الأحد 19/مايو/2024

قلقيلية .. الانفجار السكاني يطلق صافرة الخطر بعد تفاقم التوسع الاحتلالي

قلقيلية .. الانفجار السكاني يطلق صافرة الخطر بعد تفاقم التوسع الاحتلالي
إنها على وشك الانفجار السكاني، بعد أن حوّلتها مغتصبات الاحتلال التي طوقتها، وجدار العزل والقضم الذي استولى على ما استصلحه سكانها من أرضها للزراعة؛ إلى سجن كبير يضيق بنزلائه، ويغص بأعدادهم التي تفوق طاقته الاستيعابية.

هذا هو أهم ما استخلصته دراسة عن الواقع والمستقبل السكاني لمدينة قلقيلية، والتي أعدها الباحث الفلسطيني المهندس ياسر جعيدي، لافتة الانتباه إلى أنّ هناك 45 ألف نسمة يعيشون في المدينة على بقعة جغرافية صغيرة للغاية، لا تتجاوز مساحتها 4200 دونم أي ما يساوي 4.2 كيلومترات مربعة فقط.

                                     ثلاث نكبات متوالية

وأوضح الباحث جعيدي أنّ الحال الذي وصلت إليه مدينة قلقيلية اليوم إنما هي بسبب ثلاث نكبات لحقت بالمدينة بفعل الاحتلال، الذي سيطر على أراضي المدينة، دون أن يعبأ بمستقبل الحياة فيها.

ففي سنة 1948 تم احتلال جميع أراضي قلقيلية الزراعية السهلية، والتي تشير بعض المراجع إلى أنّ مساحتها تصل إلى حوالي 40 ألف دونم، أي ما يعادل 40 كيلو متراً مربعاً، إضافة إلى تهجير أهلها.

وفي سنة 1967 تم احتلال بقية الأراضي المحيطة بها، وحُوِّلت إلى مستعمرات لتطويق المدينة ومنع توسعها العمراني وتواصلها مع باقي المدن.

أما في سنة 2003؛ فقد حلّت بها نكبة جدار الضم والتوسع، والذي قضم ما استُصلح فيها من جبال وأراض صخرية، بعد أن حولها أهلها إلى أراض زراعية ليعيشوا على ما تبقى لهم فيها.

                                      الكثافة السكانية

ووفقا لنتائج الدراسة التي توصل إليها الباحث الفلسطيني المهندس جعيدي؛ فإنّ الكثافة السكانية لمدينة قلقيلية هي الأعلى على الإطلاق بين المحافظات والمناطق الفلسطينية، حيث يعيش أهالي قلقيلية البالغ عددهم 45 ألف نسمة على مساحة لا تتجاوز 4.2 كم2 (4200 دونم)، وهي التي سُمح فيها للسكان بالبناء عليها.

وتبلغ هذه الكثافة 10714 فرداً لكل كيلومتر مربع واحد ، وهي تفوق الكثافة السكانية لمحافظة غزة والتي تبلغ 6834 فرداً لكل كيلو متر واحد، والتي سُجِّلت في بيانات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني للعام 2006 كأعلى كثافة سكانية على مستوى المحافظات الفلسطينية، وهي تفوق الكثافة السكانية لقطاع غزة (3956 فرداً لكل كيلو متر مربع)، والضفة الغربية (432 فرداً لكل كيلو متر مربع) أيضاً.

                                  توضيحات عددية مهمة

ويعلِّل الباحث تلك النتيجة الإحصائية التي توصل إليها، والخاصة بمدينة قلقيلية، بما قد يبدو مختلفاً عن بيانات جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني؛ بقوله إنّ بيانات الجهاز الإحصاء عن الكثافة السكانية حُسبت على مستوى المحافظات وليس على حساب المدن، وهو ما قد يفاجىء المسؤولين بمعرفة هذه الحقيقة.

وبحسب معلومات جهاز الإحصاء المركزي؛ فإنّ الكثافة السكانية لمحافظة قلقيلية (وليس المدينة)، تبلغ 587 فرداً لكل كيلو متر مربع، حيث يبلغ عدد سكان المحافظة 97472 نسمة، وتبلغ مساحتها 166 كيلو متراً مربعاً. وبحسب الدراسة ذاتها؛ فإنّ هذه الكثافة تهمل التوزيع الجغرافي لسكان هذه المحافظة وما يطوقهم من جدار ومستعمرات، خصوصاً وأنّ معظم أراضيها يقع في منطقة “ج” (بموجب تقسيمات اتفاقات التسوية السياسية المنهارة). وتشير الدراسة في هذا الصدد إلى أنّ 60 في المائة من أراضي الضفة الغربية يقع تحت السيطرة الصهيونية في المنطقة “ج”، وهي المنطقة التي تتحكم فيها سلطات الاحتلال بالكامل.

وإذا كانت إحصاءات الجهاز تشير إلى أنّ عدد المستعمرات الصهيونية في المحافظة هو سبع، يعيش فيها 25739 مستعمراً، وتبلغ مساحة الأراضي المبنية فيها 10.8 كم2؛ فإنّ هذه البيانات برأي الباحث جعيدي غير دقيقة، خاصة وأنّ البيانات هي عن العام 2005 ولا تشمل جميع المستعمرات. ويضاف إلى ذلك أنّ بيانات منظمة “السلام الآن” تشير إلى أنّ ما يزيد عن 40 في المائة من أراضي الضفة الغربية تقع رسميا تحت سلطة ما يسمى “بلديات” تلك المغتصبات، وهو ما تقدر مساحته بنحو 2262 كم2 من أراضي الضفة الغربية المقدرة بـ 5655 كم2.

                                        تحليل البيانات

ولتحليل الرقم المتصل بالكثافة السكانية لمدينة قلقيلية، والذي بلغ 10714 فرداً لكل كيلو متر مربع واحد؛ فإنّ دراسة الباحث الفلسطيني تشير إلى أنّ حصة الفرد الواحد في المدينة من الأرض بسمائها اليوم لا تتجاوز 93 متراً مربعاً، وبعد احتساب مساحات الطرق والارتدادات والأماكن العامة فإن هذه المساحة تصل إلى النصف، ويمكن تقديرها بحوالي 50 م2. وبافتراض أنّ معدل عدد الطوابق في المدينة بين طابقين إلى ثلاثة طوابق، أي بمعدل 2.5 طابقاً، فإنّ الفرد الواحد في المدينة لا تتجاوز حصته عن شقة بمساحة 125 م2 في مبنى مكون من طابقين إلى ثلاثة طوابق.

                                    تثبيت السكان الحاليين

ويشدد الباحث على أنّ مدينة قلقيلية لن يكون بوسعها استيعاب أعداد أخرى في حال النمو الطبيعي للسكان الحاليين، وهو ما يعني أنّ عليهم البحث عن مكان آخر للسكن والعيش.

ولعل الواقع الديمغرافي الخطير للمدينة وتطوّراته المستقبلية المتوقعة؛ تفرض على الجميع البحث عن حلول لإنقاذ قلقيلية وتثبيت أهلها فيها، في مواجهة سياسات الاحتلال التي مافتئت تعمل على محاصرتها وتهجير أهلها منها، وإلاّ فإنّ الجميع أمام كارثة أو نكبة يمكن أن تحل بهذه المدينة إن عاجلا أو آجلا لا قدر الله، وفق تقديرات الباحث.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات