وقف إضراب معلمي التوجيهي يعيد التفاؤل والأمل إلى الشارع الفلسطيني

أعاد قرار القيادة الموحدة للإضراب الحكومي، الذي أعلن عنه رئيسها جميل شحادة في رام الله أول أمس، والقاضي باستئناف المعلمين المضربين تعليمهم لطلبة الثانوية العامة، أجواء التفاؤل والأمل إلى الشارع الفلسطيني ومؤسسات المجتمع المدني، وقادة الرأي فيه من مختلف التوجهات الفكرية والاجتماعية.

وتركزت ردود الأفعال، التي عاشها الشارع، على ثلاثة محاور، أولها تأييد الخطوة وتثمين موقف قيادة الإضراب باعتباره “تطوراً إيجابياً يعبر عن روح مسؤولة”، وثانيها المطالبة بتطوير هذه الخطوة وتوسيعها “لإنقاذ ملامح العملية التربوية الفلسطينية”، خاصة فيما يتعلق بطلبة الصف الأول الأساسي، والثالثة دعوة الحكومة الفلسطينية ومختلف المستويات المسؤولة في السلطة الفلسطينية للعمل العاجل والسريع لتلبية مطالب المعلمين.

الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين التي نشطت في الفترة الأخيرة مع حركة الجهاد الإسلامي في تقديم المبادرات التي تصب في جهود إعادة الانسجام للساحة؛ اعتبرت استئناف معلمي التوجيهي المضربين لدوامهم “قراراً حكيماً”.

وقال القيادي فيها زاهر الششتري إنّ الجبهة ترحب بأي قرار يتم اتخاذه لتفادي المردودات السلبية للإضراب، خاصة وأنّ المصلحة الوطنية العليا باتت تقتضي الآن التوقف عن الإضراب المفتوح الذي شل الحياة التعليمية.

من جانبه؛ عبّر المهندس عدلي يعيش رئيس بلدية نابلس، عن ارتياحه للقرار، ووصفه كذلك بالقرار المسؤول وأضاف أنّ “التعليم هو رأس مالنا وليس لدينا أي ثروة قومية نراهن عليها غير عقول أبنائنا وتعليمهم، والواقع يقتضي أن نحمي ثروتنا القومية هذه”.

واتفق يعيش مع الششتري في الموقف القائل إنّ التوقف عن الإضراب أصبح ضرورة وطنية ملحة لإنقاذ المستقبل الفلسطيني من الضياع، وقال إنّ “الإضراب حق نقابي؛ لكن أبناءنا وطلبتنا أيضاً لهم الحق في حماية مستقبلهم من خلال التعليم”.

ودعت عدة شخصيات وطنية وإسلامية في محافظة نابلس إلى تطوير موقف القيادة الموحدة للإضراب وتوسيعه، لإنقاذ الواقع التعليمي في فلسطين؛ فقد قال الدكتور أيمن دراغمة النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني عن كتلة “التغيير والإصلاح”، إنّ تحريك الحياة التعليمية في فلسطين يعني التحرك باتجاه المستقبل.

وأضاف دراغمة أنّ “الكل يدرك صعوبة الواقع الذي نحياه اليوم، لكنّ القرار الأخير أثبت أنّ قوى شعبنا وفعالياته تتحلى بروح المسؤولية”.

واعتبر النائب دراغمة أنّ تطوير الخطوة الحالية كفيلة بتجاوز الزمن الذي تعطلت فيه الدراسة، معبراً عن ثقة المجلس التشريعي الفلسطيني بقدرات المعلمين، قائلاً “معلمونا شريحة خلاقة ومبدعة، وقد اعتدنا منها على تحدي كل الصعاب”، معيداً إلى الأذهان أنّ “التاريخ مع الاحتلال وممارساته أثبت قدرة معلمينا على تحدي كافة المصاعب والمتاعب لتمكين الطلبة من التعلم وهو الضامن الوحيد لتقدم شعبنا وتطويره”.

وقد أكدت مختلف القوى دعمها للمعلم الفلسطيني، فقد قال الششتري مثلاً إنّ الجبهة الشعبية تضعه نصب عينيها، وهي تبادر الآن لتقديم جهودها لإخراج الوضع الفلسطيني من حالة التأزم، ما وصلت إليه أوضاع المعلمين والموظفين عموماً، حسب ما ذكر.

وأضاف متابعاً “كل خطوة وكل تحرك تضع بالحسبان أولوية العمل على إنهاء معاناة هذه الشريحة (المعلمين)، وحل مشاكلها عن طريق إعادة صرف الرواتب، ونحن ندرك أبعاد هذه القضية، لذلك نقدم مبادرات سياسية تفضي ضمن نتائجها إلى حل هذا الموضوع”، كما قال.

وقد ظهرت على الساحة الفلسطينية العديد من مؤشرات التفاعل مع استئناف المعلمين المضربين لتدريس طلبة الثانوية العامة؛ إذ أعلن تلفزيون نابلس المحلي عن تقديم دروس تعليمية وعلمية لطلبة الثانوية العامة في كافة الفروع لتُبثّ عبر شاشاته، وذلك بهدف المساعدة في تعويض ما فات من حصص دراسية، ومساهمة منه في دعم العملية التربوية.

وقالت إدارة التلفزيون أنها قررت إنتاج أكثر من 60 ساعة تعليمية، كمرحلة أولى لطلبة الثانوية العامة، في كافة الفروع الأدبي والعلمي والتجاري والزراعي، ستغطي مواد اللغة الإنجليزية واللغة العربية، ومادة الرياضيات والفيزياء والكيمياء والجغرافيا، مشيرة إلى أنها تتعاون مع مركز العلوم والثقافة في مدينة نابلس، الذي وفّر قاعات التصوير والمدرسين لهذا الغرض.

وأشار التلفزيون إلى أنه بدأ فعلاً، وابتداء من يوم الخميس (2/11)، ببث ساعتين يومياً للطلبة، ابتداء من الساعة الثالثة والنصف بعد الظهر، مساهمة منه في دعم العملية التعليمية في فلسطين، خاصة لطلبة الثانوية العامة والمنهاج الفلسطيني الجديد.