الأحد 05/مايو/2024

شاليت الفرنسي !!

أسامة العربي
أي نوع من الشياطين الصهيونية تلك التي تم تسليطها على فيليب دوست بلازي وزير الخارجية الفرنسي حتى جعلته لا يتوارى خجلا ويقف بجرأة فاقدة لكل القيم الانسانية والاعراف الدبلوماسية ليطالب حكومة الوحدة الفلسطينية بضرورة الافراج عن شاليت بحجة واهية وهي حمله للجنسية الفرنسية ؟ وعلى أي درجة في سلم التصنيف يضع بلازي هذه الأمة التي جعلت ما يربو على احد عشر ألف أسير عربي يقبعون في سجون الصهيونية بكل ثقل المعاناة والأنين رقما أصم ؟

ثقل الاسئلة التي تفرزها جملة بلازي لا بد لها وان تستدعي كل احتياط الوعي لدى أحرار العالم ،والعالم العربي والفلسطيني خاصة ، موقف فرنسي ساعٍ لتثبيت وضع شاذ لم تعهده البشرية من قبل ،ساعٍ الى قلب الحقائق ، استباق ليس فقط للتنصل من المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق هذه الدول على ما رمته علينا بما لا ترغب من شبابيكها ، وإنما هالة القدسية التي تسعى هذه الدول لإضافتها على هذه الاشياء الملقاة ، ومعها تفرض استحقاقات يتوجب علينا معها الدفع من كرامتنا وكياننا بما يبقينا خارج نطاق التاريخ ، جملة وموقف لا بد وأنها قبضت الساعين لحل القضية الفلسطينية تحت أي ظرف من رقابهم للصحوة من غفلة الاماني والاحلام بالتفرغ للتنمية والتطوير إن بقي السلام خيارهم الاستراتيجي الوحيد ، فالموقف الفرنسي والحصار الجائر الذي تفرضه على الفلسطينيين لتلبية شروط الرباعية سيكون النموذج المثالي للتطبيق لكل من تسول له نفسه شق عصا الطاعة على هذه المقدسات التي يراد لها أن تترعرع وتحل في هذا المحيط بعد تفريغه من مقدساته الروحية والثقافية وكل ما يمت لكيانه بصلة .

المطلوب من العربي أن يتحسس رأسه على الدوام لا بل يطعن ذاته ليتأكد بأن ما يجري في عروقه دماء وليست مياه عادمة تهوي به الى مصاف الكائنات غير المتحضرة ، فالحصانة التي تحاول فرنسا أن تكون السباقة فيها لكسب الود الصهيوني والتي منحتها لشاليت واقرانه ستجعله يستبدل تلقيم مدفعيته بالقذائف التقليدية التي مزقت أجساد أطفال العرب بالنووي الذي امتلأت فيه جعبة الصهيوني ،وبدون أن يرف جفن لهذا العالم ، فالقضاء على مستقبل هذه الكائنات ضرورة وخاصة في ظل النمو الديمغرافي غير المسبوق لها ، وعلى هذه الكائنات استقبال هدايا هذا (( الأممي )) كمطلب حضاري للشعوب المتحضرة وللبشرية !!

هوان سيبقى يلقي بظلاله الثقيلة إن لم نتحرر من عقدة النقص التي يحاول الغير تقييدنا بها ، فلم يشهد التاريخ حالة مشابه لما يحاول بلازي وضعنا فيه ، فالتاريخ وأمم الارض وكل الشرائع السماوية والقانون الوضعي قالت من لم يقترف ذنبا لا يحمل هما ولا إثما ، وعلى ما يبدو أن هذا الاجماع لا ينطبق علينا في عرف بلازي، فهناك من اقترف الذنب وعلينا تحمل همه وأثمه ، وعلى هذا علينا تقديم الاعتذار نيابة عن كل من ضحى من شهدائنا لا بل علينا ان ننبش على رفاتهم من قبل صلاح الدين وحتى يومنا لتقديمهم برغبة منا للمحاكم الدولية الخالية من الميزان والعدل اللذين اطاح بهما بلازي ، وعلى كل دولة (متحضرة ) ممن لوثتنا ان تفتح سجون شبيهة بغوانتانموا ،فغوانتانامو الامريكي مثال للتحضر ، لتوزيع هؤلاء الاسرى كل حسب ما يتم توزيعه عليه من تهم صهيونية، فالسجل الصهيوني متخم بالتهم الجاهزة أكثر من تخمة الوهم الذي سقتنا منه الادبيات العربية عن أوروبا وفرنسا الحرية والعدالة والمساواة !!

ملهاة أم ماساة يريدها بلازي لهذه القضية ؟ !! أما وإن كانت ملهاة ،فالمطارات العسكرية الصهيونية المنتشرة على الارض الفلسطينية، بما يعلمه بلازي ولا يعلمه ،تخلو من نظام مراقبة أوروبية وفرنسية على وجه الخصوص للتأكد من طياري الاباتشي التي تلقي بحممها على الشعب الفلسطيني ، أما وإن كانت مأساة ، فأوروبا تمنح لنفسها الحق بموقف يتحالف مع التحركات الصهيونية وما تعده من حرب على غزة ، لأجل شاليت الذي لم يأت سائحا لا هو ولا من سبقه ، وتعمل على تجريد العرب من حقهم بموقف تجاه الملايين من الفلسطينيين المشردين في شتى اصقاع الارض ممن شردهم شاليت ومن سبق شاليت .

كما انه لا يمكن لعاقل أن يفصل الموقف الفرنسي عن التحركات الصهيونية على غزة ، فلا يمكن للعقل أن يقفز على فخ الخديعة الساعي الى تفتيت الموقف الفلسطيني الرسمي والشعبي ، فعلى الصعيد الرسمي النيل من وحدة الحكومة الفلسطينية خاصة مع الموقف الاوروبي الانتقائي في التعاطي مع هذه الحكومة ، وعلى المستوى الشعبي خلق حالة من الريبة والشك عن الجدوى الذي حققته المقاومة من اسر شاليت ،وغاب عن بلازي أن جل الشعب الفلسطيني يدرك أن هكذا انجاز لا يمكن قياسه ماديا خاصة في صراع مفتوح على كافة الجبهات مع هكذا عدو ، ويدرك تماما أنه الطريق الوحيد للافراج عن الاسرى الفلسطينيين وخاصة بعد ما يزيد على أربعة عشر عاما من المفاوضات التي لم تفلح في اطلاق اسير فلسطيني واحد .

جملة بلازي تكشف مدى الكارثة التي حلت بالجيش الذي لا يقهر جراء اسر شاليت ، وحجم المأزق الذي تعيشه الاستخبارات الصهيونية بكل ما تملك من امكانيات و العاجزة عن تحديد مكان شاليت ، وما شكله أسر الجندي الصهيوني من رافعة للمقاومة وللشعب الفلسطيني المسجون بسجن كبير تقف عليه الصهيونية حارسا ، ولذلك بات تجريد الفلسطيني من هذه الرافعة مطلبا حيويا للكيان الصهيوني وخاصة أن من قام على هذا الفعل مقاومة ،وشاليت بلباسه العسكري .

الابتزاز الذي يمارسه الموقف الفرنسي والدول الاوروبية ليس له نهاية وعلى الحكومة الفلسطينية التعاطي مع هذه الجملة وهذا الموقف بما يليق بالقضية الفلسطينية ، ولا بد وأن يكون دعم المقاومة بكل السبل المتاحة وعلى كافة الاصعدة ماديا ومعنويا محور اهتمام هذه الحكومة ، وعليها إدراك ان التنازل عن حق من حقوق الشعب الفلسطيني سيفرط عقد هذه الثوابت حتى القضاء عليها وسحقها ، فالمطلب الفرنسي الذي ورد على لسان بلازي يدلل على فرض استحقاقات لا بد وأن تلي القضاء على الحقوق .

التحرر من عقدة النقص يقع على كاهل كل فرد فينا ويبدأ التحرر من دعم المقاومة الوجه الحضاري لهذه الامة ، ويقع على عاتق الزعماء العرب ويفرض عليهم التحرك بجدية نحو كسر الحصار عن الشعب الفلسطيني ، وتطبيق ما اتفق عليه في القمة العربية ، وخاصة فيما يتعلق بالعمل العربي المشترك ، فالأمن القومي العربي سيبقى في خطر ان بقيت لغة تسويق المبادرة العربية هي السائدة ، وحق بلا قوة حق تذروه الرياح ، فكيف وان كانت خماسينية ؟!!

لم تسعفني الظروف التي فرضها المحتل الغاصب على هذا الوطن العربي أن أتعلم الفرنسية وإلا لترجمت لبلازي شعوري كعربي توزع اخوته بين شهيد وجريح ومشرد في اصقاع العالم وأسير بسبب شاليت الفرنسي !!

خذوا شاليتكم وأعطونا فلسطينيينا وحقوقنا !!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات