الإثنين 06/مايو/2024

أين فشلت أمريكا.. وأين نجحت.. ؟

خالد معالي

كما أن للانتصار ثمناً قد يكون اكبر من حجمه أحيانا كذلك للهزيمة ثمن هو بعرف الجميع مؤلم وقاس لما يترتب عليه من توابع، وأمريكا في حربها على العراق وباتفاق الجميع تتلقى هزائم متتالية، والدليل على ذلك تراجع شعبية بوش وحزبه الجمهوري في الانتخابات الأخيرة، ولكن السؤال هل تقبل أمريكا أن تخرج مهزومة هكذا وبكل سهولة ؟ الجواب طبعا لا…، فهروشيما وصمت بالعار أمريكا إلى أبد ألآبدين، فقتل البشر أمر عادي في العقلية الأمريكية والهنود الحمر شاهد على ذلك، وفي العراق قتل وقتل متبادل على أسس مذهبية هي من صنيعة أمريكا أولا وأخيرا .

فهزائم أمريكا المتتالية في العراق وانتكاساتها لم تكن في حسبان الإدارة الأمريكية التي تصورت حال العراق كحال ألمانيا بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية حيث لا مقاومة لأمريكا، والكل يعرف حكاية الاستقبال بالورود حال تحرير العراق من صدام ، بدل الورود لقيت امريكا القنابل وقتل جنودها بشكل يومي، أمريكا تخطط بشكل علمي وذكي ولديها قوة عسكرية هي الأولى في العالم هذا صحيح ..ولكنها تفتقد للقوة الأخلاقية والفكرية التي تمكنها من استقبالها بالورود لدى شعوب العالم .

فشل أمريكا في العراق قابله نجاح منقطع النظير في زرع العصبيات الجاهلية والنعرات والخلافات المذهبية، حتى أن وسائل الإعلام العربية انطلت عليها الحيلة الأمريكية وهزمت أمام قوة ضخ الإعلام الأمريكي، فقضية سني وشيعي وقتل الشيعة للسنة والشيعة للسنة أصبحت من المصطلحات الإعلامية اليومية في الأخبار عبر وسائل الإعلام المختلفة للإعلام العربي، القرآن الكريم حسم هذا الأمر قبل 1400 سنة قال تعالى” وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما ” ولم يقل وان اقتتل الشيعة والسنة فأصلحوا بينهما، بل وصف الجميع بالمؤمنين، ولم يرد في القرآن الكريم وصف شيعة وسنة، من يصف أحداث الاقتتال الداخلية في العراق بأنها بين سنة وشيعة فهو مهزوم ويردد الخطاب الإعلامي لأمريكا وعملائها، وهو بذلك يكون جنديا من جنود العدو الأمريكي المجرم والظالم .

أمريكا شاءت أم أبت ستخرج من العراق ذليلة منكسة أعلامها، دخل التتار العراق منتصرين ولكنهم خرجوا منه ينشرون الإسلام والعلم والحضارة في بلادهم، فلا قوة السلاح ولا غطرسة وقوة إعلام أمريكا ولا زرع الشقاق ينقذها من هزيمتها في العراق ..عراق القوة الأخلاقية والفكرية كامنة فيه وليس من الساهل هزيمته .

صحيح أن امريكا نجحت في زرع الفتنة الطائفية في العراق بفعل تواطؤ وتخلف وجهالة القلة القليلة هنا وهناك، ولكن ما زال يمكن لعقلاء العراق تدارك الأمر، ولكن المهم والأخطر هو بوادر نجاح أمريكا في زرع الطائفية على مستوى إقليمي وعالمي من خلال المشكلة النووية الإيرانية، فحالة الاصطفاف السني والشيعي بدت تأخذ منحى قويا، وما سكوت أمريكا مكرهة على حكومة الوحدة الوطنية وتصاعد قوة حماس، إلا نتيجة لانتكاساتها المتتالية في العراق ونتيجة للتحضير لضرب إيران عبر محور سني تظن أنها ستنجح فيه ضد محور الشيعة حسب خططها وتسمياتها المسمومة .

القمة العربية الأخيرة شئنا أم أبينا تصب في اتجاه المحور السني حسب المخطط الأمريكي، فهل من عاقل يقول أن القمة حصلت رغم أنف أمريكا وبالتالي هي قمة عربية خالصة، وهل أمريكا تسمح بعقد قمة عربية مخالفة لأجندتها، صحيح أن هناك أمور يجب التضحية بها من قبل أمريكا مكرهة لإنجاح المهمة الكبيرة القادمة والمتمثلة بضرب إيران، ومن هذه الأمور تخفيف الضغط على القضية الفلسطينية وتأجيل ملفات أخرى لحين .

العرب ليسوا أغبياء ولا ضعفاء المشكلة عندهم في الأنظمة التي تخشى زعل السيدة رايس ولا تقدر على زعلها، الحركات والأحزاب المقاومة لا مشكلة لديها في زعل رايس، وأجندة رايس ليست كأجندة حركات المقاومة في العراق وفلسطين ولينان والصومال وأفغانستان، وما حققته حركات المقاومة من إنجازات قابل للزيادة أن هي أحسنت التخطيط للمرحلة المقبلة خاصة أثناء الضربة المتوقعة لإيران، وحال أمريكا لن يكون بأحسن حالا من الإمبراطوريات التي أكل عليها الدهر وشرب وصارت أثراً بعد عين ومضت إلى أفول …..

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات