الجمعة 07/يونيو/2024

الصراخ على قدر الألم يا عبدربه!

رشيد ثابت

تصريحاته كانت على الدوام مثار جدل…

وكان عبدربه دائما البوق الأسوأ للتعبير عن الأكثر رداءة مما في فريق المساومة والتفريط من أمراض نفس ونوايا مضرة بفلسطين وبمقاومتها؛ لكن آخر تصريحاته التي وصفت صواريخ القسام بأنها “حمقاء” بلغ مرحلة جديدة في الفجور السياسي فاقت كل حد؛ فما السر في ذلك؟

ما هو سر هذا التخبط الذي يدفع عبدربه للحديث باسمه وباسم تياره الإرجافي على هذا النحو المضطرب المختل؟

صواريخ القسام – ” الحمقاء” بحسب عبد ربه – نجحت في خلق أزمة لاجئين في الدولة العبرية؛ وشاهد العالم لأول مرة حركة نزوح في فلسطين المحتلة عام 1948 بسبب جهد فلسطيني مسلح؛ وليس بسبب عدوان صهيوني؛ وكان النازحون ثمانية آلاف صهيوني ولم يكونوا من الفلسطينيين؛ فكيف تكون هذه الآلة حمقاء؟ وكيف يقال هذا الكلام من مسؤول فلسطيني هو أمين سر اللجنة التنفيذية في منظمة “التحرير” – وضعوا عشرة خطوط تحت كلمة التحرير!

وحتى لو كانت صواريخ حماس هذه غير بريئة النوايا والمنطلقات؛ وتهدف فقط لإنفاذ مخططات “شريرة” داخل قطاع غزة ؛ وتوسيع مساحة نفوذ حماس والمقاومة فيها كما يقول عبد ربه؛ فهي تؤدي هذا الدور بذكاء وفعالية؛ ونفوذ حماس يتسع بسببها فعلا بنجاح؛ وآخر ما تصح فيها صفة الحمق والغباء!

فما السر في هذا الغضب يا ترى؟

لو نحينا عواطف السيد عبدربه المضطربة؛ وركزنا في معنى الموقف لفهمنا أن الرجل معذور؛ فهو قلق على مستقبله وقلق على وظيفته وانتفاعه وارتزاقه. الرجل يحب كثيرا زيارة شرم الشيخ وإيلات ويحب جنيف ويعشق حضور مؤتمر حاملي جوائز نوبل في البتراء – لا أعرف حقيقة نوع الأجندة وطبيعة المؤتمر الذي يجمع العلماء بعبد ربه (…) – وهو ينظر لكل هذه الأمور ويراها مهددة بالتحول إلى سراب.

فالمبرر الوحيد لبقاء واستمرار الجناح التفريطي الإرجافي في فلسطين كان ولا يزال في الدور الأمني الذي يلعبه؛ وبغياب الدور الأمني فإن عبدربه وسيده عباس وباقي جوقة زعامات المنتجعات وأعجاز نخل التفاوض الخاوية تدرك أن لا وظيفة لها ولا دور؛ وأن شرايين بقائها من دعم مالي وسياسي ستنقطع. الدور الأمني في حماية الكيان الصهيوني هو السلعة الوحيدة التي تمنح هؤلاء فرصة للارتزاق بتمثيل فلسطين سياسيا؛ وهذا المورد يتسرب من أيديهم بفضل القسام وبفضل صواريخه؛ بسرعة بالغة.

الكيان الصهيوني يراقب ما جرى ويجري في قطاع غزة عن قرب؛ وهو يفهم كيف أن حرس الرئاسة تقهقر أمام جحافل قوات حماس بانتظام؛ وأنه بخلاف فجرات وغدرات القتل العشوائي والإعدام على الهوية فإن ميليشات فتح بكل أسمائها – من حرس رئاسي أو أمن وقائي – تخسر كل مواجهاتها العسكرية مع حماس؛ وتثبت أنها واهية وضعيفة؛ وتتموضع في منتدى الرئاسة ومقر الوقائي في تل الإسلام كأنها فئران المالكي المذعورة المختبئة في المنطقة الخضراء؛ وهي غير قادرة على حماية حتى بيت أبو شباك ومقراتها؛ وغير قادرة على تأمين سلامة عناصرها؛ ولا تستطيع الاحتفاظ بموقع استراتيجي واحد مثل معبر المنطار؛ وتتحول بانتظام لعبء على الصهاينة؛ إن على مستوى الحاجة لعلاج الجرحى في إسرائيل؛ أو على مستوى الحاجة لإيواء قوات عباس المتقهقرة من مواقعها إلى داخل حدود فلسطين المحتلة عام 1948!

الكيان الصهيوني يراقب كل هذا ويقدر ويحسب: هل هو بحاجة لأزمة لاجئين لحديين جديدة؟ هل في اقتصاد مطاعم تل أبيب متسع لمطاعم جديدة يستثمر فيها كل قادة حزب التفريط وعلى خطى “أنطوان لحد”؟

الجهات الأمنية العليا في الكيان – بحسب تقارير نشرت في هآرتس – ترى خسارة محمود عباس وقواته لمعركة السيطرة على غزة؛ وتقدر أنه لم تعد هناك جدوى لمساعدتهم؛ وبعض جنرالات الكيان بات يخشى من تحويل أسلحة لقوات فتح مخافة أن تنتهي في أيدي عناصر حماس كغنائم حرب؛ أو فيء بارد؛ أو حتى مبيعة بالمال!

عبد ربه وكل من يستعملونه بوقا للطعن في المقاومة من تيار المتصهينين يعرفون ذلك؛ ويدركون أن الورقة الوحيدة التي في أيديهم – ضمان أمن” إسرائيل” – تذوي وتذبل وتجف؛ والفضل في ذلك كله لصواريخ القسام!

فهل يلام الرجل في الخوف على معاشه؟ وهل يلام في القلق على كل خططه للسفر والتفاوض في الشهور والأعوام المقبلة والتي كلها صارت محل استفهام؟

هل يلام لأنه يرى قبعة “الشيف” في منامه ويصحو مذعورا؟

سامحوا عبدربه فصراخه على قدر الألم!

لكن لا؛ استغفر الله؛ أرجو أن لا تسامحوه أبدا! بل ادخروا لهذا الخائن كلامه واحتفظوا له بمواقفه مسجلة؛ وزيدي يا كتائب القسام من صليات صواريخك ورشقاتها حتى يزيد فيض قيح وقبح عبدربه؛ ويقيء التيار المتأسرل والمتصهين في فتح وأشياعها المزيد من أوساخهم؛ وحتى تتم فضيحة فريق الإرجاف؛ ويحضر كل الجمهور الفلسطيني السوق؛ ومن لم يرد أن يشتري فلعله يتفرج على وصلات العهر السياسي لياسر عبدربه!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات