الأحد 19/مايو/2024

دراسة تحذر: التمادي في قمع وإذلال المعتقلين سيدفع لخوض انتفاضة الأسرى

دراسة تحذر: التمادي في قمع وإذلال المعتقلين سيدفع لخوض انتفاضة الأسرى
حذرت دراسة حول أوضاع الأسرى والمعتقلين في السجون والمعتقلات الصهيونية، من أنّ التمادي في قمعهم وإذلالهم، والتجاهل والتنكر لحقوقهم الأساسية، سيدفع بالشعب الفلسطيني لا محالة لخوض “انتفاضة ثالثة” عنوانها “انتفاضة الأسرى”.
 
ولفتت الدراسة، التي أعدها عبد الناصر عوني فروانة، المختص بقضايا الأسرى، الانتباه إلى أنه منذ العام 1967 ولغاية الآن، اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني قرابة 700 ألف مواطن فلسطيني، أي ما يعادل قرابة 25 في المائة من عدد مواطني الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة 1967. وأوضحت الدراسة في هذا الصدد، أنّ هذه النسبة تعد أكبر نسبة في العالم لجهة عدد المعتقلين، علاوةً على من تم اعتقالهم قبل هذا التاريخ، ومن اعتقلوا من الأراضي التي احتلت عام 1948م، والآلاف من المواطنين العرب.

                       استقرار المنطقة مرتبط بإنهاء الاحتلال وإطلاق الأسرى

 
وشددت الدراسة الجديدة على أنّ الأمن والاستقرار في المنطقة لم ولن يتحقق يوماً إلا بالسلام القائم على العدل، الذي يبدأ بإنهاء الاحتلال، وإطلاق سراح كافة الأسرى والمعتقلين، دون قيد أو شرط أو تمييز وفي مقدمتهم الأسرى القدامى، وضمن جدول زمني واضح وملزم.

وكان فروانة، قدّم هذه الدراسة للمؤتمر الخامس لمؤسسة القدس الدولية، الذي عقد في العاصمة الجزائرية الجزائر، في أواخر آذار (مارس) الماضي، وهي تحمل عنوان “أوضاع الأسرى في سجون الاحتلال (الصهيوني) عامةً والأسرى المقدسيين خاصةً”، حيث شدد على أهمية مساندتهم ودعمهم والعمل على تحريرهم.

وأشارت الدراسة التي لقيت اهتماماً بالغاً، إلى أنه رغم ضمّ الجزء الشّرقيّ من القدس لحدود الكيان الصهيوني رسميّاً في الثامن والعشرين من حزيران (يونيو) 1967؛ إلاّ أنّ المجتمع الدولي لم يعترف بهذا الضم، واعتبر هذا القسم أرضاً محتلّة، شأنه شأن بقيّة أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة، التي احتُلّت عام 1967م. ورغم ذلك؛ فقد فرضت السلطات المحتلّة قانوناً على مدينة القدس، وتعاملت مع سكّانها على أنّهم مقيمون دائمون لديها، لكنّهم لا يملكون حقّ المواطنة كبقيّة السكّان، ومنحتهم على هذا الأساس بطاقات الهويّة الزّرقاء، وهي تعني بطاقات إقامة دائمة، تجدّد كل عشر سنوات، وتُسحب من صاحبها في حال “فشل” في إثبات أنه كان يقيم في القدس فعلاً طوال الفترة السابقة من خلال كشوف الضريبة وفواتير الضمان والماء والكهرباء.

