الإثنين 06/مايو/2024

انتخابات المعلمين وديمقراطية بدون سكر

عامر شديد

لم يخطر ببال احد أن تتحول انتخابات جمعية نقابة المعلمين إلى حلبة للتجاذب بين الأجهزة الأمنية وجمهور المعلمين، فما دخل الأجهزة الأمنية بالمعلمين؟ ولكنها مزاعم الديمقراطية في بلدي، فهي من دفعت من كان قبل سنوات يجلس على مقاعد الدراسة ويتلقى تعليمه على أيدي معلميه الأفاضل أن يهددهم بالهراوات وينعتهم بأبشع الألفاظ وأقبح الأوصاف بحجة القانون وتنفيذ الأوامر، ونعود للقصة من أولها حيث تداعى جمهور المعلمين في الضفة الغربية وقطاع غزة لانتخاب هيئة إدارية لجمعيتهم المرخصة من وزارة التربية والتعليم ووزارة الداخلية وكان ذلك يوم الخميس 29/3/2007 ولم يدر بخلد أي منهم أن هذه الانتخابات تشكل خطرا داهما على امن وطنهم القومي ومستقبل الوحدة الوطنية الفلسطينية.

 ولكن الصورة بدأت تتكشف أمامهم وهم يفاجأون بالعشرات من أفراد الأجهزة منهم المقنعون ومنهم المتدرعون بالدروع والمتسلحون بالهروات يحاصرون المدارس ومقرات الجمعية التي كان من المقرر إجراء الانتخابات فيها ويغلقون الطرق والممرات ويمنعون أي معلم من الوصول إلى صناديق الاقتراع وعندما أصر المعلمون ونجحوا بالتسلل وحاولوا الوصول إلى الصناديق للإدلاء بأصواتهم حتى يمنوا أنفسهم ولو مرة في حياتهم أنهم سينتخبون من يمثلهم نقابيا، تبعهم أفراد الأمن وانتزعوا أوراق الاقتراع من أيديهم ثم حاولوا مصادرة الصناديق حتى لا يبقى مجال لبارقة أمل في التعبير عن رأي أو تقرير موقف، وعند السؤال والاستفسار وأحيانا الاستنكار، أشهر لهم رجال الأمن قرارا يقال انه صادر عن المحكمة العليا بمنع الانتخابات!

وهنا يتدخل البعض ليسأل: ولمن سُلم القرار؟ ولكم كانت الدهشة بالغة والمفاجأة صاعقة حين علموا أن القرار قد أرسل لوسائل الإعلام ولمقرات الأجهزة بالفاكس، ألهذه الدرجة وصل حال القانون في وطني، نحن نعلم أن قرارات المحاكم تسلم لأصحاب القضية ممن صدر بحقهم الحكم ولكنها المرة الأولى التي نرى فيها قرار محكمة موقعاً من رئيس قلم وليس من قاض ويسلم إلى وكالات الأنباء ثم يطلب من الجميع الالتزام بالقرار وتجرد الحملات وتستنفر الأجهزة للتنفيذ، فما سر هذا القرار؟!!! ولماذا هذه السرعة في تطبيقه؟!! وكم من قرار صدر عن جميع هيئات محاكمنا ولم يجد طريقه للتنفيذ إلى الآن!، أم أن قضية انتخابات جمعية تحمل ترخيص من الداخلية قد تؤجج الصراعات وتفتح الأبواب أمام حرب أهلية لا يعلم مداها إلا الله، كما قال البعض، أم أن المصالح الفئوية الضيقة هي من يحكم عملنا ويسيطر على واقعنا.

ومما زاد القلب كمدا والنفس حزنا أن التصريحات بدأت تنهال من هنا وهناك أن هذه جمعية غير مرخصة ولا تمثل المعلمين بل تسعى لشق صفهم، ويحق لنا هنا أن نتساءل هل جمعية يبلغ عدد أعضاءها 18 ألف معلم ومعلمة وتحمل كل التراخيص القانونية اللازمة غير شرعية؟! فما هي مواصفات الجمعيات الشرعية في بلدي؟ ثم إذا كان لإخواننا العمال كان الله في عونهم نقابة، ولإخواننا أصحاب صالونات الحلاقة نقابة فما بال صناع المجد وبناة صروح العلم ومربي الأجيال محرومون من النقابة؟؟!!!.

و إذا كان شعبنا الفلسطيني قد توافق على انتخابات المجلس التشريعي ونجح في إجرائها رغم كل المعوقات أضاق عليه أن يسمح بانتخابات لجمعية معلمين، أم أن انتخابات التشريعي علمتنا لا سمح الله درسا أن لا ديمقراطية بعد اليوم، وان لا صوت لمثقف يجب أن يرتفع لأنهم سبب البلاء وأصل الشقاء!؟ …. حقا إنها عجائب الديمقراطية في بلدي… وإذا قالوا لنا يوما أنها ديمقراطية سكر زيادة فيبدو أنها أصبحت اليوم ديمقراطية بدون سكر ….

أما أنت أيها المعلم الفلسطيني الأبي فلك الله، ولكم كان موقفك عزيزا ومشرفا وأنت ترفض الانجرار إلى الاستفزازات وتصبر على كل المهاترات والاعتداءات فلك المجد ولك الشرف، ولئن حرمت من الإدلاء بصوتك في تلك الانتخابات فها أنت تسجل صوتك كل يوم بوقفاتك الشامخة ومواقفك الرائعة وهل اصدح من ذلك صوت؟!!!

فلك منا كل التحية وكل الإكبار وعظيم الامتنان.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات