الأحد 19/مايو/2024

حدايده .. واقع الأسرى كما يصفه صاحب أطول اعتقال إداري في طولكرم

حدايده .. واقع الأسرى كما يصفه صاحب أطول اعتقال إداري في طولكرم

جمال عبد الله حدايده، البالغ من العمر 39 عاماً، هو أحد أبرز قادة حركة “حماس” في محافظة طولكرم، ويسكن مخيم طولكرم للاجئين، وهو رب أسرة وله خمسة أطفال. أما الجانب الآخر من سيرته؛ فهو أنه أمضى أحد عشر عاماً من عمره في سجون الاحتلال، حيث سُجن عشر مرات زار خلالها معظم السجون الصهيونية، ورأى كل أصناف القهر وألوان العذاب.

آخر رحلاته مع سجون الاحتلال كان اعتقال إداري بتاريخ 30/7/2004، وامتد 28 شهراً، تنقّل خلالها بين سجون “عوفر” والنقب و”مجدو”، حيث مُدِّد اعتقاله سبع مرات، ليكون صاحب أطول سجن إداري من محافظة طولكرم خلال هذه الفترة، وأُطلق سراحه في 16/11/2006. وهو بصدد إعداد دراسة في تطور الحركة الأسيرة منذ سنة 1967 وحتى الآن.

فاشية إدارة السجون

يصف جمال حدايده وضع سجون الاحتلال بشكل عام بأنه سيء، بينما “الشاباص” (شرطة السجون الصهيونية) تتحكم بكل صغيرة وكبيرة في حياة المعتقلين. وقد تعزّز دور “الشاباص” هذا بعد إضراب 2004، حيث أصبحت إدارة السجون تتحكم بكل شيء. وصدر منذ ذلك الحين قرار من وزارة الداخلية الصهيونية يقضي بالتعامل مع المعتقلين كـ”إرهابيين”، حسب النعت، وليس بوصفهم أسرى، وإلغاء تمثيل المعتقلين وجعل كل واحد منهم يمثل نفسه، فضلاً عن التضييق في كل شؤون الحياة، وعدم السماح بأي مظهر لحياة سياسية بين المعتقلين.

وعن سجن “مجدو”؛ فإنّ حدايده يعتبره عيِّنة من كافة سجون الاحتلال، حيث كل أساليب العقوبات تمارس فيه، ومن هذه الأساليب التي تستخدم كعقوبة للمعتقلين: العزل، والغرامة المالية، والضرب، والتعرية خلال التفتيش، والاحتجاز في الزنازين، وعزل الأقسام عن بعضها، وسحب الأدوات الكهربائية من الغرف، وسحب أدوات الطبخ، والحرمان من الفضائيات والإذاعات، والامتناع عن إعطاء المستحقات للمعتقلين مثل: معجون الأسنان، وأدوات الحلاقة، ومساحيق الغسيل، والسجائر للمدخنين. كما يلحق بذلك منع “السجناء الأمنيين” من استلام المطابخ، وتسليمها لـ”السجناء المدنيين”، ومعظمهم يهود، “فيأتينا الطعام رديئاً ولا يصلح للأكل، مما يضطرّنا إلى عمل طعام خاص بنا من أموالنا”.

ومن أساليب التضييق التي يوردها حدايده؛ تدخّل مخابرات السجن بكل مناحي الحياة للمعتقلين، وحتى في الصلاة، حيث تمنع الصلاة خلال العدد (تعداد الأسرى)، في ما يُمنع خطيب الجمعة من التعرض للسياسة أو إدارة شؤون الحياة في المعتقل، وإذا فعل ذلك؛ فإنه يُعاقب بشدة، ويُعزل لمدة 22 يوماً، إضافة إلى النقل القسري.

“البوسطة” أقسى العقوبات

ومن أشد وسائل العقاب قساوة على السجناء هي “البوسطة”، وهي نقل المعتقلين من سجن إلى آخر كعقوبة، وسياسة قمع، فأي معتقل يحاول تغيير واقع السجن تقوم إدارة السجن بقمعه ونقله إلى سجن آخر أو على الأقل إلى قسم آخر.

ويصف الأسير المحرّر حدايده تلك “البوسطة” بأنها وسيلة عقاب شديدة، وهي قد تستمر 14 ساعة في اليوم داخل الحافلة المعدّة لنقل المعتقلين، حيث يكون المعتقل مُكبّل الأيدي والأرجل، ويُمنع من التكلم، كما يُحرم الأكل والشرب وقضاء الحاجة.

وعنها يضيف حدايده “الحافلة مُعدّة لجعل النقل عذاباً وعقوبة شديدة، فهي عبارة عن مجموعة زنازين، وهي غرف حديدية كاملة، ومكان الجلوس فيها ضيق جداً، وتكون مكتظة بحيث يكون عدد المعتقلين ضعف عدد المقاعد، فهي قاسية على من يُنقل فيها، فكيف من يُعاقَب فيها؟، فالمُعاقََب بالنقل يُحمل من أول الرحلة صباحاً، وتمرّ الحافلة بكل السجون ويُترك المعاقب إلى آخر الرحلة، ويمكن أن يتكرّر هذا الحال عدة مرات في الأسبوع”.

الأسرى عنوان الوحدة

وبشـم الوحدة الوطنية داخل سجون الاحتلال ومدى التماسك بين الأسرى؛ يقول حدايده إنّ ما يحدث في الخارج من خلافات سياسية وإشكاليات بين الفصائل يشد المعتقلين بقوة، ولكي لا تكون هناك ردود أفعال سلبية؛ فقد توافق المعتقلون من كل الفصائل على أنّ “ما في الداخل في الداخل، وما في الخارج في الخارج، ففي السجون لا مجال للاختلاف، فإدارة السجون لا ترحم اختلافنا وتقمع الجميع”.

تفاؤل حول صفقة التبادل

أما فيما يدور من حديث حول صفقة مرتقبة لإطلاق سراح معتقلين مقابل الجندي الصهيوني الأسير جلعاد شاليط؛ فيقول حدايده إنّ هناك تحليلات واسعة حول هذا الموضوع بين الأسرى، والتفاؤل موجود ويتفاوت من فئة إلى أخرى حسب مدة الاعتقال، “فقدامى المعتقلين هم الأكثر تفاؤلاً، أما من هم أقل حكماً فهم أقل تفاؤلا، رغم أنها بارقة الأمل الوحيدة لكل سجين، والذي يجعلهم أقلّ تفاؤلاً هو العدد الكبير للسجناء الذي يقارب الأحد عشر ألفاً، والحديث يدور عن ألف معتقل أو ما يزيد سيُشملون في الصفقة إن تمت إن شاء الله”.

ويستذكر حدايده عمليتي تبادل أسرى جرت وهو داخل السجون الصهيونية، الأولى في عام 1983 والثانية في عام 1985، وقد أُطلق آنذاك سراح المئات من الأسرى مقابل جنود صهاينة.

الأسرى يرفضون التنازل عن الثوابت

وينقل حدايده موقف الأسرى “المُجمَع عليه”، بأنّ تشكيل حكومة الوحدة الوطنية “لا يعني بأي حال التنازل عن الثوابت، وأن تصبح قضيتنا هي فقط الرواتب والأكل والشرب رغم أهميتها”.

وأضاف الأسير الفلسطيني المخضرم أنّ “الأسرى يدركون مدى الضغط الغربي والأمريكي ومن حلفائهم لإفشال الحكومة الفلسطينية، باعتبارها نموذجاً للإسلاميين في الحكم، وأنّ نجاحها يعطي آمالاً لكل الإسلاميين في العالم، وبالتالي دعم الحكومة وثباتها على مواقفها الوطنية هو فشل لكل من يفرض الحصار ويحاول إفشال الحكومة”، وقال إنّ “على الجميع دعم تشكيل حكومة تتمسك بالثوابت التي هي ثوابت كل الشعب الفلسطيني”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات