السبت 27/أبريل/2024

في ظلال الصواريخ (1)

رشيد ثابت

بات صاروخ القسام جهازا لقياس الأصالة والكرامة؛ وميزانا للرجولة ومواقف الرجال في فلسطين أو غيابها!

والقذيفة الأكثر تدميرا في مئوية الغضب الصاروخي القسامي لم تكن واحدة من المائة صاروخ التي أمطرت فيها الكتائب العتيدة أوكار إخوان القردة في ساعتين؛ وبمعدل صاروخ واحد كل اثنتين وسبعين ثانية! بل كان الصاروخ الأشد فتكا صاروخا استراتيجيا ذا رؤوس متعددة؛ أولها تصريح القيادة السياسية ممثلة في شخص الناطق باسم حركة حماس الأستاذ فوزي برهوم؛ وثانيها كان تصريح أبي عبيدة؛ الناطق باسم الجناح العسكري لحماس؛ وقادمة جناح فلسطين؛ كتائب الشهيد عز الدين القسام!

فهاتان الكلمتان عن استئناف المقاومة والجهر بتحدي الصهاينة كانتا خفيفتين على اللسان؛ إلا أنهما كانتا أثقل من مطولات لا تنتهي من الدراسات والدفوع والتبريرات التي تشرح الفرق الجوهري والتاريخي بين سياسة في خدمة القضية؛ وسياسة تعضد البندقية؛ وبين قضية توظف لخدمة السياسيين؛ وبندقية ترهن مقابل كأس من خمر؛ وصورة عند بركة السباحة؛ أو شاطئ الخليج بظاهر شرم الشيخ!

اليوم جددت حماس قتل آخر أمل لقيادي صهيوني خرف؛ أو مسؤول أمريكي متعجرف؛ أو سياسي أوروبي أفاك منحرف؛ في أن تخضع الحركة وتنطق بكلمة الكفر الشرعي والوطني؛ وتدع المقاومة في سبيل الله والجهاد من أجل عرض دنيوي زائل يحلق الكرامة؛ وتمتنع عن قطع الشجرة التي عبدت من دون الله مقابل درهمين نجسين من الشيطان؛ وكما فعل الذي نكثوا غزلهم وانتكسوا وارتكسوا؛ واستعاضوا عن العزة بالذل؛ والوطنية بالخيانة؛ وباعوا خلود الشهداء بصغار التفريط والتنازل؛ والنطق بكلام وضيع عن تحقير العمليات الاستشهادية!

لقد قتلت وساوس صدورهم يا قسام؛ كيف لا وأنت أعدت رسم الحدود واضحة بين مدرستين: مدرسة من لا تزيده تزكية الناس وفوزه في الانتخابات ودفعه للحكم إلا التصاقا بالناس؛ والتصاقا بعهده للناس؛ وحرصا على المواثيق الروحية والوطنية الكبرى؛ ومدرسة من يرى الوطن والدم والشهداء والتراب والمقدسات مرقاة لهواه؛ وسلما لأطماعه الشخصية ومرض قلبه وفساد ضميره؛ ولو على حساب دينه ووطنه وشعبه!

وبين يدي القسام يكرم المرء أو يهان…

وعلى رأس من أكرمه الله تعالى اليوم كان شعب فلسطين؛ الذي ينبغي على كل فرد فيه أن يحفظ لله نعمته فينا أن أنعم علينا بما فتح لنا بالحق؛ فصنعنا السلاح تحت الاحتلال؛ وتمكنا بجهد المقل؛ وعدة الفئة القليلة التي ستغلب فئة الكفر الكبيرة بإذن الله – تمكنا من أن نجدد للعدو موقفا يتذكر فيه أن في فلسطين رجالا من الطائفة المنصورة؛ لا يضام في كنفهم مستضعف إلا انتصفوا له من المعتدي عليه؛ ولو كان دون ذلك بذل دمائهم وأرواحهم!

اليوم أيضا أكرم الله الأقصى والمقدسات؛ وأحباب أرض الإسراء والمعراج؛ وعشاق أولى القبلتين وثاني المسجدين والبراق والصخرة من أبناء الأمة الإسلامية؛ بأن جدد أملا لهم لم يخب أبدا في هذه الثلة المصطفوية المهاجرية الأنصارية من جيش محمد صلى الله عليه وسلم؛ ولو كره الكافرون؛ ولو كره ذلك معهم فريق من ضُلال المسلمين وحَسَدَتِهِم وغَشَشَتِهِم!

ذلك إذا حديث الكرام الذين رقصت قلوبهم عشية المئوية الصاروخية فرحا!

أما اللئام الذين ألحق القسام بهم العار والمهانة فيحتاجون أن يفرد فيهم مقال خاص؛ منعا لاجتماع الكرام واللئام على صعيد واحد؛ وأيضا لأن قدر مهانة من عراهم القسام وحقرهم أكبر من أن تغطيه عجالة؛ فإلى الملتقى في القريب العاجل إن شاء الله؛ مرة أخرى في ظلال الصواريخ!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات