنّ قرار فريق فياض لم يجرؤ عليه الاحتلال، وأنّ “حكومة” فياض كان بإمكانها بدلاً من الإغلاق “مراقبة حركة الأموال” التابعة لتلك الجمعيات.

من ناحيته، حذّر الأستاذ في علم الاجتماع في الجامعة الأردنية، الدكتور إبراهيم أبو عرقوب، في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”، من تداعيات قرار المسؤولين في رام الله على المستويين الأخلاقي والسلوكي، معتبراً ذلك القرار بمثابة “جريمة وغلطة تاريخية” تُرتَكب في حق الشعب بما فيهم الأيتام وأبناء الشهداء.

واستذكر أبو عرقوب كيف شدّد القرآن الكريم النكير على ما يشبه هذا الصنيع بقوله تعالى (منّاع للخير معتد أثيم).

فياض أظهر شهية مدهشة على السلطة

وكان الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي، وجّه قبل أيام نقداً لاذعاً لرئيس الحكومة غير الدستورية “المصرفي” سلام فياض، “الذي أظهر شهية مدهشة على السلطة وممارسة القمع وإغلاق المؤسسات والعمل بقوانين الطوارئ إن أمكن له ذلك”.

كما فنّد الكاتب ياسر الزعاترة، دعوى الفساد والمخالفات المالية التي تم التلويح بها لتبرير قرار الإغلاق، باستحضار “غياب السلطة” منذ سنة 2002، وبالمقارنة مع “عشرات المؤسسات التي تسمي نفسها مؤسسات مجتمع مدني وتزدحم شوارع رام الله بمكاتبها، بينما معظمها مجرّد دكاكين تتاجر بالمعونات الأجنبية لفائدة شطار من المناضلين أو السياسيين المتقاعدين أو التائبين!!”.

وأشار الزعاترة في مقال له؛ إلى ما نشرته صحيفة “هآرتس” العبرية في الحادي والعشرين من آب (أغسطس) الماضي، بشأن تفاصيل “الخطة الاقتصادية ـ السياسية” التي وضعها راني لوفنشتاين، من أجل “تثبيت” وضع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، والتي نوقشت في مؤتمر مغلق نظمه “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى”، بحضور الطرفين الفلسطيني والصهيوني، وبحضور وفد أمريكي ومبعوث من الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى مندوبين لدولتين عربيتين.

قرار فياض سينعكس سلباً على الاقتصاد الفلسطيني

ومع تأكيده الأبعاد السياسية لقرار فريق فياض وارتباطه بالصراع مع حركة “حماس”؛ أوضح المحلل الاقتصادي سلامة الدرعاوي، إلى أنّ ذلك القرار سينعكس سلباً على توفير الخدمات الأساسية للشعب الفلسطيني، لأنها كانت تغطي “الفراغات” التي تركها الحصار على الشعب الفلسطيني، والذي لم تتمكن السلطة من “تفكيكه أو رفعه”.

وأوضح المحلل والمحرر للشؤون الاقتصادية في صحيفة “العرب اليوم” الأردنية لـ “المركز الفلسطيني للإعلام”، أنّ العمل الخيري من الناحية الاقتصادية “هو أحد أدوات الدولة التنموية في مساعدة شريحة واسعة من المجتمع، وتمكينها من الحصول على دعم ومساعدات في الوقت الذي تعجز فيه الدولة عن إيصالها”، وبالتالي يُعتَبر “العمل الخيري من الأدوات غير الرسمية في تغطية هذا الجانب، وهذا ما يجعل الدول تتمسك دائما بهذا القطاع”.

إلاّ أنّ الهجمة الاستئصالية التي يشنها فريق عباس ـ فياض على العمل الخيري والمؤسسات الأهلية العاملة في فلسطين، يضرب عرض الحائط بهذه الحقائق كله، فاتحاً الباب على مصراعيه أمام تداعيات شديدة الخطورة لذلك القرار، على نفقة المجتمع الفلسطيني وشرائحه الأضعف.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات