الأحد 19/مايو/2024

حظر المركز الفلسطيني للإعلام في وطنه!

بيان صادق

لم تكتفِ السلطة أنها منعت الفلسطيني من وطنه الذي أهدته لشُذاذ الآفاق ليصنعوا فيه دولة دينية تجعل عاصمتها قبلة المسلمين الأولى؛ حتى جاءت اليوم ومنعته من تصفح “مواقع فلسطينية” تتحدث عن واقعه وواقع قضيته، منها محسوبة على حماس، وأخرى معارضة لشخص عباس.

لم يُكافَأ المركز الفلسطيني للإعلام لأنه تنبّه لفضاء الإنترنت -في الزمن الذي كان موظفو السلطة يظنون “إنترنت” مسؤولا صهيونيا يطمعون بلقائه!- لم يكافَأ الموقع الأول فلسطينيا والذي بدأ بنقل قضية المقاومة والشعب الفلسطيني إلى العالم العربي والعالم أجمع بلغاتٍ عالمية عدة لم تبدأ بالانجليزية ولم تنتهِ بالأورديّة!

ولا يطمح المركز وهو يؤدي رسالته بأن يشكر الناس سعيه ولا أن تُكرِّمه السلطة -التي تدّعي تمثيل فلسطين- بل إن الثناء عليه ممن باع وطنه سيُدخله موطن الشبهات؛ لذلك كان العداء له منذ البداية حتى طمسته بمواقع كثيرة ظنًّا أنها ستُبعده وتتفوق عليه دون أن تضطر للانزلاق في قعر التسلُّط.

خطاب المركز الوحدوي جعل إمكانية اتهامه “بتأجيج الانقسام” شيئا باهتا لا سند يدعمه؛ لكنْ بقاؤه على دعم المقاومة -وحركة حماس عنوانها- وعدم الطعن فيها لتحقيق مكاسب شهرة وحيادية متكلّفة، جعل من وسمه بالتابع لحماس سببا لحظره!

كيف لا وقد حظرت السلطة معه مواقع أخرى تابعة لحركة حماس ورافضة لتقييد الضفة، ومواقع تابعة لمن يعادي عباس في شخصه كنوع من “الحرد” والغيرة السياسية!

في ذكرى “الانقسام الفلسطيني” جاءت السلطة لتثبت بأننا قبل صوت حماس كُنَّا “إيد وحدة”، وهي يد السلطة، ويد القمع التي لا تُري الشعب إلا ما ترى. وبدلا من رأب الصدع الفلسطيني قطعت وحاصرت مواقع إعلامية فلسطينية، وبدلا من أن تتعلم من الكيان الصهيوني احترامه لإعلامه، تعلمت من العرب كيف يحظرون الرأي الآخر!

هذا الصوت الفتي طال عمره في نقل القصة الفلسطينية بعيدا عن الضوضاء، رغم كل المحاولات لحرف البوصلة عن العدوّ وتشتيته في أزمات جانبية وإخفاق محلي أساسه السلطة؛ أُغلق اليوم أمامه فضاء وطنه بعد أن أُوصِدَ بالأمس بابه عنه. وبعد قرابة عشرين عاما على إنشاء المركز الفلسطيني للإعلام، لم تعد السلطة قادرة على تحمُّله، وبدلا من إنهاء الواقع المر الذي يتحدث عنه المركز والمواقع الفلسطينية، قررت حظره وحالت بينه وبين شعبه.

لكن، هيهات هيهات! إغلاق الفيسبوك لصفحات المركز لم يثنِه، وعاد بعدها أقوى. وإغلاق السلطة للموقع في فلسطين سيجعله أكثر تصميما على نشر رسالته، فقد أثبتت تجربة الحظر في كثير من الأحيان، بأن حظر الرأي الآخر لا يزيده إلا قوة.

شهادة شرف تحملها المواقع المحظورة الداعمة للمقاومة، فلا تيأسوا ولا تتراجعوا عن خطّ سيركم الذي حُظرتم لأجله، فهو الذي يغيظ وهو الذي ينفع.

وحَريٌّ بالشعب والمتعاطفين مع قضية الشعب أن يشُدّوا عضدها أكثر، وأن لا يخذلوها ولا يُسْلِموها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات