الإثنين 06/مايو/2024

ثقافة الانتظار ..!!

محمد شُراب

كلنا نعرف الانتظار ، وكثيرون منا لا يطيقونه أبداً ..
لكن هل تدرون أن الانتظار أصبح ثقافة تحكمنا وتتحكم بنا ؟ . . وأن هناك جماعات اجتمعت على الانتظار وأسست له حزبا .. وأن ثمة مذاهب اعتمد معتقدها على هذه الثقافة ؟ .. لابد أنكم سمعتم عن الذين ينتظرون المهدي وصنعوا من انتظارهم له مذهبا واعتقادا ، وآخرون يجلسون صامتين وأفخاذهم تلتصق في صدورهم ، بينما تسمرت عيونهم نحو الفراغ في انتظار الخليفة ليقيم دولة الخلافة !!..

حتى على المستوى الفردي ، كلنا أصبحنا ننتظر .. ننتظر حتى من يرفع لنا من طريقنا حجراً أو يزرع لنا فيه شجرا .. تعطل كل شيء بسبب ثقافة الانتظار ، واختُزل التفكير والإبداع والاجتهاد في كلمة ( متى ) التي ورثناها جيلاً بعد جيل .. أصبحنا كعطشى في صحراء ينتظرون نزول الماء من السماء ، مع أن النهر قد يبعد عنا خطوات ، أو أن البئر تحت أقدمنا بأمتار .. لكن من يسعى ومن يحفر ؟!

كلما أصابنا سوء هرعنا إلى التاريخ ننبش في كتبنا وتراثنا نبحث فيها عن شيء ننتظره .. وكلما اشتدت الأزمة ، سلينا أنفسنا بالحديث عن الرؤى والأحلام لنستمد منها طلقة الانتظار ..!
حتى الكارثة .. أصبحنا ننظر إليها دون أن نحرك ساكناً وننتظر وقوعها .. وعندما تقع ، نمتع أنفسنا بالنظر لكارثة أخرى قبل وقوعها ..!!

لكن ماذا لو جاء الذي ننتظره ؟.. ما الذي سيفعله بنا وقد تكلست مفاصلنا وتبلد تفكيرنا من كثرة الانتظار ؟ .. كيف سيعالج إدماننا على الثرثرة التي كنا نسلي بها أنفسنا ونحن ننتظره ، وكيف له أن يسلم من ألسننا التي لم تترك عملاً إيجابياً إلا وفتكت به ووأدته تحت عبارات التشكيك والارتياب ؟!

تدرون ؟ .. أتخيله سينتظرنا طويلاً قبل أن ننفض غبار السنين عن جلودنا اليابسة وعقولنا التي حجرها الانتظار .. و ربما جلس معنا لنتبادل وإياه الانتظار .. أو أكله الضجر وصادر أحلامه في تغييرنا كما فعل بنا ونحن ننتظر .. فما عساه أن يفعل بالجثث التي حنطها الانتظار سوى أن ينتظر عودة الروح لها ..

أما آن لنا أن نستعيد أرواحنا لنستحق ونستفيد من مجيئه ؟ .. ألم يحن الوقت ليلتقط كل منا روحه ويبدأ العمل دون أن يبالي بالنائمين أو ينتظر استيقاظهم ؟ .. المسألة ليست صعبة يا سادة ، فما هي إلا مجرد خطوة واحدة نخطرها نحو عمل مفيد بعد أن ننفض عنا غبار الانتظار ، ثم تتوالى الخطوات بعدها تلقائيا .. وإن كان لابد من الانتظار ، فليكن نتيجة عملنا .. فحينها يكون للانتظار معنى ..

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات