الخميس 09/مايو/2024

حرائر فلسطين وخنساواتها يواجهن رصاص الاحتلال بأجسادهن الطاهرة

حرائر فلسطين وخنساواتها يواجهن رصاص الاحتلال بأجسادهن الطاهرة

بعزيمة الخنساء وصبرها وثباتها على الحق، خرجت المئات من نساء فلسطين، من المقيمات شمال قطاع غزة، في مسيرة حاشدة إلى بلدة بيت حانون، يواجهن بأجسادهن رصاص المحتل الغادر.. كانت أصواتهن الرقيقة تهتف بالتكبير، وتلهج بالدعاء أن ينصر الله المجاهدين ويحميهم.. لم تفلح مكبرات الصوت لدى المحتل في إخماد أصواتهن، ولا أفلح رصاصه ودباباته في ردهن على أدبارهن.

فمع طلوع أول بشائر الصباح طلعت خنساوات فلسطين من بيوتهن، ينصرن بأجسادهن إخوانهن المحاصرين من قبل قوات المحتل الغاشم. حاول المحتل عبثا أن يثنيهن ويردهن عما أردن تحقيقه: فك الحصار عن المحاصرين.. أطلق الرصاص غزيرا.. سال الدم من سيدات فلسطين وصباياها.. سقط منهن ثلاث شهيدات وكثير من الجريحات، لكن إصرارهن كان أكبر من رصاص المحتل الغادر، وأكبر من الآلام التي ترافق الجراح وتمزيق الأجساد بالرصاص.

فـ”بعد توارد الأخبار عن حصار عدد من المجاهدين في مسجد النصر؛ كنا نعدّ الثواني طوال الليل، وما إن صلينا الفجر، وأشرقت الشمس؛ حتى وجدتُ مئات النساء من محافظة شمال غزة بانتظاري، وخرجنا جميعاً في مسيرة حاشدة صوب بيت حانون”.. هكذا قالت إحدى الخنساوات العظيمات، وهي السيدة جميلة الشنطي، النائب بالمجلس التشريعي الفلسطيني، ممن أعطين للعمل النيابي معنى جديدا لم يعرفه من قبل.. معنى تمثيل الفلسطينيين والفلسطينيات في جميع ساحات الشرف والإباء، بما فيها ساحة المواجهة مع جيش العدوان والاحتلال.

فتحت قيادتها خرجت الحرائر والصبايا العظيمات “الصامدات في جباليا وبيت حانون والمشروع.. كلهن خرجن مستنفرات قابضات على الجمر، يبتغين نصرة إخوانهن وأبنائهن، وإنقاذ المُحاصَرين، وسرنا إلى بيت حانون”. وكان شعار المسيرة النسوية التي خرجت لإنقاذ بيت حانون “الله أكبر .. قادمون يا بيت حانون”.

وبصبر ويقين كيقين الرعيل الأول من المسلمين، تروي أم عيسى في شموخ وإباء المشهد العظيم بلسانها.. “سمعنا أنباء الحصار.. تسلحنا بلا إله إلا الله، وبالصلاة على النبي محمد، وخرجنا إلى بيت حانون.. لقد استذكرنا أمهات المؤمنين عائشة وخديجة ونحن نسير نحو جيش الاحتلال.. كنا على يقين أن الله معنا ولن يتركنا”.

أما أم أياد فتقول واصفة ما حدث “جئنا لنصرة إخواننا المحاصرين من المجاهدين والمقاومين والمرابطين، نقول كلمة الحقن ونكبر في وجه الغزاة الصهاينة”.. وتضيف “لن نستسلم ولن نساوم ولن نركع ولن نرفع الراية البيضاء أمام المحتل”. وبعد الإعذار إلى ربها، ولمواجهة المحتل بسلاحه، تدعو أم أياد “نساء العالم وخاصة الدول العربية والإسلامية إلى إرسال السلاح كي نقاتل الأعداء ونطردهم من أرضنا”، فهل تستجيب النساء بعد أن عجز الرجال عن نصرة فلسطين وحرائرها الصامدات، في ظل سيطرة البغي والطغيان على المشهد الدولي؟

لكن النائب الشنطي فتتساءل عن السلاح القريب، الذي لا يكاد يستخدم إلا في توتير الساحة الفلسطينية الداخلية، ذلك السلاح الذي لا يراه الناس إلا موجها إلي صدور الأقربين، إذ تقول بشيء من الشك والحيرة: “أين أصحاب البنادق التي خرجت تطلق النار على مقر المجلس التشريعي، وأحرقت (مقر) رئاسة الوزراء في رام الله، وهاجمت الممتلكات العامة والخاصة، واعتدت على مؤسسات الحركة الإسلامية؟، أين هي؟ ما الذي أخرسها؟!.. أليس هذا هو المكان المفترض أن تقاوم فيه، وتشحذ سلاحها للغاصبين المعتدين، أم إن لها أجندة أخرى؟!”.. هكذا تتساءل بحسرة، وهي ترى الدماء تسيل غزيرة من أخواتها الصابرات..

 

جيش العصابات يسترجع سيرته الأولى

وكما عرّت ثورة نساء فلسطين رصاص الفلتان الأمني، الذي لا يرى هدفا له سوى صدور الفلسطينيين العارية، ولا ينشد من غاية سوى إسقاط الحكومة المنتخبة، عرّت ثورة النساء الاحتلال وجيشه الهمجي.. فالجيش الذي يطلق الرصاص بغزارة على نساء متظارهات، ليس لديهن صوى أصواتهن وقلوب من نور، ليس جيشا جديرا بهذا الاسم.. إنه جيش تكون من رجال عصابات، وإلى سيرته الأولى يعود.

ومثلما أطلق جيش العدوان النار على خنساوات فلسطين، لم تسلم منه المساجد، وأماكن العبادة. فمسجد النصر في بيت حانون لم يسلم من جيش العدوان، إذ دكته الصواريخ وقذائف الدبابات. وليس هذا جديدا على جيش الاحتلال، فقد شهدت فلسطين منذ إقامة الكيان الغاصب هدما كثيرا للمساجد والكنائس وبيوت العبادة.

وكما لم تسلم المساجد من العدوان، لم تسلم المستشفيات أيضا، مثلما لم يسلم رجال الإسعاف وسياراتهم. وعلى الرغم من أن ذلك يخالف جميع القوانين الدولية، فقد صب جيش الاحتلال وابلا من رصاصه على رجال الإسعاف وسياراتهم، الأمر الذي جعل العديد من الجرحى ينزفون لساعات طويلة، وهم ما ساهم في رفع عدد الشهداء.

الذين يطالبون الحكومة الفلسطينية المنتخبة بالاعتراف بالكيان الصهيوني يشعرون بالحرج، وهم يرون الكيان الذي يطالبون بالاعتراف به يلغ في دماء الفلسطينيين من دون أن يرتوي أو يشبع. لكنهم سيعودون بمجرد أن تجف الدماء، وتغيب قليلا عن الأنوف روائح البارود والرصاص والصواريخ، للمطالبة بالاعتراف بهذا “الحمل الوديع”، ويجرّمون “حماس” لأنها تنكر عليه حقه في الاحتلال والقتل والتدمير والطغيان..

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات