الجمعة 03/مايو/2024

السلاح الفلسطينى

السلاح الفلسطينى

صحيفة الخليج الإماراتية

تثير كلمة السلاح تساؤلات عديدة: ماذا يقصد بالسلاح؟ وما هو السلاح الشرعي والقانوني؟ ومن له حق استخدام السلاح؟ وما هي وظائفه وأدواره؟ وما هي أسباب تعددية السلاح الفلسطيني؟ وما هو مستقبل سلاح التنظيمات؟ وما هي النتائج التي تترتب على بعثرة السلاح الفلسطيني؟ أسئلة كثيرة ومتداخلة يثيرها موضوع السلاح الفلسطيني. الإجابة عنها تحدد مصير العمل السياسي والنضالي للشعب الفلسطيني.

ولعل أكبر التحديات التي تواجه حكومة الوحدة الوطنية كيفية التعامل مع هذا السلاح. ومن سينتصر في النهاية السياسة أم السلاح؟ أعود وأتساءل من جديد هل أدى السلاح الفلسطيني وظيفته في غزة؟ الإجابة الواضحة نعم، وذلك بانسحاب “إسرائيل” من هذا الجزء من الأرض الفلسطينية. وكان من المفترض أن تتم عملية تنظيم وإعادة تقييم له، والتأكيد على سلاح السلطة الشرعية وتفعيل دورها في التأكيد على الأمن الاجتماعي وتوفير مقومات نجاح خطط إعادة البناء الاقتصادي والاجتماعي ولتتحول غزة كنموذج بناء سياسي وحضاري، ولكن ما حدث هو العكس تماماً إذ تراجع سلاح السلطة، وتعددت مصادر السلاح، وتضخمت أسلحة التنظيمات، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل انتشر على المستوى العائلي والفردي، وهذا ما فسر لنا ابتعاد هذا السلاح عن أداء وظائفه الحقيقية.

نظرياً يفترض أن “إسرائيل” قد انسحبت من غزة لكن ذلك لا يعني أن احتلال الأرض الفلسطينية قد انتهى، وهو ما يعني استمرار مبرر السلاح المقاوم ولكن في إطار السلاح الشرعي الذي تملكه فقط السلطة المنتخبة، وفي هذا السياق ينبغي أن تحدد وظائف هذا السلاح ودوره وحصره فقط في إطار مقاومة الاحتلال بما لا يتعارض مع أهداف السلاح الشرعي.

والسلاح المقاوم هو الذي يدفع في اتجاه إزالة الاحتلال لا عودته، وهو الذي يدعم الشرعية السياسية ولا يشكل بديلاً ومنازعاً لها، وهنا تكمن أحد أهم أبعاد معضلة السلاح الفلسطيني. نعود ونتساءل من جديد هل يؤدي السلاح الفلسطيني وظائفه المطلوبة؟ الملاحظ أن هذا السلاح وبسبب حالة الانتشار والتعدد في مصادره أوجد سلطات متعددة كل منها له مبرراته وحججه، وهو ما أدى بالسلاح الفلسطيني إلى أن ينحرف كثيراً عن أداء وظائفه وصار يشكل تهديداً للأمن الاجتماعي، ويفسر لنا حالة الفلتان الأمني التي يعاني منها المواطن الفلسطيني، بل والمجتمع الفلسطيني كله، وما لذلك من انعكاسات خطيرة على القضية الفلسطينية ومستقبلها وعلى توصيف السلاح الفلسطيني خارجياً.

وعلى الرغم من تعدد عناصر مشكلة السلاح الفلسطيني، فالأمر لا يبدو صعباً على الحل، والخطوة الأولى تكمن في عدد من المدركات، أولها أن السلاح الشرعي واحد، ولا يقبل التعدد في السلاح، والخطوة الثانية تنظيم سلاح المقاومة والتزامه بالشرعية، أما الخطوة الثالثة فهي استبعاد ما عدا ذلك من سلاح لأنه يعتبر سلاحاً غير شرعي. ومن المدركات المهمة التي يجب العمل على استعادتها هيبة السلطة السياسية وهيبة المؤسسة الأمنية المدعومة بقوة القانون، ومن المدركات الأخرى المهمة التسليم بقواعد وأسس اللعبة الديمقراطية ونتائجها، وتمشياً مع هذا المبدأ يحتاج الأمر إلى مراجعة هيكلة التنظيمات وبرامجها السياسية وانغماسها في العملية السياسية في إطارها الديمقراطي، وعدم اقتصار المشهد السياسي الفلسطيني على أنه مجرد مباراة صفرية بين حماس وفتح، فهناك قوى سياسية أخرى عديدة يمكن أن تسهم بدعم عملية المشاركة السياسية الأوسع. ومن المدركات المهمة في هذه المرحلة مراجعة وتقييم أساليب المقاومة وأيها أجدى في سياق التطور العام للقضية الفلسطينية إقليمياً ودولياً.

ينبغي التأكيد على أهمية تبعية السلاح للسلطة السياسية الشرعية وليس العكس، ولا يمكن لأي تنظيم أن يؤسس سيطرته بقوة السلاح، بل بقوة الشرعية السياسية التي أساسها الانتخابات والديمقراطية.

* أستاذ العلوم السياسية – غزة

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

عدنان البرش.. الطبيب الإنسان

غزة – المركز الفلسطيني للإعلاملم يترك الدكتور عدنان البرش (50 عامًا) مكانه ومهمته في إنقاذ جرحى حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية بغزة، حتى اعتقاله...