الثلاثاء 21/مايو/2024

قراءة فكرية في زلزال الثلاثاء الأمريكي

قراءة فكرية في زلزال الثلاثاء الأمريكي

هل بدأ العالم يدرك دور أمريكا وبريطانيا في إقامة “إسرائيل” على أرض فلسطين؟

مطلوب تحرك حثيث لإقناع واشنطن ولندن بتبني حوار الحضارات لا صدامها

لندن – خدمة قدس برس

أتابع حديث زلزلة أيلول (سبتمبر) الماضي في الولايات المتحدة، بعد مضي ثمانية عشر يوما على وقوعها. وقد لفت اهتمامي أن جل ما صدر من تحليلات بشأن أسباب وقوع هذا الحدث، سواء في دائرتنا الحضارية أو دائرة الغرب الحضارية أشار إلى دور الاستراتيجية الأمريكية والبريطانية تجاه إنشاء الكيان (الإسرائيلي) الصهيوني العنصري ودعمه، وإلى ما يمارسه هذا الكيان من إرهاب ضد شعب فلسطين العربي والأمة العربية والشعوب الإسلامية، باعتبارها سبباً رئيساً في وقوعه.

وعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي جورج بوش قصد أن لا يشير إلى الصراع العربي – الصهيوني بكلمة في خطاب أمام الكونغرس، كي لا يفتح ملفه أثناء تحركه الحالي، إلا أن الموضوع فرض نفسه. وقد بدأت عملية محاسبة النفس. ومتوقع من ثم أن يجري في إطار هذه العملية النظر في حقائق الواقع القائم في الصراع الخاصة بأمريكا وحليفتها بريطانيا.

وفيما يلي أبرز هذه الحقائق كما استحضرتها وأنا عاكف على كتابة بحث عن هذا الصراع الممتد في مطلع شهر أيلول (سبتمبر) 2001 قبيل الزلزلة:

 

أبرز حقائق الواقع القائم في الصراع الخاصة بأمريكا وحليفتها بريطانيا

1 ـ استمرار أمريكا في اعتماد استراتيجية عدائية تجاه الأمة العربية ومشروع إنهاضها تقوم على عرقلة هذا المشروع والعمل على إفشاله. وذلك كي تتمكن من متابعة السيطرة على ثروات المنطقة والنفطية منها خاصة، والتحكم في موقعها الاستراتيجي وتوظيفه لصالحها. وقد اعتمدت الكيان (الإسرائيلي) ركيزة أساسية في هذه الاستراتيجية التي ورثتها عن بريطانيا وطورتها.

2 ـ ركزت هذه الاستراتيجية بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانتهاء الحرب الباردة على دائرة الحضارة الإسلامية باعتبارها العدو بعد زوال خطر الشيوعية. وطرحت فكرة صدام الحضارات، وباشرت بمعونة الصهيونية شن حملة على “الإسلام” تقوم على دمغه بالإرهاب، واستهدفت تشويه الحضارة الإسلامية.

3 ـ تبنت أمريكا في إداراتها المتعاقبة، ولا تزال تتبنى، انطلاقاً من هذه الاستراتيجية سياسة دعم الكيان (الإسرائيلي) مادياً ومعنويا وذلك من خلال تعهدها بتحقيق تفوق “إسرائيل” العسكري على الدول العربية مجتمعة، وتمكينها من الاستمرار في الانفراد بامتلاك السلاح النووي في المنطقة، وتأييدها “التهجير” الصهيوني لليهود من أوطانهم إلى فلسطين ومساعدتها في “استيعابهم” هناك، وتزويد الكيان (الإسرائيلي)بالتقنية المتقدمة والتزامها بدعم “إسرائيل” في المحافل الدولية والحيلولة دون إنزال عقوبات دولية بها في مجلس الأمن لانتهاكها المستمر للقانون الدولي.

وقد رأينا كيف استخدمت الفيتو مرات بغية ذلك، وكيف عملت على إلغاء الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها الخاص بعنصرية الصهيونية الذي اتخذته عام 1975، وموقفها المعارض للحديث عن عنصرية الصهيونية وإدانة الممارسات (الإسرائيلية) العنصرية الحالية في مؤتمر مكافحة العنصرية في جنوب إفريقيا وانسحابها من المؤتمر في مطلع شهر أيلول (سبتمبر) 2001.

4 ـ انساقت المؤسسة العسكرية في نطاق هذه الاستراتيجية وهذه السياسة إلى تحويل الكيان (الإسرائيلي) لأكبر قاعدة عسكرية وحاملة طيران لها خارج أمريكا، تخزن فيها السلاح، وتجد فيها الميناء الذي يقدم الخدمات للأسطول السادس الأمريكي الرابض في مياه البحر الأبيض المتوسط، وتنصب فيها محطات الإنذار المبكر، وتوظف الجيش (الإسرائيلي)في عمليات تجاه بعض دول المنطقة.

وقد وافقت الحكومة الأمريكية، كما نقلت الأنباء عند كتابة هذه السطور على صفقة سلاح للكيان الصهيوني قيمتها مليار دولار تتضمن حصول حكومة آرائيل شارون على 52 طائرة “أف 16”.

كما نالت موافقة الكونغرس على بيع 110 طائرات من الطراز نفسه إلى الكيان. وأبلغ الرئيس بوش الكونغرس أن استخدام (إسرائيل) السلاح الأمريكي ضد الفلسطينيين لا يمثل خرقاً لقانون تصدير السلاح إلى الدول الأجنبية.

5 ـ تمشياً مع ما سبق دعمت أمريكا السياسة (الإسرائيلية) تجاه الأراضي العربية المحتلة في حرب عام 1967، والتي يركز خطها الرئيس على الاستمرار في احتلال الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة في فلسطين، وفرض معاهدات مع الدول العربية المجاورة تكفل الأمن (الإسرائيلي) مقابل إعادة أراضيها المحتلة.

وهكذا تبنت أمريكا فكرة الصلح بين (إسرائيل) ومصر وأشرفت على إبرام اتفاق كامب دافيد عام 1978 ثم على معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية عام 1979. وأعطت أمريكا الضوء الأخضر للاجتياح (الإسرائيلي) لجنوب لبنان عام 1978 ثم عام 1982. وأيدت إبرام اتفاق صهيوني لبناني عام 1983 لم تلبث أن أسقطته المقاومة اللبنانية بدعم من سوريا.

وعملت على إبرام معاهدة السلام (الإسرائيلية)الأردنية عام 1994. واستضافت المباحثات (الإسرائيلي)السورية المتعثرة لإبرام اتفاق بشأن الجولان في التسعينيات. وقد عرقلت واشنطن، كما أوضح نعوم تشومسكي، كل محاولات التسوية الخاصة بقضية فلسطين منذ عام 1976 حتى عام 1993، تمكيناً “لإسرائيل” من اغتصاب الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وشجعت إقامة المستعمرات الصهيونية فيها وموّلتها.

6 ـ عملت أمريكا تنفيذاً لمتطلبات استراتيجيتها في مرحلة ما بعد الحرب الباردة على إقامة “نطاق الشرق الأوسط” الإقليمي في دائرة الحضارة الإسلامية ضمن إقامة “النظام العالمي الجديد” الذي رفع شعاره جورج بوش (الأب) عام 1990 إبان زلزال الخليج. واستهدفت من نظام الشرق الأوسط هذا إحكام السيطرة على الدائرتين العربية والإسلامية، وقطع الطريق على مشروع الإنهاض العربي، وذلك بجعله بديلاً عن النظام العربي الذي عملت على تجميده وتوطئة لإنهائه، بإعطاء القيادة في هذا النظام الشرق الأوسطي للكيان (الإسرائيلي) ليتم التحكم بالمياه والسلاح والاقتصاد وأنظمة الحكم والتمويل.

وشجعت واشنطن بغية إقامته إجراء مفاوضات ثنائية وأخرى متعددة الأطراف وعقدت مؤتمر مدريد في 30 تشرين أول (أكتوبر) 1991 الذي طرح ما أسمته “عملية سلام الشرق الأوسط”، وتبنت في إطارها عقد مؤتمر اقتصادي. وعلى الرغم من تعثر هذا المشروع الأوسطي بفضل المقاومة العربية التي استهدفته، فإن الولايات المتحدة لا تزال طامحة في إقامته من خلال الاستمرار في تلك العملية التي صممتها وكانت لها “راعياً أولاً”.

7 ـ اتجهت الولايات المتحدة في أعقاب زلزال الخليج في نطاق سعيها لإقامة نظام الشرق الأوسط وتنفيذ تجاه فلسطين إلى محاولة فرض حل عنصري لقضية فلسطين ينهي الصراع العربي – الصهيوني. وهكذا عملت على إبرام اتفاق أوسلو بين “إسرائيل” وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية الخاص بإقامة حكم ذاتي مؤقت في الضفة الغربية وقطاع غزة في  13 أيلول (سبتمبر) 1993.  واستهدفت بهذا الحل العنصري حصر الفلسطينيين الموجودين في وطنهم في معازل تتحكم فيها مستعمرات استيطانية صهيونية تربط بينها طرق التفافية، ويفرض عليها تبعية اقتصادية للكيان (الإسرائيلي)، ويوظف سكانها عمال سخرة فيه.

8 ـ عملت الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون طوال فترتي ولايته بين 1992 و2000 على مدى ثمانية أعوام لاستكمال خطوط هذا الحل العنصري. وركزت في عامها الأخير على الوصول لاتفاق بشأن الموضوعات الأربعة الخاصة بما سمي “الوضع النهائي”، وهي الأرض بمياهها والمستعمرات الاستيطانية وعودة اللاجئين الفلسطينيين والقدس.

وكانت قد حاولت في عام 1996 بغية شل المقاومة العربية للاحتلال فرض “مكارثية عالمية” تلاحقها بزعم أنها إرهاب وسعت لعقد مؤتمر شرم الشيخ لهذه الغاية ولكنها فشلت في محاولتها. وعمد كلينتون في مفاوضات كامب دافيد الثانية في تموز (يوليو) 2000 إلى محاولة فرض اتفاق يكرس الحل العنصري بشأن الموضوعات الأربعة وسعى بشكل خاص إلى اغتصاب الحرم القدسي لأسباب عدة من بينها المعنى الرمزي لهذا الاغتصاب على صعيد قهر دائرة الحضارة الإسلامية. وقد أفشلت سعيه وقفة الصمود الفلسطيني في لحظة تاريخية فكان أن أنحى باللائمة على القيادة الفلسطينية.

9 ـ تبنت إدارة جورج دبليو بوش الجمهورية إثر نجاحها خطوط سياسة تنطلق من الاستراتيجية الأمريكية وتتفق مع سياسات الإدارة السابقة في الأمور الأساسية. وشرعت منذ توليها في 20 كانون ثاني (يناير) 2001 في تطبيق هذه الخطوط التي أطلقت يد حكومة مجرم الحرب آرائيل شارون لإنهاء الانتفاضة بالقوة، وسوّفت في أمر التوصل إلى اتفاق وشجعت الاستعمار الاستيطاني الصهيوني، وقالت بتوفير اقتصاد للفلسطينيين قابل للحياة منكرة حقوقهم الأساسية في تقرير المصير والاستقلال وإقامة دولة.

واستهدفت بالعداء القيادة الفلسطينية. وأيدت استخدام شارون الطائرات الأمريكية “أف 16” وطائرات “الأباتشي” في قصف الفلسطينيين واغتيال قيادات فلسطينية. وحاولت بقوة إشغال العالم عن الانتفاضة بتحويل الأنظار إلى العراق وتغيير نظام الحكم فيه. وجاهرت بتأييد سياسة تضييق الخناق على الشعب الفلسطيني وقيادته حتى يرضخ وينهي المقاومة ويوقف انتفاضته. ولكنها اضطرت حفاظاً على مصالحها إلى القيام بتحرك محدود حين استمرت الانتفاضة.

10 ـ تابعت بريطانيا القيام بدورها المساند للسياسة الأمريكية المتكامل مع الدور الأمريكي الذي حدده تفاهم الحليفين، سواء في مجلس الأمن، أو في الاتحاد الأوروبي بما يناسب أمريكا، أو في الميدان في مواجهة العراق. وهو الدور الذي قبلت به منذ سلمت بقيادة أمريكا بعد الحرب العالمية الثانية. وكانت قبل ذلك قد تزعمت أمر إقامة الكيان الصهيوني الاستعماري الاستيطاني العنصري في فلسطين منذ المؤتمر الصهيوني الأول عام 1897 مروراً بتصريح بلفور عام 1917 وطيلة استعمارها لفلسطين تحت اسم الانتداب حتى عام 1948.

11 ـ تشهد أمريكا في الوقت نفسه تحركاً مكثفاً لما يعرف بالصهيونية المسيحية التي تؤمن بشريط من المشاهد يتضمن “دعوة إسرائيل اليهود إ

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات