توازنات جديدة في المنطقة
تزاحم التطوّرات في المنطقة لا يغري بوقفات التأمل. لكنّ قارئي الاستراتيجيات وراسميها يدركون جدية التحولات التي لا تخطئها العين في سياق ما جرى ويجري في المرحلة الراهنة. ففي منطقة شهدت في الشهور والأسابيع الأخيرة ثلاث حروب متزامنة ومتوازية، وربما مترابطة بهذا القدر أو ذاك؛ تأتي النتائج الميدانية لتعيد توصيف قواعد اللعبة ضمن مربعات الصراع المزمن.
فكما يتجلى في فلسطين ولبنان، وحتى في العراق؛ أسفرت التطوّرات عن حقائق تفرض ذاتها بقوة. فنموذج الاحتلال المستند إلى جيش جرار، تُسبَغ عليه النعوتُ المهيبة، بدا هو الخاسر الأكبر، والأوحد.
في حالة الاحتلال الصهيوني؛ يتعلّق الأمر بما يصفونه بالجيشِ الذي لا يُقهَر، لكنّ أحداً لم يَعُد يجرؤ على ترويج وصف حالم كهذا. فبعيداً عن الانتصارات الأسطورية التي طالما تغنّى بها، والتي صنعتها مواجهات عبر عقود طويلة، مشكوك في جديتها؛ يحصد جيش الاحتلال هزائمه تباعاً، من بلدات الجنوب اللبناني إلى شرقي قطاع غزة. مواجهات لم ينجح فيها الصهاينة سوى بارتكاب المزيد من الفظائع في صفوف المدنيين.
فقد انقضت على ما يبدو تلك العهود التي بوسع جنرالات الاحتلال أن يفخروا فيها بانتصارات خاطفة على جيوشٍ متكلِّسة، وما بدا إنجازاً مُذهلاً في ستة أيام وحسب قبل أربعة عقود؛ تبخر في آفاق المعارك مع المقاومة في فلسطين ولبنان.
لم يعد ما يُوصَف بأنه أعتى جيش في الشرق الأوسط، قادراً على فرض الحقائق التي يريد، ولا على تحقيق أهداف محددة أعلنها على الملأ. وفي أية مواجهة فعلية لا بد وأن يتساقط ضباط الاحتلال وجنوده، أو يتفحّمون في دباباتهم المحصنة، في ما تتدهور إرادة القتال في صفوفهم إلى الحضيض.
إنها “مفاجآت” تتحقق منها الدوائر الاستراتيجية المعنية بتوازنات المنطقة، فالردع التقليدي الذي تحصن خلفه الكيان الصهيوني بات موضع تساؤل فعلي، وهو ما يجعل توازنات القوى في المنطقة على مفترقِ طرق.
التقهقر العسكري الصهيوني يعني الكثير على الأصعدة الداخلية، بالنسبة لكيان عماده الجيش، وتمتزج فيه قيادتاه الحربية والسياسية إلى حد التماهي.
ولعلّ الأهم من هذا كله، أنّ ما جرى من إخفاقات مريعة بمقاييس هزيمة حربية غير معلنة؛ ليست كبوةً عابرة، بل أمر واقع وحقيقة طويلة الأمد، يرهنت عن ذاتها منذ قرار الانسحاب المذلّ من جنوب لبنان بلا مقابل عام 2000، والتراجع الميداني عن قطاع غزة تحت وطأة الفاتورة الباهظة للمقاومة الفلسطينية قبل عام مضى.
وعندما يجري هذا بمفعول قوى المقاومة التي تبقى محدودة الإمكانات والقدرات؛ فإنّ أمارات الهزيمة تبقى هي عنوان المراحل المنتظرة بالنسبة لكيان غاصب يعيش خريفه العاصف. والهزيمة الماثلة هنا لا تتعلق بمؤشرات الميدان وحده؛ بل وتتجسد في صراع الإرادات الضاري، والذي لم يربح فيه المحتلون أية نقاط تذكر، في ما حصدت المقاومة مكاسبها المؤكدة، وما زالت.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
“الملثم” و”السنوار” يمزقان ما تبقى من أكاذيب نتنياهو ويشعلان الحرائق بجبهته الداخلية
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أثار ظهور قائد حركة المقاومة الإسلامية حماس في غزة بجبهات القتال متفقدًا مجاهدي المقاومة في العقد القتالية تفاعلاتٍ...
ساندرز: الاحتجاجات ضد مجازر حكومة نتنياهو بغزة ليست معادة للسامية
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام وجه السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز نقدًا لاذعًا لادعاء رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بأنّ المظاهرات...
إصابة مستوطنة بعملية طعن في الرملة وأنباء عن استشهاد المنفذ
القدس – المركز الفلسطيني للإعلام أصيبت مستوطنة إسرائيلية، اليوم الجمعة، بجروح خطير بعملية طعن في مدينة الرملة المحتلة....
حماس تدعو الموقعين على بيان “الثمانية عشر” إلى رفع الغطاء عن جرائم الاحتلال
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام عبّرت حركة حماس، عن أسفها إزاء البيان الصادر عن البيت الأبيض، والموقّع من ثماني عشرة دولة، الداعي إلى إطلاق سراح أسرى...
45 ألف مُصلٍّ يؤدون الجمعة في الأقصى
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلامأدى 45 ألف مواطن صلاة الجمعة اليوم في المسجد الأقصى المبارك، في حين منعت قوات الاحتلال، العشرات من الشبان...
الصحة: 51 شهيدًا و75 مصابًا في مجازر إسرائيلية بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي 5 مجازر بحق المواطنين في قطاع غزة، خلال الـ 24 ساعة الماضية، ما أسفر عن استشهاد...
حماس تدعو عمال العالم لأسبوع من الفعاليات التضامنية مع فلسطين
غزة - المركز الفلسطيني للإعلامدعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" عمال العالم للتضامن مع الشعب الفلسطيني ضد العدوان الإسرائيلي المتواصل للشهر السابع...