                                  معاناة الأسرى المقدسيين

وبيّنت الدراسة أنه بناءً على الحالة القانونية، التي أعطاها الاحتلال لسكان القدس كمقيمين دائمين في دولة الاحتلال؛ فإنّه يعامل الأسرى المقدسيّين معاملة السجناء الصهاينة الجنائيين، ويعتبر سجنهم والأحكام الصادرة بحقهم شأناً داخليّاً، فلا يقبل إدخالهم في أيّ صفقةٍ لتبادل الأسرى، ولا يعطيهم حقوق أسرى الحرب، وفي نفس الوقت لا يمنحهم امتيازات السّجناء الصهاينة، بل يتعامل معهم بنفس الأساليب الوحشيّة واللاإنسانيّة، التي يعامل بها بقيّة الأسرى الفلسطينيين، فهم بذلك محرومون من حقّ المعاملة الدستوريّة، التي يحصل عليها السّجناء الصهاينة، ومن جهة أخرى محرومون من امتياز الأسرى الفلسطينيين بالإفراج عنهم ضمن أيّ عمليّة تبادل أو في إطار المفاوضات السياسية، حتى أن اتفاق “أوسلو” وما تبعه من اتفاقيات، لم يأتِ على ذكرهم باستثناء عملية التبادل عام 1985م.

وأوضحت الدراسة، أنّ الأسرى المقدسيين يعانون أكثر، مما يعانيه باقي الأسرى وليس هؤلاء بمعزل عن باقي الأسرى، وإن كانت إدارة السجون تعمل أحياناً لعزلهم وتجميعهم بأقسام لوحدهم، وهذا الإجراء يواجه بالرفض والاحتجاج من كافة الأسرى.

                        حملات الاعتقال تطال كل الشرائح العمرية

وشدد فروانة في دراسته، على أنّ الاعتقالات التي شنتها ولازالت تشنها قوات الاحتلال الصهيوني لم تستثنِ أحداً، فلم تقتصر على فئة عمرية معينة أو شريحة محددة، حيث طالت رجالاً ونساءً وأطفالاً وشيوخاً، وأمهات وزوجات، كما وطالت أطباء ومحامين وطلاب. وبهذا؛ فلم يبقَ هناك عائلة في فلسطين إلاّ واعتقل أحد أبنائها، بل وطالت الاعتقالات في بعض الأحيان عائلات بأكملها.

ونوّه فروانة إلى أنّ معظم تلك الاعتقالات تتم في ساعات الليل، من خلال اقتحام المنازل وتفتيشها بعنجهية، وإتلاف وتخريب محتوياتها، بالإضافة إلى تحويل المعابر الحدودية والداخلية والحواجز العسكرية المنتشرة بكثافة على الطرقات ومداخل المخيمات والمدن إلى كمائن لاصطياد المواطنين.

وأضاف الباحث والخبير الفلسطيني أنّ هناك اعتقالات تتم في وضح النهار من خلال اجتياح المدن والقرى والمخيمات. بل حتى المؤسسات العامة والمدارس والمستشفيات والأماكن المقدسة؛ هي الأخرى اقتُحمت ودُنست، تحت غطاء جوي من الطائرات الحربية وإطلاق الرصاص بغزارة بهدف اختطاف المواطنين، وأحياناً أخرى يتخللها هدم منازل واقتلاع أشجار وتدمير محال تجارية ومركبات خصوصية، وفي كثير من الأحيان، استخدمت قوات الاحتلال المواطنين والأهالي الفلسطينيين العزل كدروع بشرية أثناء عمليات الاعتقال.

ولفت فروانة الانتباه إلى استخدام المنازل والمؤسسات العامة، وحتى المدارس كأماكن اعتقال واحتجاز للمواطنين، وفي أحياناً أخرى تم تجميعهم في حفر كبيرة حفرت خصيصاً لهذا الغرض، كما حصل في بيت حانون شمال قطاع غزة أواخر العام الماضي، كما لم يسلم الصيادون من الاعتقال، حيث تم اعتراض مراكب الصيد الفلسطينية في عرض البحر، واعتقال الكثير من الصيادين.

                               اختطاف الاحتلال للنواب والوزراء

وتطرق المختص بقضايا الأسرى إلى قضية اختطاف النواب والوزراء، مشيراً إلى إقدام قوات الاحتلال منذ أواخر حزيران (يونيو) الماضي على اختطاف 10 وزراء، لا يزال منهم 4 وزراء رهن الاعتقال، إضافةً إلى اختطاف العشرات من النواب في المجلس التشريعي، لا يزال منهم 25 نائباً في سجون الاحتلال الصهيوني، وتم تقديمهم أمام محاكمات عسكرية جائرة، موضحاً أنّ هناك 10 نواب معتقلين من قبل، وخاضوا الانتخابات وهم خلف القضبان.

وشدّد فروانة في هذا الصدد، على أنّ اختطاف هؤلاء النواب والوزراء واستمرار احتجازهم، يشكل انتهاكاً فاضحاً لأبسط الأعراف والمواثيق الدولية، وعدواناً سافراً على المؤسسات الشرعية الفلسطينية، وحقوق الإنسان وحصانة النواب والوزراء.

وقد أظهرت الدراسة أنّ غالبية الأسرى الفلسطينيين، هم من الشباب وغير المتزوجين، إذ أنه بالرغم من شمولية الفئات المستهدفة، إلاّ أنّ فئة الشباب كان لها النسبة الأكبر، وخاصةً ممن تتراوح أعمارهم ما بين 18 و30 عاماً، وأنّ قرابة ثلاثة أرباع المعتقلين، أو بواقع 74 في المائة منهم؛ هم من غير المتزوجين.

                                    ألم الفراق ومرارة الحرمان

وبيّنت الدراسة ذاتها أنه يوجد في سجون ومعتقلات الاحتلال الصهيوني الآن 10400 أسيراً، ووراء كل منهم أحبة وأصدقاء، أطفال وأمهات يتجرعون ألم الفراق ومرارة الحرمان

ولكلٌ من هؤلاء الأسرى والأسيرات قصصه وحكاياته، فمنهم 8828 أسيراً من الضفة الغربية، و850 أسيراً من قطاع غزة، و525 أسيراً من القدس، و142 أسيراً من أراضي عام 1948، والعشرات من المعتقلين العرب من لبنان وسورية والأردن ومصر وفوق ذلك؛ فقد شهدت الأشهر الأخيرة إقدام قوات الاحتلال الصهيوني على اعتقال العشرات من المواطنين المصريين بتهم تعسفية مختلفة، ووضعتهم في عدة سجون.

وأوضحت الدراسة الموسّعة أنه يوجد من بين الأسرى 118 أسيرة و330 طفلاً تتراوح أعمارهم ما بين 12 و18 عاماً، بالإضافة للمئات من كبار السن، وأنّ من بين هؤلاء الأسرى المقدسيين الذين يبلغ عددهم 525 أسيراً هناك 6 أسيرات و12 طفلاً، أي ما نسبته 5 في المائة.

ويستدل من الدراسة ذاتها أنّ هناك 5110 أسرى محكومون، أي ما نسبته 49.2  في المائة، و800 أسير محكومين إدارياً وبدون تهمة، أي ما نسبته 7.7 في المائة، أما الموقوفون فعددهم 4484 أسيراً، ونسبتهم 43.1في المائة.

وجاء أيضاً أنّ جميع هؤلاء الأسرى اعتقلوا خلال انتفاضة الأقصى، باستثناء 553 أسيراً، أي ما نسبته 5.3 في المائة معتقلون منذ ما قبل انتفاضة الأقصى، التي اندلعت في 28 أيلول (سبتمبر) 2000، موزعين على قرابة ثلاثين سجناً ومعتقلاً ومركز توقيف صهيوني، كسجن نفحة وعسقلان وبئر السبع، ومعتقلات النقب وعوفر ومجدو. وتتوزع هذه السجون والمعتقلات على كافة الأراضي الفلسطينية، حيث لم تعد هناك بقعة في فلسطين إلاَّ وأقيم عليها سجن، أو معتقل أو مركز توقيف.

                                السجون … حياة الموت

وتشرح الدراسة أنّ السجون الصهيونية التي يقبع فيها الأسرى؛ عبارة عن مبانٍ وغرف صغيرة ومعتمة، باستثناء نافذة صغيرة جداً في الزنزانة، تتخللها القضبان وشبكة من الأسلاك الحديدية. وتفتقر تلك الغرف للهواء اللازم للتنفس بسبب الازدحام، وتكدس عشرات السجناء في غرفة واحدة، أما المعتقلات فهي عبارة عن خيام ممزقة تالفة ومحاطة بالأسلاك والجنود المدججين بالسلاح وهي أشبه بالمعتقلات إبان العهد النازي. وفي كل الأحوال فإنّ السجون والمعتقلات أعدت خصيصاً كبدائل لأعواد المشانق وتحكمها وتديرها عقلية واحدة، فالحياة بداخلها قاسية جداً.

وأكدت الدراسة ذاتها أنّ هذه السجون والمعتقلات، تشهد أوضاعاً لاإنسانية، تتنافى وأبسط الحقوق الآدمية، من كافة النواحي كالتعذيب المميت والإهمال الطبي المتعمد، وسوء التغذية كماً ونوعاً، والحرمان من زيارة الأهل ومواصلة التعليم، وشحة المياه الساخنة ومواد التنظيف، وقساوة المعامل، والتفتيشات الاستفزازية والاعتداءات المتكررة بالعصي والغاز المسيل للدموع، والعبث بحاجياتهم ومصادرتها أحياناً تحت حجج واهية، إضافةً إلى التحرش الجنسي والاغتصاب أحياناً، والتفتيش العاري أثناء التنقل ما بين السجون أو إلى المحاكم، والعزل الانفرادي في زنزانة انفرادية لفترات طويلة لتصل لسنوات طوال، وفرض الغرامات المالية واستقطاعها من رصيد الأسير، أو من رصيد تنظيمه وذلك لأتفه الأسباب.

                             انتهاك حقوق الأسرى يفوق الوصف

وتتطرق الدراسة كذلك إلى حرمان الأسرى من تأدية الشعائر الدينية بحرية، وانتهاك حقوقهم الشخصية، عبر مراقبتهم الدائمة من خلال وضع كاميرات وأجهزة تنصت في بعض الأقسام، كما حدث في بعض السجون، أو من خلال التجوال الدائم للحراس، مشيرةً إلى أن ما نشر عن سجن “أبو غريب” في العراق، يحصل في سجون الاحتلال الصهيوني، منذ عقود ولكن بلا تصوير، وبلا رقابة وشهود، وذكرت بما نشرته صحيفة واشنطن بوست في تقرير مفصل لها بعد فضيحة “أبو غريب” وعلى صفحتها الأولى بأن ما يحدث في السجون الصهيونية للأسرى الفلسطينيين والعرب أكثر سوءاً مما حدث في “أبو غريب”.

وأضاف الباحث فروانة أنه في الذكرى الأولى لفضيحة “أبو غريب”؛ أقدم السجانون الصهاينة في قسم 7 من سجن هشارون الصهيوني المخصّص للأسرى الأطفال في أواخر نيسان (إبريل) 2005على التقاط صور فاضحة للأطفال الأسرى وهم عراة، وجرى تهديدهم بها بهدف قمع إضرابهم. وبعدها بأيام قليلة جرت اعتداءات على المصحف الشريف وتدنيسه من قبل حراس المعتقل المدججين بالسلاح في معتقل “مجدو”. أما في حزيران (يونيو) من العام نفسه؛ فقد اقتحمت وحدة “نحشون” غرف الأسرى في سجن نفحة، وارتكبت جريمة تمثلت بقيام عناصرها بتدنيس المصحف الشريف، وداسوا عليه بأقدامهم بشكل متعمد ومز

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات