عاجل

السبت 04/مايو/2024

خطة الانقلاب على مشروع المقاومة وخيارات الشعب الفلسطيني (1)

رشيد ثابت
لا بأس في البداية من بعض الفذلكة التاريخية؛

وسأبدأ من يوم وفاة الملك الأردني السابق حسين؛ ودعوة المجلس النيابي الأردني للانعقاد لمبايعة الملك الذي أطاح بمعونة أبيه بعمه الذي انتظر المنصب قرابة الأربعين عاما. لا يهمني في هذا المشهد الحديث عن الانقلاب على الأمير حسن ولا عن سيرة الحكم الأردني وصلاته المعروفة في معاداة الأمة وخياراتها؛ بل سأقتصر على جزئية تفصيلية شكلية تعكس مدى غربة هذا العرش وهذا النظام مع قيم الأمة الروحية وأهدافها وآلامها وآمالها.

فالمسؤولون عن “بروتوكول” الاجتماعات في القصر الهاشمي لم يخطر على بالهم أن ميعاد الجلسة الذي حدد ارتجالا يوافق النداء على صلاة العصر؛ فوصل ملكهم المتوج مع حاشيته والمسؤولين ودخلوا المجلس النيابي للاجتماع رغم أن النداء على الصلاة من مسجد الملك عبدالله عند مقر المجلس كان يخرم أذني من به صمم!

هذا الموقف – على بساطته شكلا – كان دليلا عقد في فؤادي من تلك الأيام فكرة مفادها أن مؤسسة العرش الأردني ليست مع قيم العروبة والإسلام في غربة جوهرية وحسب؛ بل إن تلك الغربة عميقة لدرجة أن القوم لا يفهمون شكل الأداء والتصرف عند العرب والمسلمين؛ ولا يراعون في أفعالهم العرف والمظاهر والتقاليد الإسلامية ولو من باب إدارة العلاقات العامة؛ ولا يفهمون أن العرب والمسلمين يحددون اجتماعاتهم في غير أوقات الصلاة؛ فتكون حفلة الزفاف بعد صلاة العشاء؛ وتكون مأدبة الطعام بعد صلاة الظهر؛ ونحو ذلك مما يعرفه كل عربي ومسلم!

صحيح أن النظام يدير على مر الأعوام تمثيلية “الزن” على الشرعية الدينية بالانتماء المزعوم للبيت الهامشي؛ إلا أن التمثيلية السمجة والمكرورة والمملة لا تنجح في تسجيل ولا نقطة واحدة في مباراة الشعبية؛ ذلك أنها تؤدى من قبل فريق عاجز عن محاكاة ما يخترق حواس الجمهور عربيا وإسلاميا.

لكن أطرف الشواهد على غربة العرش الأردني عن قيم الأمة الروحية يتمثل في اختياره “دار الندوة” اسما لقصر إدارة الأعمال وتصريف الأحوال من قبل الملك. صحيح أن الاسم جزء من ميراث قريش العريق؛ لكنه ميراث سلبي يفترض بقريش أن تتخلص منه؛ تماما كما تخلصت العرب من المرباع والصفايا والحام والوصيلة وكل مسميات الكفر والشرك؛ إذ لا يعقل أن يقدم مسلم – مهما بلغت به غربته عن دينه مبلغها – على تسمية مكان عمله باسم المكان الذي ائتمرت فيه قريش على قتل محمد صلى الله عليه وسلم!

هذا الوجه لقريش هو وجه أبي لهب؛ ووجه أم جميل حمالة الحطب؛ وهو حري به أن يطمس ويسحق وتدرس آثاره لمصلحة إشراقة الوجه الإسلامي لقريش؛ فكيف غابت هذه البديهية عن العقل الذاهل لمسؤولي الديوان الملكي كل هذا الوقت؟

إما أنهم ذاهلون؛ أو أن الله أمدهم في طغيانهم يعمهون؛ ومكر بهم؛ فأجرى على ألسنتهم أليق اسم يستحقه بيت المؤامرات هذا! فدار الندوة؛ وساكنو الدار على مر عصور الدولة الأردنية انخرطوا في مؤامرات لا تنتهي على الأمة العربية والإسلامية؛ وكانت فلسطين والقدس على رأس قائمة هذه المؤامرات وفي بؤرة هذا الاستهداف!

والآن تعود الدار للتآمر لا على قتل محمد صلى الله عليه وسلم هذه المرة؛ بل من أجل هدم المشروع الإسلامي وهدم مشروع المقاومة في فلسطين؛ والانقلاب على خيارات الشعب الفلسطيني؛ عن طريق وضع خطة أردنية أمريكية مشتركة لضرب حماس والمقاومة وتوطيد أركان الحكم للخونة والمفرطين!

وكان من صنع الله لعباده أن افتضح أمر الخطة؛ فنشرتها صحيفة المجد الأردنية للعلن؛ فجزاهم الله خيرا من قوم كرام أحرار سارعوا إلى فضيحة المفتضحين ولو على حساب ما سيلقون من تعب ونصب على يد أجهزة النظام الأردني – هذه الأجهزة التي شنت من فورها حملة لسحب الصحيفة من الأسواق حماية للسمعة الرديئة لدار الندوة ومشاريع دار الندوة.

فما هي هذه الخطة؟ وها هي أبعادها؟ وما هي أدوار كل عناصر الفريق الخياني العربي فيها؛ سواء كان هؤلاء في فلسطين أو خارج فلسطين؟

سنحاول في المقالات القادمة تغطية كل هذه الجوانب؛ وفضح هذا المخطط الذي دبر بليل؛ وتحليل معاني ومرامي هذا المخطط فلسطينيا وعربيا ودوليا؛ فإلى لقاء قريب.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات