الإثنين 06/مايو/2024

عذراء مرضعة ؟!!

أسامة العربي

تتحدث التقارير الاستخباراتية والتحاليل السياسية عن قرع المؤسسة العسكرية الصهيونية بوتيرة أعلى لطبول الحرب لشن عملية عسكرية باتجاه غزة ، تسعى من خلالها إلى تركيع الشعب الفلسطيني والنيل من رموز الشرعية الفلسطينية ، عملية عسكرية مع استراتيجية تثبيت الأمر الواقع التي تبناها الكيان الغاصب والتي معها ما زالت المغتصبات الصهيونية تتضخم واجراءات تهويد القدس تسير على قدم وساق وابتلاع الأراضي الفلسطينية تجري على مرأى ومسمع الرباعيتين ، إجراءات لا يمكن لأي مراقب أن ينفيها من خانة التكاتف مع الضغوط الأمريكية والرفض المطلق لرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني ومع الانتقائية الاوروبية في التعاطي مع حكومة الشعب الفلسطيني ،من أجل تركيع الشعب الفلسطيني وثنيه عن حقوقه التي اقرتها الشرعية الانسانية والمواثيق الدولية ، يقع هذا التكاتف والرباعية تدور بالفلك الصهيوني في محاولتها إلباسنا ثوب الجلاد باسطوانتها الداعية الى فرض اعتراف الضحية بحق الجلاد !!

تبقى هذه المغامرة تعبير صارخ عن مدى حاجة هذا الجيش إلى نصر وان كان على حبيبات رمل شواطئ غزة ، وخاصة بعد نجاح الفلسطينيين في الوحدة وإفشال المخطط الصهيوامريكي في اشعال حرب اهلية فلسطينية فلسطينية تدمر مقومات الشعب الفلسطيني ، ولا يغيب عن الفكر أن جيشا أنشأ كيانا لا بد وأن يبقى بنظر هذا الكيان يقتات على مقولات أضحت استراتيجية، لتحفظ للكيان وجوده وتبقي على الهزيمة وكأنها قدرا مقضيا ، وإن كانت استقالة الجيوش النظامية عن المواجه وهرولة الانظمة فسحت طريقا لهذه الاستراتيجية لأن تأخذ أبعادها في شتى الميادين، الا أن الجيش الذي لا يقهر قد قهر شمالا وجنوبا ، واضحت هذه المقولات مما عفا عليه الزمن في النفوس وعلى ارض الواقع .

في ظل قرع هذه الطبول الصهيونية تتقدم حماس الصفوف للدفاع عن الشعب الفلسطيني وهي التي لم تتأخر يوما عن هذه المقدمة الا بعقلية من اراد للشك ان يكون سبيله في النيل من حماس ، تأهب في الميدان بكتائبها المظفرة ، وتصريحات قيادية عسكرية وسياسية تتعاطى مع المرحلة بحنكة سياسية وبعزيمة عسكرية جهادية لم يعهدها المحيط الا بالقسام ، تصريحات واجراءات تهيئ لمرحلة قادمة بدأت بزرع بذورها حماس وتعتني الان بتثبيت غرسها ، مرحلة ستصفع كل مشكك وتنبئ بأن حماس اذا ما انشغلت بتطويع السياسة لتكون خادمة للقضية الفلسطينية وثوابت الشعب فلن تتخلى عن دورها ، واذا ما انشغلت بتطوير الامكانيات والتي أشغلت العدو بمحاولة رصدها فلن تتنازل عن ريادتها و اسمها .

يدرك المرء جيدا أن انشغال الكبار ومن هم بوزن حماس بسقطات المشككين الصغار ليس له وجود على اجندة حماس كون هذا الامر يثنيها عن اهدافها التي نذرت نفسها لها ، ولكن كثرة تداول التصريحات السياسة لقيادة حماس في المرحلة السابقة والانشغال بتحليلها بالاتكاء على موقف الظان ظن السوء تثير الشفقة وتجلب الحيرة معا .

الشفقة تنبع بما كشف عنه هذا الانشغال ،وهو انعدام برامج هؤلاء الصغار بما يمكن أن يشكل موضع جذب واهتمام أو انجاز يمكن ان يشكل رافعة لصاحبه ، و الكشف الآخر هو مقدار عدم الثقة الكامنة في اللاوعي عند الاتباع والتي عبر عنها الانشغال في التشكيك بالاخر ، اما الحيرة فمن تلك العذراء التي نفت الجهاد والسياسة من قاموسها الحزبي ،عذراء القبح والرذيلة ، ومع تصريحات حماس ألقت بثدييها على ناصية الطريق تحاول إرضاع الشعب سياسة ، إلقاءً مقززاً يجعل المرء يصرخ بأعلى صوته ، عذراء مرضعة ؟!!

الإجراءات الصهيونية وقرع طبول الحرب لن تتوقف بمجرد إلقاء العذراء لثدييها على ناصية الطريق ، فالمطلوب من فضائل المقاومة الفلسطينية اعداد العدة لمواجهة هذا العدوان الغاشم وتوحد الجهود في دفع الظلم عن الشعب الفلسطيني .

هذه الإجراءات تتطلب من الزعماء العرب الإسراع بتنفيذ برنامج فك الحصار عن الشعب الفلسطيني والذي اتخذه العرب في قمتهم ، فإجابة الكيان الصهيوني على المبادرة العربية جاءت بأفعاله الهمجية والقمعية التي لم تتوقف على الارض والشعب الفلسطيني ، اما اقواله ومراوغته فهي للالتفاف على حقوق الشعب الفلسطيني وعلى الشرعية الدولية ، وهي محاولة توظيف الكلمات لكسب الوقت في تثبيت الأمر الواقع على الأرض ولتحسين شروط وظروف الموقف الأمريكي المتعثر في العراق ، صياغة كلمات تسعى معها للتنازلات المجانية ، وعلى الموقف العربي ان يتعدى تسويق المبادرة،ولا يطلب المرء حربا عربيا تشن باتجاه الكيان الصهيوني ، ولكن الخروج عن موقف الاستجداء بعد هذا الرفض الصهيوني ، تشكيل موقف بعيدا عن استجداء تسويق المبادرة أصبح مطلبا لنجاح القمة ومطلبا شعبيا وقوميا ودينيا ، ولن يتشكل هذا الموقف بصلابة ضرورية إلا بالإسراع في رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني واحتضان مقاومته بقوة ما فيها من حق دولي وأخلاقي .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات