الإثنين 27/مايو/2024

يوم سقطت بغداد كان بداية النهاية للتحالف الصهيوأمريكي في المنطقة العربية

عمر نجيب

يوم 9 ابريل سنة 2003 سقطت بغداد تحت الاحتلال الأمريكي، كانت أجواء الفرح والسرور تغمر البيت الأبيض والعواصم الحليفة واحتفل المحافظون الجدد الذين قادوا الولايات المتحدة وتطلعوا الى إقامة الإمبراطورية الأمريكية العالمية بالحدث معتبرين أنه بداية الطريق لتشكيل الشرق الأوسط الجديد الذي سيسمح لواشنطن بأن تعيد رسم حدود المنطقة على أسس طائفية فيكون ذلك ضمانة لاستمرار بقاء الكيان الصهيوني.

بعد اسابيع قليلة وفي شهر مايو من نفس السنة حط الرئيس الأمريكي بوش على ظهر حملة طائرات وهو يلبس زي طيار وألقى خطبة أكد فيها النصر في الحرب وقال ان المعارك الكبرى قد انتهت.

الآن بعد أربع سنوات وبفضل مقاومة الشعب العراقي سقطت أسطورة النصر ومعها كل أوهام المحافظين الجدد عن تكوين شرق أوسط جديد، وسقطت كل خطط الولايات المتحدة في العراق وكسرت شوكة الجيش الأمريكي الذي لم ينفعه استخدام قنابل النيوترون خلال معركة مطار بغداد في إخماد قدرة المقاومة في صفوف الشعب العراقي كما لم تفد مؤامرات التحريض الطائفي ومحاولات إشعال الحرب الأهلية في شغل المقاومة العراقية عن هدفها الرئيسي في طرد المحتل وكل من جاء على دباباته.

أربع سنوات بعد سقوط عاصمة الرشيد بأيدي المغول الجدد ولم يخرج الشعب العراقي رافعا الورود أو الرايات البيضاء كما يحلم بوش وتشينى ورامسفيلد وطونى بلير، وبدل الورود والأيادي الملوحة بشعارات الاستسلام، لوحت بغداد منذ أيام الغزو الأولى بشارات النصر واستعدت للمعركة الفاصلة التي لا تحسمها القوة العسكرية ولا أسراب الطائرات التي تملأ سماءها وتمطر أهلها قنابل ممنوعة دوليا، وإنما يحسمها الصبر والاحتساب والإيمان بعدالة القضية والثقة في النصر.

الرئيس بوش وقف بعد أربع سنوات على دخول قواته البوابة الشرقية للأمة العربية معزولا مهزوما سياسيا داخليا وخارجيا وقف كالبطة العرجاء حسب وصف الصحافة الأمريكية بعد أن حاصره الديمقراطيون الذين فازوا بالسيطرة على الكونغرس، ينظر بحزن إلى الماضي والى هؤلاء الذين رافقوه ودفعوه إلى حرب العراق والذين خذلوه بعد أن هبت رياح الهزيمة او الذين ضحى بهم هو مرغما كأكباش فداء ليبقى. وفي فورت هود بولاية تكساس الأمريكية وبدلا من أوهام النصر صلى الرئيس بوش يوم الأحد من أجل سلامة القوات الأمريكية في قداس بمناسبة عيد القيامة خيمت عليه أجواء الفشل الأمريكي في العراق ومقدم مزيد من جثث الجنود الأمريكيين.

فمع أن جيش الولايات المتحدة الأمريكية ينفق ما يعادل مجموع الميزانيات الحربية لجميع دول العالم فإن واشنطن بالكاد تجد لها موطئ قدم آمن في العراق وهى تواجه مدعومة بجيش من العملاء والمرتزقة وبكل آثار الفتنة الطائفية التي تحاول جاهدة تنميطها مقاومة وطنية مشروعة لا تتوفر إلا على هامش حركة ميداني محدود وبسيولة أقل بكثير مما لدى ميليشيات طائفية فما بالك بالحديث عن المعدات وأجهزة الإطلاق والذخيرة وأجهزة الاتصال والمراقبة حيث تتسع الفروق حدا لا تجوز معه المقارنة.

تبخر مشروع الشرق الأوسط الكبير على الأقل إلى حين، واختلطت الأوراق في المنطقة وانتصر حزب الله في لبنان على إسرائيل ومضت إيران في تحديها للقوة الأولى في العالم وفي تطوير برامجها النووية لتخلط هي الأخرى كل أوراق التوازنات في المنطقة. وانتصرت حركة المقاومة الإسلامية حماس في فلسطين وفشلت خطة إشعال الفتنة العامة بين الفلسطينيين. ومع لفظ الاحتلال آخر أنفاسه في العراق اعترف البيت الأبيض وتل أبيب ان الخطر أصبح على أبواب الكيان الدخيل يهدد وجوده واستمراره.

ذهبت جيوش بوش وحلفائه من بريطانيا واسبانيا واستراليا وغيرهم إلى العراق في نطاق حرب صليبية جديدة على الأمة العربية الإسلامية في محاولة لعكس مسار عجلة التاريخ ولكن النتيجة كانت غير ما أراد هؤلاء الذين تعلقوا بأساطير توراتية وإنجيلية، كل شيء يسير في المنطقة ومحيطها ضد ما أراده هؤلاء، والذين قادوا الحرب الصليبية الجديدة سقطوا واحدا تلو الآخر والبقية على الطريق.

في ذكر سقوط بغداد الرابعة يوشك ان يتحقق حلم الأمة في هزيمة الصليبيين الجدد على ليس على أسوار بغداد وحدها بل على أسوار العراق وفلسطين ولبنان وبعيدا إلى الشرق على أسوار أفغانستان.

البعض يقارن بين الهزيمتين الأمريكيتين في فيتنام والعراق، وهؤلاء يقولون إن ما يحدث للأمريكيين في العراق يسير في نفس الخط والطريق لما حدث في فيتنام، ومن ثم فإن المحصلة النهائية للحرب في العراق ستكون هزيمة أمريكية أخرى على غرار الهزيمة في فيتنام تدفع واشنطن إلى التقوقع على نفسها في انتظار التقاط الأنفاس لوثبة توسع جديدة مستقبلا. غير أن غالبية الخبراء يؤكدون أن وقع الهزيمة سيكون أخطر من الفيتنام حيث أنه سيحطم الإمبراطورية الأمريكية ويحولها إلى قوة من الدرجة الثانية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مقررة أممية تطالب بفرض عقوبات على إسرائيل

مقررة أممية تطالب بفرض عقوبات على إسرائيل

 نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام قالت مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيز، إن قصف إسرائيل لمخيم نازحين برفح،...