الخميس 09/مايو/2024

الأسرى المحررون .. حياة صعبة بسبب الأمراض التي ورثوها من سجون العدو

الأسرى المحررون .. حياة صعبة بسبب الأمراض التي ورثوها من سجون العدو
يعاني الأسرى الفلسطينيون المحررون من مخلفات مرحلة الاعتقال القاسية. فمعظم من يخرج من سجون الاحتلال يخرج يحمل أمراضا خطيرة، كثيرا ما تنتهي باستشهاد المصاب بها، ولو بعد حين من الزمن، وذلك بسبب ما يتعرضون له في المعتقلات من تعذيب، أوا بسبب ظروف الاحتجاز القاسية.

وطرحت قضيتا استشهاد الأسير المفرج عنه مراد أبو ساكوت يوم 13/1/2007، والذي قضى ما يقرب من سبعة أعوام في سجون الاحتلال، وأفرج عنه من سجن مستشفى الرملة بسبب التدهورالحاد والخطير في حالته الصحية في شهر أغسطس 2005، بسبب إصابته بسرطان الرئة، وبقي يصارع المرض في مستشفى الأردن حتى لقي وجه ربه، والأسير جمال السراحين الذي استشهد في يوم 16/1/2007 في مستشفى “سوروكا” في بئر السبع، والذي كان معتقلا اعتقالا إداريا في سجن النقب الصحراوي، بسبب سياسة الإهمال الطبي لإدارة سجون الاحتلال، حيث كان يعاني من أمراض في الدم، والتهابات شديدة في الصدر ومن مرض القلب .. طرحت هاتان القضيتان أكثر من علامة استفهام حول مصير آلاف الأسرى المرضى، الذين يزيد عددهم عن 900 أسير.

                                         تنامي ظاهرة الإصابات السرطانية

وقد لاحظت منظمات حقوقية فلسطينية تنامي ظاهرة اكتشاف المرض الخبيث (السرطان) في أجسام الأسرى المحررين، وهو أمر يتطلب برأيها ملاحقة جادة من قبل الهيئات الإنسانية والقانونية الدولية، للتحري والبحث والوقوف على مسببات ذلك، نظرا لأن سجون الاحتلال، بكل ما يمارس فيها من قمع وتدمير إنساني، تترك آثارها على صحة الأسرى الفلسطينيين، سواء أثناء وجودهم فيها، أو بعد خروجهم منها، وتورثهم الكثير من الأمراض العضوية والعصبية.

فعلى سبيل المثال لا الحصر فقد رصد نادي الأسير الفلسطيني في الخليل أسماء عدد من الأسرى المحررين، الذين سقطوا ضحايا الأمراض، التي حملوها معهم من داخل السجون والمعتقلات الصهيونية، بعد معاناة طويلة ومريرة معها، منهم الأسير سعيد شملخ/غزة، وجميل أبو سنينة/الخليل، وعاطف أبو عكر/الدهيشة – بيت لحم، وأمجد علاونة/جنين، ومسلم الدودة/الخليل، وموسى جمعة/الأردن، وعدنان البلبول/الخضر- بيت لحم، وأمجد علي فرج/الدهيشة- بيت لحم، وجمال علي خميسي/غزة، ومعزوز دلال/ قلقيلية، ويوسف ذياب العرعير/غزة، ومحمد يوسف طقاطقة/ بيت فجار- بيت لحم، ومحمود إبراهيم الكرد/رفح – غزة، وإسماعيل جدّوع/بيت لحم، ومحمود أبو حنفي/بيت فوريك- نابلس، وتوفيق البرغوثي/رام الله، وعايد جمجوم/الخليل، ومراد أبو ساكوت/بني نعيم- الخليل، وجمال السراحين/بيت أولا – الخليل. 

                                               ضغوط نفسية هائلة

وتشير الهيئات الحقوقية الفلسطينية إلى أن الأسرى الفلسطينين يعيشون ظروفاً قاسية داخل سجون ومعتقلات ومعسكرات الاحتلال، فهم يتعرضون للتعذيب بأساليب محرمة دولياً، وللاعتداءات والضرب والتنكيل بشكل مستمر، ويستخدم الغاز المسيل للدموع في كافة عمليات قمع المعتقلين، إضافة إلى القنابل الحارقة والصوتية، التي تحمل مواد إشعاعية مضرة بصحة المعتقلين، وتمارس بحقهم الضغوط النفسية. 

وترى هذه الهيئات أن شروط الحياة القاسية داخل السجون الصهيونية، بدءاً من الأكل السيء كماً ونوعاً، والازدحام وانتشار الأمراض، وقلة الحركة، وضيق التنفس، وانتشار الرطوبة والحشرات، والتعرض المتواصل للعقوبات والإجراءات التعسفية، كالزج بالأسرى في زنازين انفرادية قذرة وضيقة، وممارسة الإرهاب والضغط النفسي بحق الأسرى كل ذلك وغيره، لابد أن يخلف أمراضاً خطيرة في أجساد المعتقلين الفلسطينيين. 

                                                 إهمال طبي متعمد

وتستغرب هذه  الهيئات عدم مبادرة منظمة الصحة العالمية مطلقاً للتحقيق في أسباب انتشار الأمراض في صفوف المعتقلين الفلسطينيين، فالمئات منهم يعانون من أمراض صعبة كالقلب والسكري والرئة والكلى وأوجاع الظهر والصداع الدائم، ويواجه الكثيرون منهم سياسة الإهمال الطبي المتعمد، وعدم تقديم العلاج.

وتفتقد عيادات السجون الصهيونية إلى أطباء مختصين، ولا يقدم للأسرى سوى المسكنات، لذا تصاعدت شكاوى الأسرى المرضى بسبب الإهمال الطبي وعدم تحويلهم إلى المستشفيات، إذ يحتاج العديد منهم إلى إجراء عمليات جراحية عاجلة، وفحوصات مخبرية وأدوية، وتتعمد إدارة سجون الاحتلال التأجيل والمماطلة في توفير هذه الخدمات الطبية، لفترات قد تصل إلى سنوات عديدة، حتى يستفحل المرض في جسم الأسير، ويصل إلى حالة ميئوس منها. 

                                                    إعدام بطيء

ولعلّ أخطر ما يواجه الأسرى هو سياسة الإعدام البطيء، من خلال عدم تقديم العلاج لهم، خصوصا وأنه قد اعتقل المئات من الأسرى الجرحى المصابين بالرصاص، أثناء انتفاضة الأقصى، بعضهم أصيب بالشلل والإعاقة نتيجة عدم متابعته صحياً، أو بسبب عدم تقديم العلاج اللازم لهم.

ووفقا لتقارير صحفية فهناك حقائق مفجعة ومفزعة، تدل على استهتار حكومة الاحتلال بحياة وصحة المعتقلين الفلسطينيين، من أخطرها ما اكتشفته وزيرة التعليم الصهيونية في حكومة رئيس وزراء العدو إسحق رابين، من إجراء 15 ألف تجربة طبية بشكل سري على الأسرى، من قبل شركات أدوية إسرائيلية، وكذلك ما كشفت عنه نقابة الأطباء في الكيان الصهيوني بعد زيارتها لعدد من السجون، من وجود سياسة متعمدة في عدم تقديم العلاج للأسرى الفلسطينيين المرضى، ومشاركة الأطباء العاملين في مراكز التحقيق في تعذيب المعتقلين المرضى، وقد ذكرت أن الأطباء الصهاينة عندما يقومون بفحص المعتقلين فإنهم لا يقومون بذلك إلا من أجل معرفة كمية الضغط، التي يستطيع الأسير أن يحتملها، لتوجيه المحقق أثناء التحقيق مع المعتقل.

                                                    جرائم حرب

ومن الأمور التي تؤدي إلى إصابة الأسرى الفلسطينيين بأمراض خطيرة، عدم السماح لهم بالخروج إلى دورات المياه، مما يضطرهم لقضاء حاجاتهم في علب بلاستيكية داخل غرفهم، كما يحدث في معتقلات عصيون وحوارة وسالم.. حيث تنتشر الروائح الكريهة، والغازات الضارة، والجراثيم والأوبئة، إلى جانب انعدام ظروف التهوية الصحية، وغياب أو ندرة أدوات النظافة الشخصية والعامة.

وقد أوجد تركيب أجهزة تشويش لاسلكية على الهواتف الخلوية في السجون قلقاً إضافيا على صحة الأسرى، نظرا لما قد تسببه هذه الأجهزة من أمراض سرطانية خطيرة، بسبب إشعاعاتها. وقد اعترفت لجنة حقوقية صهيونية زارت معتقل “عوفر” العسكري التابع للاحتلال مؤخراً بأن هذه الأجهزة تسبب الأمراض للأسرى، بعد أن أصيب عدد منهم بحالات إغماء فجائي ودوّخان وتقيؤ..

باختصار، يمكن القول إن ما يجري في سجون الاحتلال من إهمال طبي متعمد، ومن ممارسات تؤدي في نهاية المطاف إلى إصابة الأسرى الفلسطينيين بالإمراض والعلل المختلفة، يعتبر جريمة حرب يحاسب عليها القانون الدولي والإنساني، ويكون أسرى الحرية ضحية لها على الدوام، في ظل صمت دولي غير مقبول.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات