الخميس 09/مايو/2024

الخشية من مشعل: قلق صهيوني من تحرّر القيادة الفلسطينية من نير أوسلو

الخشية من مشعل: قلق صهيوني من تحرّر القيادة الفلسطينية من نير أوسلو

تُولي الجهات الصهيونية الراصدة، عناية خاصة لمتابعة تحركات رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” خالد مشعل، في سياق اهتمام متزايد من تلك الأوساط بمسألة تبلور قيادة الشعب الفلسطيني في هذه المرحلة.

ويأتي هذا الاهتمام في الوقت الذي يتسم فيه أداء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بالفتور والارتكاس إلى مربعات المواقف الأمريكية، كما يقول ناقدوه الكُثُر في الساحة الفلسطينية. فعباس الذي حظي بإعجاب رسمي من إدارة جورج والكر بوش؛ انشغل هذ السنة بمسألة دفع حركة “حماس” والحكومة الفلسطينية المُنتخبة للاعتراف بالكيان الصهيوني أكثر من أية قضية أخرى، فيما يتهمه خصومه بأنه أوْلى قضية الإفراج عن جندي الاحتلال جلعاد شليط اهتماماً فائقاً بما أثار حنق ذوي أحد عشر ألف أسير فلسطيني في السجون الصهيونية.

إعادة التموضع القيادي في الساحة الفلسطينية

الأداء الفاتر لعباس كرّس عملية إخراج ما تبقى من منظمة التحرير، التي يقف على رأسها، إلى الظلّ، لتبقى في هامش الاهتمام وأدنى حضوراً من أن يُلتفت إليها. وفي ظلال عباس يضمر حضور أسماء فلسطينية عدّة لطالما تمتّعت بامتيازات الظهور الإعلامي والحضور على التقاطعات السياسية ومسلسلات التفاوض الماراثوني.

إنها حالة الضمور التي جاءت، حسب بعض المراقبين، وثيقة الصلة بعاملين اثنين؛ هما صعود دور حركة “حماس” في أول فرصة جدية للمنافسة الانتخابية يعرفها الفلسطينيون، وتبنِّي طابور من الوجوه التي احتلت صدارة المشهد الرسمي الفلسطيني، لخطاب سياسي واطئ السقوف لا يجد غضاضة في التماهي مع بعض ثنايا المشروع الأمريكي في المنطقة.

فالوجوه التي ارتبطت بحقبة أوسلو ومشروعها؛ ما زالت عملياً تتمتع بامتيازات تحرّك نادرة عبر الضفة والقطاع، وهي حاضرة في الأساس في أروقة الاتصالات المُتكتّم عليها بشراكة أطراف أمريكية وصهيونية، ووصولاً إلى واشنطن التي تواكب ما يدور باهتمام خاص.

انفلات القرار الفلسطيني من إسار أوسلو إلى حلبة المقاومة

مقابل هؤلاء يبرز دور القيادات المُنتَخبة والتي تحظى بتأييد شعبي واسع، وهي تتوزّع بين فريقين؛ أحدهما قابع خلف قضبان الاحتلال والآخر واقع في نطاق الاستهداف الصهيوني سياسياً أو حتى جسدياً.

ويبرز رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” خالد مشعل، كحالة أساسية ونموذجية في هذا السياق، وهو الذي يصعب على المراقبين حصر التهديدات التي صدرت عن الأوساط الصهيونية المسؤولة باغتياله شخصياً، فضلاً عن عدد المحاولات التي مورست بحقه في هذا الاتجاه بالفعل، وأشهرها تلك التي جرت في عمّان على أيدي عناصر جهاز الاستخبارات الصهيوني “موساد” قبل نحو عقد من الزمان.

القلق الصهيوني من الدور القيادي لخالد مشعل وقيادة “حماس” ككلّ في الساحة الفلسطينية؛ لم يكن خافياً من قبل؛ لكنه أخذ في الأشهر الأخيرة بالبروز المتزايد، فالخشية المتأصلة تتمثل في انفلات القرار الرسمي الفلسطيني من إسار أوسلو إلى حالة مستقلّة وفاعلة في حلبة المقاومة.

ومع إدراك من يسميهم الفلسطينيون إجمالاً بـ”جماعة أوسلو” لهذه الأبعاد؛ فقد حاول بعض “الأوسلويين” في أوقات سابقة تنسيق حملات مضادة لخالد مشعل تحديداً، لكنّ ذلك لم يساهم عملياً سوى في مزيد من الإبراز لدور قيادة المشروع الوطني الفلسطيني في حضورها الجديد، وهو ما برهنت عليه وقائع عدة، ليس آخرها أوسع فعاليات جماهيرية تشهدها الساحة الفلسطينية عبر سلسلة من مهرجانات “الصمود والثبات” في القطاع والضفة، هتف فيها مئات الآلاف تحية لخالد مشعل وقيادة “حماس” في سجون الاحتلال ومواقع الفعل وساحات المنافي، مؤكدين اصطفافهم في خندق مشروع المقاومة.

قطع الطريق على قيادة الشعب

إلاّ أنّ الخيار الذي بقي للمتشبِّثين بمواقع القرار الرسمي الفلسطيني، حسب ما تلاحظ طائفة من المتابعين لما يدور في الساحة؛ يتمثل في سدّ الأبواب والنوافذ أمام أية عملية إصلاح أو إعادة بناء لمنظمة التحرير الفلسطينية، ووضعها في ثلاجة محكمة الإغلاق، رغم كل المطالبات التي برزت في هذا الاتجاه في الساحة الفلسطينية عبر ثلاث سنوات.

وإلى جانب محاولة قطع الطريق على الإصلاحات؛ أخذت النزعة الانقلابية على الشرعية الانتخابية في الضفة والقطاع، تتصاعد في بعض أوساط حركة “فتح”، وسط تحريض على خوض حرب أهلية، في محاولة لقلب الطاولة الفلسطينية سعياً لخلط الأوراق أو “هدم المعبد”، في إشارة إلى مجمل الحالة الفلسطينية وتطلعاتها.

وفي ما تواكب الأوساط الصهيونية عملية إعادة التشكّل المتسارعة في الساحة السياسية الفلسطينية، والتي لا تسير بالمنظور الاستراتيجي والحسابات الكلية؛ كما تشتهي سفن الاحتلال ومشروعاته؛ فإنّ المعلِّق الصهيوني تسفي برئيل، مثلاً، لم يتردّد في أن يكتب في صحيفة “هآرتس” العبرية، محذِّراً من أنّ “مشعل ينجح بالأساس في تحويل نفسه إلى رئيس أعلى لفلسطين، وانتزاع التأثير من محمود عباس والإمساك بخيوط الدبلوماسية العربية”، مؤكداً أنّ رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” ينجح قبل كل ذلك في “توتير أعصاب” الصهاينة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات