الثلاثاء 21/مايو/2024

أبو مازن وأوروبا

أبو مازن وأوروبا

صحيفة البيان الإماراتية  

«هل يفتح اتفاق مكة الطريق أمام أوروبا؟»

هذا السؤال اختاره الخبير الاستراتيجي الأميركي هنري سيغمان لمقالة له نشرت الأسبوع الماضي في صحيفة «هيرالد تربيون» الأميركية.. وهي مقالة أدعو الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن إلى الاسترشاد بها في التحرك الدبلوماسي للسلطة الوطنية الفلسطينية لمرحلة ما بعد اتفاق مكة المكرمة .

كما هو معلوم فإن دور أوروبا في قضية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي دور ثانوي ومحدود بالنظر إلى انفراد الولايات المتحدة باحتكار التحرك الدبلوماسي في هذه القضية .

لكن الآن وبعد تحقق الالتقاء السياسي بين فتح وحماس من خلال اتفاق مكة فإن الباب أصبح مفتوحاً – كما يقول سيغمان – لدور أوروبي كبير في مساعي السلام في الشرق الأوسط. إذن نشأ ظرف جديد. والسؤال الذي يطرح هو عما إذا كانت أوروبا ستدخل عبر هذا الباب .

لمعالجة هذا التساؤل يعيد هنري سيغمان الذي يعمل في لندن أستاذاً بمعهد الدراسات الشرقية والأفريقية التابع لجامعة لندن إلى أذهاننا إنه حتى لو مضت حماس إلى الحد الأقصى فتجاوبت مع شروط «اللجنة الرباعية الدولية» فإنه ليس واردا لدى “إسرائيل” على الإطلاق العودة إلى حدود 1967 … وبنفس القدر فإنه ليس وارداً لدى الولايات المتحدة على الإطلاق إجبار “إسرائيل” على هذه العودة .

كان هناك افتراض نظري بأنه إذا استطاع الرئيس أبو مازن أن يبرهن عملياً بأن نهج الاعتدال الذي يتبناه سيؤدي إلى تحسن في حياة الفلسطينيين فإنه ربما يتمكن من تحجيم حماس، لكن رئيس الحكومة الإسرائيلية أيهود أولمرت لم يشأ تحقيق هذا التحسن فحسب رغم وعوده المكررة في هذا الصدد بل عمد إلى إذلال أبومازن ونسف مصداقيته .

ومن الناحية الأخرى فإن إدارة بوش لم تفعل أي شيء للضغط على “إسرائيل” للوفاء بالتزاماتها سوى تكرار عبارات من البلاغة اللفظية فارغة المضمون بشن «أفق سياسي» لدولتين.. فلسطينية وإسرائيلية .

الولايات المتحدة إذن تقود الفلسطينيين إلى طريق مسدود تماماً. هذا هو استخلاص سيغمان، وهو استخلاص ينبغي أن يأخذه الرئيس أبومازن بأعلى درجات الجدية.. وذلك لثلاثة أسباب: أولاً لأن هنري سيغمان خبير أميركي مخضرم في شؤون الشرق الأوسط.. وثانياً لأنه يهودي غير صهيوني.. وثالثاً لأنه يفصح عن معلومة سرية خطيرة .

مفاد هذه المعلومة هو أنه كلما برزت بادرة مهما كانت ضئيلة بأن الولايات المتحدة قد تقدم أخيراً وبصورة جدية على عملية سياسية بشأن القضية الفلسطينية فإن إليوت أبرامز الذي يتولى في البيت الأبيض ملف سلام الشرق الأوسط يهرع فوراً إلى عقد اجتماع سري مع مبعوثين من أولمرت في عاصمة أوروبية أو مكان آخر ليطمئنهم بأنه لا يوجد «خطر» من هذا النوع !

أجل إنه طريق مسدود. ومن ثم فإن سيغمان يتساءل عما إذا كان الاتحاد الأوروبي على استعداد ليفرض نفسه بديلاً عن الولايات المتحدة لمرحلة ما بعد اتفاق مكة .

لكن الإجابة على هذا التساؤل ترتبط ارتباطاً عضوياً بتساؤل آخر: هل يجد الرئيس أبو مازن نفسه على استعداد لنبذ الطريق الأميركي المسدود ليضع يده فوق يد أوروبا.. التي بدورها ستحظى في هذه الحالة بدعم جاد من روسيا والصين؟

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات