الإثنين 13/مايو/2024

نزيف بيت حانون.. الخنساوات تعود بشخوص فلسطينية

أ. عماد الحديدي

 

تأبى خنساوات فلسطين إلا وأن تحتفظ بالصدارة وتقدم أروع الأمثلة وأبدع النماذج الخارقة في فن المقاومة ومقارعة الاحتلال فمن الدعم اللوجستي كنقل الأخبار والمعدات وكشف الطرقات إلى إسعاف الجرحى ومداواتهم والسهر على راحتهم إلى العمليات النوعية في ساحات النضال والجهاد فتجدهن يقاومن بالأيدي وبالسلاح الأبيض والناري والعمليات الإستشهادية إلى تخريج المجاهدين والاستشهاديين .
 
فالتاريخ حافل لنساء فلسطين والذاكرة لا تتسع لتخزين المواقف والشواهد إلى تسطرهن بالدم والدمع كيف ولا وهن يقفن جنباً إلى جنب مع الرجل في المقاومة والدفاع عن الوطن ، فهذه الشهيدة حلوة زيدان التي فضلت البقاء في أرضها وبلدها على مغادرة قريتها دير ياسين عام 1948 ودافعت مع زوجها حتى استشهد ثم دفعت ابنها ليكمل ما بدأه أبوه ثم استشهد لم تجد المناضلة إلا نفسها فحملت السلاح وخاضت المعركة بكل مراوغة وبأس ولم يُسقطها إلا رصاص الغادرين الذي استقر في جسدها والمعلمة حياة البلبيسي التي أفنت زهرة عمرها في مجزرة دير ياسين وهي تتنقل من مكان لآخر تداوى الجرحى حتى سقطت شهيدة . وجاء الانتقام لهذه المجزرة في 1978 على يد الشهيدة دلال المغربي قائدة فرقة دير ياسين عبر عملية إنزال على الشاطئ الفلسطيني ونجحت في الوصول إلى الشارع العام المتجه نحو تل الزهور(تل أبيب) وقامت بالاستيلاء على باص صهيوني بجميع ركابه من الجنود واحتجزتهم كرهائن وأخذت تطلق النيران مع فرقتها على جميع السيارات التي تمر بالقرب من الباص وبعد مطاردة طويلة استخدم بها العدو الدبابات والطائرات بقيادة الإرهابي ايهود براك تم توقيف الباص وتعطيله ودارت حرب حقيقية فجرت خلالها دلال الباص بركابه فقتلوا جميعهم وعندما فرغت الذخيرة من دلال وفرقتها أمر باراك بحصد الجميع بالرشاشات فاستشهد من بقي من أعضاء الفرقة على الفور وقام الحاقد الصهيوني باراك بالتمثيل بجثمان الشهيدة دلال.
وتدخل العمليات الاستشهادية تفكير الفتاة والمرأة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة 48م فكانت الشهيدة الحية عطاف عليان 1987م من أوائل من بادرت بعملية استشهادية بسيارة ملغومة في القدس إلا أن العملية لم تكلل بالنجاح فاعتقلت وحكمت 15 عاماً قضت منها (10) سنوات .
 
وظل حلم الاستشهاد للفتيات يراود الكثيرات منهن إلا أن قامت وفاء ادريس بتدشين هذا الموكب البهي خلال انتفاضة الأقصى 2002م ثم أعقبتها دارين أبو عيشة عام 2002م وهنكذا تنافست الفتيات ولمع في سماء فلسطين بريقهن آيات الأخرس ، عندليب طقاطقة ، هبة دراغمة ، هنادي جرادات وريم الرياشي ، ولم تنجو المرأة الفلسطينية من الاعتقال والتعذيب والتحقيق فهذه أحلام التميمي الأسيرة القسامية تقضي حكماً بالسجن المؤبد 15 مرة بتهمة نقلها الاستشهادي عز الدين المصري منفذ عملية مطعم سبارو 2001م والتي قتل خلالها ما يزيد عن 19 صهيونياً والمرأة الفلسطينية ما زالت تعطي المثل الأعلى في إعداد الاستشهاديين والمجاهدين ففي سابقة إعلامية فريدة هزت مشاعر العالم بأسره حين ظهرت أم نضال فرحات وهي تحتضن ولدها الفتى محمد فرحات 17 سنة وتودعه للقيام بعملية استشهادية وتوصيته أثخن الجراح بالعدو وقاتل حتى آخر رصاصة فأكرمه الله بقتل 7 من الصهاينة وجرح آخرين ولم يكن هذا الأمر غريباً على أم نضال فهي من ساعدت المجاهدين في حفر الخنادق والملاجئ بل أول ملجأ ومأوى كان على يديها للشهيد عماد عقل قاد القسام عام 1993م الذي كان يدير منه غرفة العمليات العامة لكتائب القسام في تلك الفترة و بسنتها الحسنة اقتدت بها أخريات أمثال أم الشهيد القسامي محمود العابد وأم الشهيد ابن سرايا القدس محمود صالح ، وفي خطوة غير مسبوقة لنساء فلسطين لبّين صوت الجهاد الصادح ، من مآذن مساجد بيت حانون وشمال القطاع بدعوتهن لتخليص المجاهدين المحتجزين في مسجد النصر ، وينطلقن دون أدنى تفكير بحياتهن أو مستقبلهن أو ما ينتظرهن من قتل أو إصابة فتخرج النساء من كل فج عميق يهللن ويكبرن بقيادة عضو المجلس البلدي في بيت حانون الشهيدة ابتسام أبو ندى (مسعود) ليقدمن نموذجاً وأسلوباً آخر في فن الجهاد والمقاومة فيقتحمهن الدبابات ويتحدين الرصاص الذي أثخن الجراح فيهن فسقطت شهيدتين وأصيبت أخريات بجراح خطيرة وبترت الأطراف السفلى لثلاثة منهن ومع ذلك لم يتراجعن وأصررن على تحقيق هدفهن وهجمن على مسجد النصر حيث يحتجز به العشرات من المجاهدين واستطعن كسر الحصار وتحرير المحتجزين .

هذه بعض النماذج الحية التي قدمتها وتقدمها المرأة الفلسطينية والتي تطورت وتتطور يوماً بعد يوم لتبقى المرأة الفلسطينية علماً يهتدى بها في كل الميادين ولتكون قدوة للشعوب التي ترزخ تحت الاحتلال .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام اندلعت مساء اليوم الاحد، مواجهات بين المواطنين والمستوطنين وقوات الاحتلال في بلدة قصرة جنوب شرق نابلس....