الجمعة 10/مايو/2024

رايس تحمل في جعبتها انقلاب على الديموقراطية وتعزيز للطائفية

د. يوسف كامل  إبراهيم

  

فشل الأجندة الأمريكية:

من المقرر أن تبدأ وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليسا رايس زيارتها للمنطقة العربية تستهلها بزيارة المملكة العربية السعودية حيث تلتقي الملك السعودي    في إطار جولة تشمل فيها زيارة العديد من الدول العربية ودولة الكيان الصهيوني ، فمرة أخرى تعود وزيرة الخارجية الأمريكية إلى المنطقة العربية بعد تعثر جميع المبادرات والمشاريع التي أطلقتها الولايات المتحدة الأمريكية لإيجاد حالة من الاستقرار في المنطقة العربية للغطاء على الأهداف الحقيقية التي تسعى لها أمريكا وهي مزيدا من الهيمنة والسيطرة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وربط المنطقة جميعها بالمصالح الأمريكية، فمن مبادرة خارطة الطريق التي كان يراد من تطبيقها إنهاء الملف الفلسطيني من خلال الرؤية الأمنية وإبقاء الهيمنة الإسرائيلية السياسية والأمنية والاقتصادية قائمة على المنطقة من خلال الملف الفلسطيني، إلى مشروع دمقرطة الشرق الأوسط والذي كان يسعى إلى تقوية الجهات المرتبطة بأمريكا من خلال ما يعرف بنشر وتعميم الديموقراطية بالطريقة والأسلوب الأمريكي وإن لم تتفق النتائج مع ما تريد أمريكا فإنه يتم الانقلاب على هذه الديموقراطية ، وهذا ما حصل مع الديموقراطية على الساحة الفلسطينية ،حيث أفرزت نتائج الانتخابات التي جرت على الساحة الفلسطينية فوز حركة حماس بأغلبية مقاعد المجلس التشريعي ،فلم تعجب هذه النتائج أمريكا على أنها أشرفت وبشكل مباشر على هذه الانتخابات من خلال الوفود والطواقم الأمريكية التي شاركت في الأشراف والرقابة على العملية الانتخابية وتمثل ذلك بشخصية الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر وكذلك عدد كبير من المراقبين الأوربيين، وتأتي هذه الزيارة بعد الخسارة التي تلقتها إسرائيل في حربها الأخيرة على لبنان والاهتزاز الإستراتيجي الذي حصل قوة الردع الإسرائيلية مما أعاد النظر في ميزان القوى في المنطقة من جديد، تأتي هذه الزيارة في ظل أعمال المقاومة المتصاعدة ضد القوات الأمريكية على الساحة العراقية والأفغانية.

رايس والانقلاب على الديموقراطية:

تأتي زيارة رايس وهي تحمل في جعبتها مرة أخرى انقلاب والتفاف على الديموقراطية الفلسطينية لأنها لم تكن على المقاس الأمريكي ولم تكن النتائج بما كانت تتمناه أمريكا، ولم تحصل أمريكا من حماس ما كانت ترغب فيه من أمريكا بأن ترتمي حماس في أحضان السياسية الأمريكية وأن تسير حماس وفق الأجندة الأمريكية ، فكان أن عوقب الشعب الفلسطيني على خيارة الديموقراطي بالحصار السياسي والاقتصادي.

زيارة وزيرة الخارجية الأمريكية كوندليسا رايس تأتي لعرض خطة أمريكية جديدة تتضمن خطوات عملية تهدف إلى الانقلاب والالتفاف على الخيار الديموقراطي الفلسطيني لأنه لم يأتي على المقاس الأمريكي، فقد كشف موقع معاريف” الالكتروني أن الإدارة الأمريكية ستطالب إسرائيل بخطوات محددة تهدف إلى تعزيز موقف الرئيس الفلسطيني وإضعاف حكومة حماس عن طريق اتخاذ خطوات خلاقة حسب وصف المصدر السياسي الإسرائيلي من ضمنها تحويل الأموال إلى خزينة السلطة الفلسطينية عن طريق مكتب الرئاسة الفلسطينية حتى لا يحسب تحسين الوضع الاقتصادي الفلسطيني لمصلحة الحكومة الفلسطينية التي شكلتها حماس بعد فوزها في الانتخابات التشريعية الأخيرة.

رايس لا تحمل حل للقضية الفلسطينية:

على الرغم من كل ما يسود المنطقة من غليان على السياسية الأمريكية في المنطقة العربية، وعلى الرغم من أن أمريكا تعلم أن القضية الفلسطينية هي مفتاح الحرب والسلم في المنطقة إلا أنها تصر على التعامي وعلى عدم الاعتراف بالصحيح والسير في خطوات حقيقية نحو إعطاء الشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره في إقامة دولته المستقلة ولو في حدها الأدنى على الأراضي التي احتلت عام 1967، فمرة أخرى تستخدم الولايات المتحدة الأمريكية المسكنات السياسة التي تتمثل في مبادرات سياسية هزيلة وكاذبة دون النظر في إيجاد حل فعلي وعملي للقضية الفلسطينية ، فقد كشف موقع معاريف” الالكتروني أن الإدارة الأمريكية تنوي التركيز على خطوات مرحلية ومؤقته متلافية الخوض في حل دائم لمشكلة الشرق الأوسط .

رايس وتعزيز للطائفية:

المتفحص والناظر للمنطقة العربية يرى أن أمريكا تسعى جاهده ومنذ فترة طويلة إلى تعزيز الطائفية والانقسامات داخل المنطقة العربية ، فالساحة العراقية تشهد تعزيز للطائفية وصل الحد بها إلى طرح كيانات سياسية على أساس طائفي ،وانتقل الأمر في السجال السياسي القائم على الساحة اللبنانية بين الطوائف والكتل السياسية إلى الحديث إمكانية إقامة كيانات سياسية على أساس طائفي ، وما مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي كشف النقاب عنه الجنرال الأمريكي رلوف بيترز الا محاولة مكشوفة للرؤية الأمريكية للمنطقة، ويبدو أن زيارة رايس هي أول الخطوات لاستكشاف المنطقة ومدى إمكانية البدء بتطبيق مشروع الشرق الأوسط الكبير،فالاستراتيجية الأمريكية ـ الإسرائيلية الجديدة تريد تقسيم المنطقة العربية بشكل خاص، والعالم الإسلامي بشكل عام علي أساس طائفي، أي معسكر سني في مواجهة معسكر شيعي ،  وسني مقابل كردي ، وسني مقابل مسيحي ، وهكذا وبهذه الطريقة يمكن نقل الصراع على الساحة العراقية واللبنانية إلي مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي، فوزيرة الخارجية الأمريكية تسعى في زيارتها هذه إلى إحياء التحالف الأمريكي العربي وخاصة تلك الدول التي وقفت إلى جانب أمريكا بعد غزو القوات العراقية للكويت في أوائل التسعينيات من القرن الماضي مقابل التحالف التي تشكل في السنوات الماضية بين إيران وسوريا وحزب الله في لبنان ، ولا يمكن لأمريكا القيام بذلك إلا من خلال تهدئة الجبهة الفلسطينية ولو بالمسكن الاقتصادي هذه المرة.

 

 
* أستاذ جامعي- جامعة الأقصى-فلسطين – غزة

[email protected]

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات