الخميس 09/مايو/2024

حماس .. من فوز إلى آخر في الانتخابات القطاعية والنقابية الفلسطينية

حماس .. من فوز إلى آخر في الانتخابات القطاعية والنقابية الفلسطينية

جولات انتخابية تعاقبت على كبريات الجامعات الفلسطينية، سجّلت فيها حركة “حماس” فوزاً تلو آخر، لتؤكد من جديد أنها الخيار الأول للشريحة الفلسطينية الشابة والمثقفة أيضاً. إنه الخيار ذاته الذي تبنّته أعرض شريحة من الموظفين العموميين في فلسطين، وهم المعلمون والمعلمات، الذين اختاروا “حماس” أيضاً في الانتخابات التي أجريت قبل أيام قليلة.

وبعد فوز حركة المقاومة الإسلامية في هذه الأيام أيضاً بانتخابات مجلس طلبة جامعة بيرزيت، الذي جاء مباشرة بعد فوزها في انتخابات مجلس طلبة جامعة الخليل؛ تكون “حماس” قد ثبّتت مواقعها الانتخابية مثلما فعلت في جولات عدة، كانتخابات جامعة النجاح، والجامعة الإسلامية.

ولا شكّ أنّ استمرار مسيرة الصعود الانتخابي لحركة المقاومة الإسلامية، يحمل دلالات عدة، وهو ما يفسِّر اهتمام المراقبين منقطع النظير بكلّ جولة من تلك الجولات. فالجامعات الفلسطينية، وكذلك نقابة المعلمين؛ اعتُبرت مؤشراً واقعياً على مفعول حملات التعبئة المضادة والحصار المشدّد على اتجاهات الشارع الفلسطيني وخياراته.

كان السؤال المركزي الذي طُرح في أفق الجولات الانتخابية الأخيرة، وصولاً إلى جامعة بيرزيت؛ هو عمّا إذا كانت “حماس” التي اختارها شعبها الفلسطيني لقيادته؛ ما زالت هي الخيار الأول لهذا الشعب أم لا؟.

وفي واقع الأمر؛ جاءت صناديق الاقتراع بردودها المؤكّدة تباعاً، بما أسقط الفرضيات القائلة بانحسار شعبية “حماس”، التي تبيّن أنها تتعمّق، ويتعزّز معها نهجها المُقاوِم. وكان يكفي مثلاً أن يصوِّت الفلسطينيون لهذه الحركة وخياراتها، رغم حرب التجويع الممارسة عليهم، ورغم حملات الترهيب التي مورست بحق الناخبين كي لا يقترعوا لصالح “حماس”، والتي بلغت حدّ العرقلة المباشرة لعملية الاقتراع في انتخابات المعلمين الأخيرة من جانب أجهزة أمنية محسوبة على تيارات بعينها في حركة “فتح”.

وإن كانت “حماس” تفوز مجدداً عبر هذه المحطات القطاعية والنقابية الهامّة؛ فإنّ ذلك جاء تعزيزاً لفوزها الحاسم في الانتخابات التشريعية التي أجريت في بدايات العام الماضي، والذي توّج آنذاك فوزها الكبير في ثلاث جولات من الانتخابات البلدية.

وبينما تُحرِز “حماس” هذا المسلسل المتواصل من الفوز؛ فإنّ ذلك بات يطرح تساؤلات بشأن حركة “فتح” تحديداً، ليس بشأن مدى ما تبقى لها من شعبية أساساً؛ وإنما على خلفية روحية التعامل التي تبديها مع مجريات العملية الديمقراطية ونتائجها.

فما بات تقليداً متعارفاً عليه في الساحة الفلسطينية؛ هو أنّ الخسارة الانتخابية لحركة “فتح” تستتبعها حملات ترويع في الجامعات والميادين والطرقات ينظمها عناصرها، مع تدخّل فظّ لمسلّحين يحملون شارة “فتح” ورايتها الصفراء، ممن يندِّدون على طريقتهم المستهجنة بما أفرزته صناديق الاقتراع. ليست تلك ممارسات مقبولة بأي حال، كما أنها أيضاً ليست مفهومة ولا مبرّرة. فخيار الناخبين، أياً كان، ينبغي أن يلقى الترحيب، وأن تُستلهم العبر والعظات من دروسه أيضاً، بدلاً من التنديد به أو حتى محاولة الانقلاب عليه.

وعندما يتَبَلْوَر في الساحة الفلسطينية الاتفاقُ على تجسير الفجوات الداخلية وقطع دابر الفتنة؛ فإنّ الوفاق ينبغي أن يتحوّل إلى ثقافة تعامل وممارسة منفتحة على شركاء الوطن والقضية، وفي شتى المجالات والقطاعات.

في كل الأحوال؛ تبقى كثيرة هي الرسائل التي يبعث بها الفوز المتلاحق الذي حازته “حماس” في هذه الجولات الانتخابية، ولا شكّ أنّ خصوم الشعب الفلسطيني ومن فرضوا الحصار اللاأخلاقي واللاإنساني عليه يَعُونَها جيِّداً. فشعبٌ يخوض معركته الطويلة مع الاحتلال ثابتاً مصابراً؛ له إرادته الحرّة وخياراته المستقلة، وهي خيارات كفيلة دوماً بإسقاط المراهنات التي تسير في الاتجاه المعاكس لحقوق الشعوب ومصالحها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات