السبت 04/مايو/2024

المستشار مؤتمن…محمد دحلان لا !

رشيد ثابت

تعيين محمد دحلان مستشارا للأمن القومي للرئاسة في فلسطين هو من مساخر السياسة المثيرة للغثيان ولا شك!

ولا يكافئه إلا تصور وضع مفاتيح البيت الحرام أمانة عند أبرهة الأشرم؛ أو سؤال شقي ثمود قاتل ناقة صالح عليه السلام أن يسقي لابنتي شعيب عليه السلام؛ أو الطلب إلى البراض بن قيس – سارق قافلة النعمان – أن يصبح محافظا للبنك المركزي في كنانة!

باختصار ووضوح: ما هي عقيدة الأمن في بلد كفلسطين وما هي رؤية المسؤول عن حفظ الأمن والسلام في هذا البلد؟ فلسطين المحتلة لها عدو أول أكبر ينقض أمنها هو الاحتلال الصهيوني؛ وهذا هو الخطر الأعظم على سلامتها واستقرارها. يلي هذا التهديد الخارجي تهديد داخلي هو تحدي الانفلات الأمني والبلطجة التي ترسم مسيرة عمل متفلتي وصعاليك حركة فتح؛ والتشكيل المدنس لاسم المسجد الأقصى المنسوب له ولشهدائه زورا وإثما وبغيا وعدوانا! الصهاينة يبسطون شؤمهم وفجور دولتهم على كل الضفة والقطاع؛ ويتولى مهددو الأمن داخليا إشاعة المزيد من الخراب والدمار في حرب كر وفر في غزة؛ وبسيطرة شبه تامة في الضفة الجريحة في غياب الرجال!

أين يقع محمد دحلان من هذين الخصمين اللدودين للأمن الفلسطيني؟

صلات الرجل الصهيونية ملأت المصادر المرئية والمسموعة والمقروءة؛ وحديث حماس ضد الرجل لم يكن أبدا كما زعم إعلام فتح – لم يكن اعتمادا على كرهها لهذا البغيض أو إحساس “عاطفي” بالكراهية لا تسنده الأدلة الدامغة ولا تعضده القرائن القاطعة! وواضح جدا أن هذا الإعلام البائس الخائب المتذاكي لا يتابع برامج الجزيرة الوثائقية المترجمة؛ ولم يشاهد الساعة التلفزيونية التي كان دحلان يتحدث فيها إلى “شاؤول موفاز” – أحد الحريصين على أمننا كما يعلم الجميع! – بطريقة مواربة بخصوص “حدوث شيء” ينهي سيطرة عرفات في لقاء انعقد قبل شهور من مقتله! وهذا الإعلام التعبان لم يسمع عن مذكرات يعقوب بيري التي ترجمت للعربية؛ والتي لم يدخر فيها الرجل وسعا في شرح كيف التقط الجنرال العميل الساقط واجتباه ورباه وجعله من الفاسدين! بل إن هذا الإعلام لا يسمع حتى لقادته من أمثال هاني الحسن الذين قطعوا للخبير الأمني بزعامة تيار “الأسرلة”؛ أي تحويل فتح إلى الولاء لإسرائيل – إسرائيل العدو الأول للشعب الفلسطيني والتي صارت تحتاج مثل هذا التعريف أمام إعلام وقيادة وقاعدة فتحاوية ترى كل هذا الخبال وتنظر بعينين ذاهلتين لا تلوي على شيء!

كيف يمكن لرجل كتبت فيه مطولات المقالات الموثقة التي لا تنتهي عن فساده المافيوي وتربحه من السلطة أيام تزعمه جهازا أمنيا – كيف يمكن أن يشغل منصبا حساسا كهذا؟ وكيف يمكن لرجل قاد أجهزة الأمن لقمع الأداة الوحيدة التي تكفل توازن الردع مع الصهاينة – ألا وهي حركات المقاومة – وزج في عهده وفي سجون جهازه الدنس مئات الشرفاء من المقاومين وأنصار عقيدة المقاومة وخط الدفاع الأول عن فلسطين؟! هل خلت البلاد من مخلص واحد غير عميل ولا خوان ليستشار في الأمن؟ أم أنه لا يوجد “في هالبلد إلا هالولد”؟

لاحظي يا فتح أننا لا نتحدث عن اجتهاد سياسي أخرق أو مفاوضات يمكن تبريرها بتنظيركم السقيم المكرور عن ضرورة الاتسياق مع المجتمع الدولي وغير ذلك من الأعذار الواهية؛ بل نحن نتحدث عن معطيات تقدح في شرف وأهلية أي مرشح لمنصب أمني في أي بلد في الدنيا لا تشترك فتح في حكمه!

إن مناضلي فتح الشرفاء الحقيقيين – لا العناوين الإعلامية الخرقاء المنتجة للبيانات البلاستيكية – مطالبون قبل غيرهم بالتصدي لتعيين مثل هذا المشبوه في منصب يتناقض طبيعيا ومبدئيا مع تكوينه المادي والنفسي!

وهب أن فتحاً لم يعد فيها من يصلح للاستشارة في المجال الأمني إلا هذا العميل؛ أفهل يفيد قضية التفاهم والوحدة أن يستدعى راعي الخمسة بلدي والانفلات؛ للعربدة في أمن الناس بشكل رسمي هذه المرة؟ هل من أدخل الهتاف ضد الشيعة وذرف دموع التماسيح على لوردات الشوارع الذين ذاقوا وبال أمرهم لأنهم حولوا بيوتهم إلى أوكار جريمة – هل أمثال هذا يساعدون قضية أمن فلسطين وسلامتها؟

من الواضح أن حركة فتح سادرة في غيها؛ وهي تدافع بغباء مثير للشفقة عن هذا الرجل وتظن أنها تستطيع أن تحمي أوسخ سمعة في فلسطين قاطبة ببعض ألاعيب الراقصين وأهازيج الحواة!

وحده جمال نزال شذ عن هذا الأسلوب قليلا وبذل محاولة أكثر فذلكة في الدفاع عن طريق الهجوم – وهي محاولة أكثر فذلكة لكنها بنفس ثقل خيبة فتح الكبيرة في ضميرها – فنسق تصريحا سخيفا ضد تولي الأخ الفاضل سعيد صيام لقيادة كتلة الإصلاح والتغيير؛ وكأنه يقول انتقاد بانتقاد؛ وهذه بتلك؛ وتصريح في الشأن الأمني من البردويل ضد فتح؛ بتصريح مني ضد حماس وفي شأن رجل منها عمل في الأمن!

وما علم الجهول أن صيام أفضل من دحلان كما فضل النابغة الذبياني ممدوحه على ملك “لخم” من حيث يقول: لقفاك خير من وجهه؛ ولشمالك خير من يمينه؛ ولأخمصك خير من رأسه؛ ولخطؤك خير من صوابه؛ ولعيك خير من كلامه؛ ولخدمك خير من قومه‏!

منهم كلهم…

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات