الخميس 09/مايو/2024

البسطات تنافس المحلات التجارية والركود يهدد المصانع بالإغلاق في نابلس

البسطات تنافس المحلات التجارية والركود يهدد المصانع بالإغلاق في نابلس
نابلس اليوم ليست هي نابلس الأمس، فقد كانت تنعت بقلعة الاقتصاد الفلسطيني تصنيعا ونشاطا تجاريا، وكانت أسواقها تعج بالحركة بيعا وشراء، أما اليوم فمصانعها التي تنتج الألبسة وغيرها أغلق الكثير منها أبوابه لأسباب كثيرة، ومحالها التجارية تمر بأسوء حالاتها، بسبب الركود وتدني حركة البيع فيها، بنسبة لا تقل عن 30% قياسا بالعام الفائت، بحسب شهادة العديد من التجار، وقد تزامن ذلك مع انتشار “بسطات” الشوارع وإقبال المواطنين على الشراء منها.

ويتفق أهل المهنة والمواطنون على حد سواء أن ما يقف وراء هذا التدهور في الوضع الاقتصادي هو الحصار والاقتحامات التي تتعرض لها المدينة، من قبل الاحتلال، وكثرة الحواجز العسكرية لجيش العدو، في الطرق المؤدية إليها، وتدني دخل أسرها، وانتشار البطالة بين صفوف سكانها.

                                                الفقر والبطالة

وكنتيجة لذلك فقد غزت البضائع الأجنبية الرخيصة الأسواق، على حساب المحلية منها، وصارت تباع عن طريق “البسطات” المنتشرة في الشوارع، وعلى أرصفة الأسواق التجارية، وتوضيحا لأسباب ذلك قال التاجر مجدي حلاوة ” لقد أثر الوضع السياسي والأمني بشكل لافت للانتباه على الاقتصاد الفلسطيني، وبالذات المنتج المحلي، فقد غزت البضائع الأجنبية الأسواق المحلية الفلسطينية بطريقة مخيفة، خاصة بعد بدء الانتفاضة الفلسطينية، وأصبحت نسبة المنتج المحلي لا تتجاوز 10% ،بينما نسبة البضائع الأجنبية سيئة الجودة الموجودة بالسوق تتعدى 90% في الأسواق الفلسطينية”.

وأضاف “بعد انتشار ظاهرة البطالة، قام العمال الفلسطينيون باستغلال تلك البضائع عن طريق عمل “بسطات” صغيرة في الشوارع، وبيعها بسعر قليل جدا، يساعدهم في ذلك أنهم لا يقومون بدفع أجرة محل أو فواتير الماء والكهرباء”.

وتأكيدا لما سبق فقد ذكر مجدي أبو خلف صاحب مشغل ألبسة “بأن مشغله والمصانع الأخرى كانت تعمل ليل نهار لإنتاج الملابس التي يتطلبها السوق، بينما اليوم يغرق السوق الفلسطيني بالبضائع الصينية ذات الجودة المنخفضة، نتيجة الطلب المتزايد عليها من أصحاب المحال، الذين تأقلموا مع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعانيها المواطن، ونزلوا عند رغبة المستهلك” على حد قوله.

                                                حصار وحواجز

ويتحدث صاحب معرض للملابس عن سوق خان التجار بمدينة نابلس، وهو سوق معروف، بقوله إنه “يعاني من أسوء حالة في هذه الأيام”، مشيرا إلى أن “حركة البيع انخفضت فيه بنسبة لا تقل عن 30-40% عن العام الماضي”. أما على المستوى الأبعد “فإن نسبة البيع منذ بداية حصار المدينة مع اندلاع انتفاضة الأقصى أصبحت تتدنى بسبب وجود الحواجز العسكرية، التي أحكمت من حصارها على المدينة”. وتعود به الذاكرة إلى ما قبل الحصار الظالم على الشعب الفلسطيني، وكيف كان يحدِّث بضائع متجره يوميا، بينما اليوم تتكدس لأشهر قبل أن يتم تجديدها. 

ودفعت الظروف الاقتصادية الصعبة بعض التجار لبيع محالهم. ومن هؤلاء محمد فتوح، الذي قال إنه باع متجره الذي يقع في وسط المدينة لعدم قدرته على سداد إيجاره السنوي، ولعدم امتلاكه سيولة مالية لشراء بضاعة، وبنبرة غلبت عليها الحسرة والأسى أوضح فتوح أن الحال انتهى به اليوم إلى فرش “بسطة” أمام المحل، الذي كان يملكه سابقا، مضيفا “هل تتخيل الوضع الذي وصلت إليه، من تاجر لصاحب بسطة”.

                                              سؤال الشراء الأول

أما “أبو علي”، وهو صاحب محل بهارات وزعتر، فصار دكانه، الذي توارثه عن أسرته منذ عشرات السنين، خاو على عروشه، بعد أن كانت زبائنه من القرى المحيطة بنابلس تتهافت عليه، باعتباره البائع الوحيد للزعتر البري، الذي يجهزة بيديه مع زيت الزيتون الأصلي.

ويوضح “أبوعلي” ما آل إليه دكانه بقوله “لم يبق من المحل سوى الكرسي، الذي أجلس عليه فقط، فلا زيت ولا زعتر ولا بهارات .. ليس لدي أموال لمعاودة فتح المحل، ولست متحمسا لإعادة تشغيله، الوضع سيء، وحواجز الاحتلال تمنع زبائني من الوصول إلى نابلس”.

ويتوافق المواطن سمير نايف، من بلدة دير شرف، مع أبي علي إذ حمل الاحتلال مسؤولية الوصول بنابلس إلى وضعية غاية في الصعوبة، قائلا “إن إجراءات الجنود الصهاينة على الحواجز تحول دون المواطنين والوصول إلى المدينة”.

ولتلمس حالة الركود في أسواق المدينة عن كثب، يكفي أن تتجول لفترة قصيرة فيها، وخاصة في سوق الخان المشهور، لترى أعددا قليلة من المواطنين يتجولون هناك، وأول ما يسألون عنه “بكم سعر هذا؟” ، دون الشراء إلا في بعض الأحيان النادرة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات