الجمعة 10/مايو/2024

معهد صهيوني: فتح تتجه للحرب الأهلية بعد فشل سياسة الحصار

معهد صهيوني: فتح تتجه للحرب الأهلية بعد فشل سياسة الحصار

توصّل معهد صهيوني مختص بالدراسات السياسية والاستراتيجية، إلى استنتاج مفاده أنّ المحاولات الصهيونية الرامية للإطاحة بالحكومة الفلسطينية المنتخبة، عبر تقوية حركة فتح؛ من الممكن أن تسبب تغيرات سياسية استراتيجية، تؤدي بالتالي إلى زيادة مسؤولية حكومة الاحتلال تجاه الفلسطينيين، ولإعادة الاحتلال إلى سابق عهده.

ففي تقرير له؛ توصل “معهد ريئوت” (رؤية) الصهيوني، المختص بوضع تصورات للحكومة الصهيونية، ومقره “تل أبيب”، إلى أنّ السياسة الصهيونية الهادفة إلى تعزيز حركة “فتح” وتقويتها ضد حركة “حماس” ولإسقاط الحكومة الفلسطينية؛ قد تؤدي في نهاية الأمر إلى زيادة المسؤولية الصهيونية تجاه الفلسطينيين، ولإعادة احتلال الضفة والقطاع من جديد.

تقوية فتح وتوجيهها لإسقاط الحكومة

ويشخِّص التقرير كيف أنّه منذ الفوز الانتخابي الكبير الذي حققته حركة “حماس” وتشكيلها للحكومة الفلسطينية؛ والسياسة الأميركية والصهيونية تمارس الضغط على الحكومة المنتخبة، في محاولة لتقوية ما تسميها بالأطراف الفلسطينية المعتدلة، وبخاصة حركة “فتح”، بهدف إسقاط الحكومة الحالية.

وعلى ضوء هدف السياسة الصهيونية الحالية التي يحددها التقرير بـ “الإطاحة بحكومة حماس”؛ فإنّ الضغوط التي تمارسها حكومة الاحتلال وقواتها العسكرية في هذا الاتجاه مورست في مسارين متوازيين. المسار الأول هو ما يصطلح عليه التقرير بـ “سياسة المطالب الثلاثة”. فقد وضعت حكومة الاحتلال ثلاثة شروط لإزالة الحصار الاقتصادي المفروض على الشعب الفلسطيني وحكومته، وهي الاعتراف بالكيان الصهيوني، وإقرار اتفاقات التسوية السياسية المنهارة، ونبذ المقاومة الفلسطينية.

أما المسار الصهيوني الثاني في هذا الاتجاه؛ فيتمثل في الاعتقالات والممارسات العسكرية. فقد قامت سلطات الاحتلال باعتقال وزراء ونواب يمثلون حركة “حماس” في المجلس التشريعي الفلسطيني، إضافة إلى زيادة الضغط العسكري على الحركة في الضفة الغربية وقطاع غزة.

سياسة الحصار لم تنجح .. والأسباب عديدة

ويوضح “معهد ريئوت” أنّ سياسة الحصار المفروضة على الحكومة الفلسطينية المنتخبة التي مارستها حكومة الاحتلال؛ كانت تهدف إلى الضغط اقتصادياً، وسياسياً وشعبياً على حركة “حماس”، لتوافق على الشروط الصهيونية الثلاثة، أو “لتشجع القوى الفلسطينية المعتدلة للعمل على الإطاحة بحكومة حماس”، كما يقول المعهد.

ويتوصل التقرير إلى استنتاج مفاده أنّ هذه السياسة الصهيونية لم يحالفها النجاح لعدد من الأسباب. إذ أنّ “حماس لم تستسلم”، كما يأتي فيه، خاصة وأنّ تجاوباً واضحاً وصريحاً من حركة حماس مع المطالب الصهيونية الثلاثة، “يتناقض مع مبادئ وأفكار الحركة، وبالتالي فإنّ قبولًا من هذا النوع غير وارد”.

وسبب آخر لإخفاق السياسة الصهيونية في هذا المضمار، يتمثل في “عدم توفر وسيلة دستورية لإسقاط حكومة حماس؛ فبما أنّ حركة حماس تمتلك الأغلبية في المجلس التشريعي الفلسطيني؛ فإنّ ما من وسيلة دستورية أو طريقاً ممكنة قد تساعد حركة فتح على تشكيل حكومة بدون دعم حركة حماس. حتى لو فازت حركة فتح في الانتخابات المقبلة، إلا أنها ستبقى غير قادرة على تشكيل تحالف حكومي بدون حركة حماس”، حسب تأكيدات المعهد.

فتح تتوجه للانقلاب العسكري على الحكومة بعد إخفاق الحصار

ويلاحظ واضعو التقرير في هذا السياق، أنه “مع غياب وفقدان الطرق والوسائل الدستورية والسياسية لإسقاط حكومة حماس، يلوح في الأفق إشارات متزايدة تدل على أن قوىً فلسطينية، وحركة فتح بشكل خاص، تسعى لإسقاط حكومة حماس بالوسائل العسكرية”.

وعلاوة على ذلك؛ يرصد التقرير بعض الدلائل والمؤشرات على أنّ الكيان الصهيوني والولايات المتحدة تساعدان وتدعمان حركة فتح في استعداداتها لأي صدام مسلح محتمل مع حركة حماس”.

ويؤكد “معهد ريئوت” أنّ محاولات “فتح” للإطاحة بحكومة حماس تخدم المصالح الصهيونية، فالصدام سيكون مع حكومة “حماس”، وقد تنجح حركة فتح في تحويل السلطة الفلسطينية إلى ما يسميه التقرير “المعسكر المناهض للإرهاب” في إشارة إلى المقاومة الفلسطينية، وربما إلى شريك في العملية السياسية. ولكن ربما يكون لهذه السياسة الصهيونية الهادفة إلى تقوية حركة فتح نتائج أخرى، وبالتالي فإنها سياسة ذات حدين، حسب التقرير ذاته.

سياسة ذات حدين

ويشرح المعهد كون هذه السياسة ذات حدين؛ بأنّ حركة فتح لن تستطيع تحقيق انتصار حاسم، إذ “لن تمكن حركة فتح من تحقيق نصر عسكري حاسم على حركة حماس. فعلى أبعد تقدير ستقع اشتباكات ومناوشات قد تؤدي في نهاية الأمر إلى نشوب حرب أهلية”، ويلحق بذلك النمو المضطرد لقوة حركة حماس في قطاع غزة، حسب التقرير.

ويرصد التقرير تعالي أصوات الفلسطينيين المنادية بحل السلطة الفلسطينية، ويقول “إنّ حرباً أهلية قد تكون القشة التي ستؤدي إلى حدوث ذلك”.

وبالمقابل؛ فإنه وفقاً للقانون الدولي؛ فإنّ “الضفة الغربية تُعتبر تحت الاحتلال (…)، وبالتالي فإنّ مسؤولية قانونية” تقع على عاتق الكيان الصهيوني، منها تأمين الخدمات الأساسية للمواطنين والسكان المحليين، في حين أنّ الخدمات التي يقدمها المجتمع الدولي للسلطة الفلسطينية، قد خففت من المسؤولية الصهيونية تجاه السكان المقيمين في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ويتابع التقرير “إلاّ أنّ حرباً أهلية قد تدفع بالمجتمع الدولي إلى الهرب من مسؤولياته، كما قد يؤدي ذلك إلى إضعاف سيطرة وفعالية السلطة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية إلى درجة التفكك. مما قد يؤدي ذلك إلى إعادة سلطة ومسؤولية” الاحتلال على سكان الضفة الغربية وقطاع غزة.

محاذير التعويل الصهيوني على فتح

ويحذر التقرير من خطورة التعويل الصهيوني والأمريكي على حركة فتح، بالنظر إلى عدم تماسكها وتفاقم الأزمات الداخلية فيها، إذ “تعاني حركة فتح من انقسامات حادة وأزمات داخلية عميقة. لذا فإنّ حركة فتح لا تبدو ولا تشكل بديلاً حقيقياً لحكومة حماس”. إضافة إلى ذلك؛ فإنّ نهوض حركة فتح واستلامها السلطة من خلال الدعم الصهيوني، سيحرمها الشرعية المطلوبة لتكون بديلا حقيقياً بالنسبة للكيان الصهيوني، وفق تقديرات المعهد.

ويرجح التقرير أنّ تحرّر حركة “حماس” من المسؤوليات الحكومية سيترك أثره على توسيع النشاط الميداني للحركة في مقاومة الاحتلال.

والخلاصة التي يتوصل إليها هذا التقرير؛ أنّ السياسة التي تهدف إلى تقوية حركة فتح وتعزيزها لمواجهة حركة حماس؛ قد تؤدي إلى تغيرات إستراتيجية في الوضع القائم، وبالتالي إلى حل السلطة الفلسطينية وإعادة السيطرة الصهيونية الشاملة على الضفة الغربية وقطاع غزة لتصبح تحت المسؤولية الصهيونية. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات