الجمعة 31/مايو/2024

زهور بيت حانون تحيي أفراح فيينا .. والذكرى لا تذبل أبداً

زهور بيت حانون تحيي أفراح فيينا .. والذكرى لا تذبل أبداً

كيف يمكن للمرء أن يحتفل في ظلال المجازر؟ كان هذا هو السؤال الذي انشغلت به الأم مزينة يازجي إثر وقوع مجزرة بيت حانون المروعة، في قطاع غزة.

فالأم النمساوية المسلمة من أصل تركي، كانت قد هيّأت كل الأسباب اللازمة لإنجاح حفل زفاف نجلها آدم، البالغ من العمر سبعة عشر عاماً، والذي استعدّ لتشكيل أسرته مع شريكة عمره المقبلة الفتاة خديجة أوكتاي. القاعة الكبرى في فيينا تهيّأت للفرح، والمدعوّون تلقّوا الدعوات منذ مدة، وآخر التفاصيل تمّ إنجازها بما يضمن أمسية سعيدة واحتفالية مبهجة، باستثناء السؤال الاعتراضي الكبير الذي رسمته دماء بيت حانون.

لم يَبقَ ذلك السؤال معلقاً في ذهن مزينة يازجي، فعجلة الحياة لا يمكن أن تتوقف مع اندفاع عربات الاحتلال الصهيوني في البلدات والمخيمات الفلسطينية، بل ما نحتاجه هو أن نحوِّل أيامنا وأفراحنا إلى حالة تضامنية مع الشعب الفلسطيني، كما هو لسان حالها.

فحتى أيام الزفاف ومواسم الأفراح، وإن كانت في فيينا؛ ينبغي هي الأخرى أن تتحوّل إلى مناسبة للتفاعل مع فلسطين وملامسة قضيتها العادلة والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني.

ومع حلول الأمسية المخصصة لزفاف الشاب آدم على الفتاة خديجة، وكلاهما من مواليد النمسا، أي من الجيل المسلم الثاني في هذا البلد الواقع في قلب أوروبا؛ أخذ نحو ألفيْ مدعوّ يجدون أماكنهم في قاعة الاحتفالات الرحبة ليشاركوا أسرتي يازجي وأوكتاي أفراحهما. وانطلق البرنامج الاحتفالي الذي استأثرت “أم العريس” بذروته، وخصصته لبيت حانون.

فذكرى المجزرة الدامية ما زالت عالقة في أذهان الجميع، ولا ينبغي للدماء البريئة أن تنمحي من الذاكرة. وإن كنا عاجزين على أن نستذكر أطفال هذه البلدة الفلسطينية المنكوبة وأمهاتها في يوم كهذا؛ فلن نكون جسداً واحداً كما وصفنا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، كما تحدثت الأم.

الأم ذاتها أدركت أنّ ما يتطلّبه الأمر هو مبادرة لبقة تتماشى مع الجوّ الاحتفالي، وتعبِّر بعمق عن التضامن الجماعي مع البلدة الواقعة في شمالي قطاع غزة.

أحضرت مزينة يازجي كمية ضخمة من الزهور، وأعلنت للحضور المحتشد أنّ هذه الزهور معروضة للبيع وسيكون ريعها مخصصاً لصالح الأسر الفلسطينية المنكوبة في بيت حانون، جاعلة الإقبال على الزهور مؤشراً على المشاركة في إحياء الزفاف البهيج.

وبمبادرة جريئة؛ افتتحت والدة العريس البيع الخيري، واستبق العروسان المشترين كافة، ولحقت بهما والدة العروس، ثم ذوو القربي، إلى أن حمل الجمهور ورود بيت حانون الحمراء القانية، التي ربما اختيرت عن قصد لتواكب الموسم الفلسطيني المغموس بالدماء الزكية.

البرنامج الاحتفالي تتابع بانسجام لافت، وكان مفعماً بالتواصل مع فلسطين وضحايا المجازر المروِّعة التي تجد أصداءها في أماكن متباعدة.

ثلاثة آلاف يورو، هي حصيلة البيع الخيري الذي لم يستغرق سوى لحظات، فزهور بيت حانون نفذت عن آخرها، وتم تسليم المبلغ مباشرة لرابطة فلسطين الخيرية، التي دُعيت إلى حفل الزفاف بإلحاح من جانب مزينة يازجي وأسرة العروسين، لسبب سرعان ما تبيّن كنهه.

وبهذه الحصيلة ترتفع إيرادات الجمع الخيري في فيينا لصالح بيت حانون في نهاية أسبوع واحدة، إلى عشرين ألف يورو، كما أوضح المهندس هاني إبراهيم، الذي يدير رابطة فلسطين الخيرية، والذي حضر بنفسه الزفاف الحافل وشاهد الإقبال الواسع على الورود النضرة.

ربما تكون زهور بيت حانون التي توزعت في بيوت فيينا قد ذبلت في غضون ذلك، بعد انقضاء العمر الافتراضي لها؛ إلاّ أنّ الذكرى لا تذبل أبداً، وما يؤججها هي قوة الحق وعدالة القضية وبلاغة المجزرة، حسب ما يستذكر الجميع.

أما مزينة يازجي، فهي تفكر منذ الآن في الفعالية التضامنية المقبلة مع أطفال فلسطين، والتي ينبغي أن تكون باهرة أيضاً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان في غارة للاحتلال على جنوب لبنان

شهيدان في غارة للاحتلال على جنوب لبنان

بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شخصان، وأصيب آخر بجروح، في غارة شنها الطيران الحربي للاحتلال الإسرائيلي مساء الخميس، على بلدة حولا جنوبي...