الإثنين 06/مايو/2024

يا جبل الخليل ما يهزك ريح..

رشيد ثابت

ليس غريبا على مدينة حماس أن تصوت لحماس؛ وليست هذه أول مرة تذكرنا الخليل فيها أنها بيتنا الدافئ وحصننا الحصين؛ ولن تكون هذه إن شاء الله آخر مرة تختار فيها طليعة الجمهور وصفوة الشباب المتعلم في هذه المدينة الانحياز للحق الوطني والشرعي في فلسطين الأرض والمقدسات…

لكن من قال أن الفرح بشروق شمس الأمس يغني عن انفراج الأسارير لأشعتها صباح الغد؟! ومن قال أن من جدد الالتصاق بالخير قولا وعملا لا يستحق أن يجدد له الشكر زيادة؛ ولا يستحق أن نبالغ في الثناء عليه والدعاء له؟!

وجامعة الخليل التي فازت فيها الكتلة الإسلامية في انتخابات مجلس الطلبة ليست ككل الجامعات؛ وانك أخي القارئ لو عرفت أسماء الأعلام من خريجيها لوقفت إجلالا واحتراما للمكان الذي درس فيه حارس المسجد الأقصى الأمين رائد صلاح؛ وسنده وعضده الشيخ كمال الخطيب؛ والقيادي القسامي البطل – هنيئا له بالحرية والعرس – صالح العاروري أسعده الله وأرضاه؛ و ألحق الله إخوانه الأسرى به فكاكا وحرية وانعتاقا من سجون إخوان القردة والخنازير…

ثم إنك حين تعرف أن عبدالله القواسمي قد طلب العلم فيها؛ وأنه في حرمها تعلم القيادي القسامي أكرم الأطرش؛ والشهيد رائد مسك؛ ومن حياضها نهل المعرفة ثلة أخرى من الشهداء الكرام الذين تعجز الذاكرة المتعبة عن حفظ أسمائهم –  إنك حين تعرف كل ذلك فإنك توشك أن تخلع نعليك على أبوابها كما يصنع المؤمنون مع الجوامع والمحاريب؛ حتى إذا ما تذكرت طغام ورغام الشبيبة من العمل غير الصالح من أبناء هذه الجامعة؛ وتذكرت صراخهم وضجيجهم الفجوري وسلوكهم القرمطي البربري تخريبا ونعيقا عقب إعلان النتائج فانك تسارع إلى شد حذائك على قديمك ولا ريب! فسبحان الذي جمع البر والفاجر على صعيد واحد؛ وسبحان الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملج أجاج وجعل بينهما برزخا!

لكن هل قلت أن الذاكرة المتعبة تعجز عن سرد كل أسماء شهداء الكتلة الإسلامية في الجامعة؟ ليس هذا بضائرهم بأية حال؛ فهم إن شاء الله مذكورون في الملأ الأعلى بإذن الله؛ والأسرى الثلاثة والثلاثون من أبناء الكتلة هم أيضا أعلام عند من يعرف قدرهم؛ وحين تنعدل موازين الثقافة العربية الخربة؛ فستكتب الأعمال الأدبية في هؤلاء الأبطال وستنتج فيهم المواد الإعلامية؛ ولا والله ليس هؤلاء الأبطال بحاجة لهذه الذكرى حاجة الجمهور العربي للقدوة والمثل من هذا الشباب المؤمن المكتهل في فتوته وعنفوانه وشبابه!

لقد غرت الصهاينة أنفسهم من أنفسهم؛ وظنت أمريكا معهم أن الشعب الفلسطيني قد اقترع للإصلاح والتغيير في نزوة عابرة؛ وأنه إن قرصه الجوع سيعود عما رام من كرم نفس وعزة وإباء؛ وسينزل عن ثوابته مقابل الرغيف؛ وما علم هؤلاء الأوغاد – ولعلهم علموا وجحدوا واستكبروا كما يصنع كل معتد أثيم – أن في فلسطين مؤمنين لا يستخذون لا لقمة ولا لأدام؛ وان قناتهم لا تلين إلا للمنون؛ وأن جباههم لم تعتد إلا على السجود لله؛ وأن أرواحهم تستمد من ذل العبودية لله طاقة جبارة للاستكبار على كل الجبابرة والشعور بتفوق حاد مفرط عليهم!

ولعل أمريكا حامية الأوغاد ومشغلة العملاء قد أخذها حمق” الكاوبوي” التاريخي؛ فصدقت مقالات إعلام الخمسة بلدي؛ ومظاهرات المأجورين من جلاوزة الجوع – للكرامة لا للرغيف! – وظنت أن الناس في فلسطين قد شبعت من نداء الكرامة وتاقت للقمة مغمسة بالذل والنذالة؛ ولكن هيهات ما تعد أمريكا نفسها ويعد أنفسهم صبيتها الضالون!

جامعة الخليل إذ جددت البيعة للحركة الإسلامية فإنها ردت كيد منهج التفريط إلى نحره؛ وقالت للعالم أجمع أن عاما من الحصار الخانق ضد الحكومة المنتخبة؛ وعاما من البطش الصهيوني والمكر الغربي والتواطؤ العربي والمحلي ضد فلسطين لم يكن طويلا كفاية ليصرف الناس عن خياراتهم في الحرية والاستقلال؛ والالتزام بحقوقنا الوطنية والشرعية في فلسطين!

وجاء نجاح الكتلة الإسلامية الباهر في الانتخابات من أعضائها في الصف الثالث؛ و بعد أن غيب الاعتقال آساد الصف الأول والأعضاء البدلاء عنهم – جاء هذا النجاح جرعة من الخيبة الثقيلة لآلة حرب الصهاينة وبرامجهم؛ وأسقط في أيديهم لما للكتلة الإسلامية من قدرة أسطورية على البقاء رغم فداحة الخسارة! وجاء هذا النجاح أيضا زيادة في العار على كتلة الشبيبة التي سلمت من أي أذى أو ملاحقة؛ وحصلت على تمويل باذخ؛ ومع ذلك لم تكتف بالخسارة نتيجة؛ بل ختمت إعلان النتائج بالمزيد من السوء وفي إشارة متجددة للرفض الفطري للحركة الحاضنة للشبيبة للديمقراطية والاحتكام لنتائجها؛ ولا عجب:

فهل ينبت الخطي إلا وشيجه * * * * وتغرس إلا في منابتها النخل!

وهل نتوقع ممن فشل في تنظيم انتخاباته الخاصة مرارا؛ أن يقدم سلوكا أكثر مهنية وهو يتنافس مع الآخرين؟!

فالحمد لله الذي قسم كل نقيصة للطاعنين في الكتلة الإسلامية؛ وجعل حظ كتلتنا في الشهادة وريادة العمل المقاوم والنضال أبين وأوضح!

وهنيئا للخليل بخليلها والأنبياء والمرسلين؛ والأسباط المسلمين؛ والملة الحنيفية…

وهنيئا لها بحماس والكتلة الإسلامية!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات