مخاوف من إزالة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بلبنان
لم يكن الفلسطينيون في لبنان في منأى عن تداعيات الأوضاع والمصاعب الإقليمية خلال السنوات الأربع الماضية. فحجم هذه الأحداث لم يترك دولة من الدول، أو جماعة من الجماعات، التي تقع أو تعيش في المنطقة، إلاّ وترك أثره فيها.
الأحداث المتتالية، وغير المتوقعة، كانت كما الزلزال الذي يصيب أية منطقة، فلا تميّز التصدّعات والارتدادات بين منطقة وأخرى، أو عرق وآخر، فكيف بالشعب الفلسطيني في لبنان، والذي كانت تعوزه، من قبل، المناعة الصادّة والمضادّة لأنواع العداوات التي تنتشر من حوله.
قُبيل الأحداث التي اجتاحت المنطقة، كانت الفصائل الفلسطينية منقسمة ما بين قوى منظمة التحرير الفلسطينية وقوى التحالف، والحوار جار بينهما حول تشكيل مرجعية فلسطينية في لبنان. يجري خلاف حول بعض النقاط، وتنفرج عملية التشكيل حيناً قبل أن تعود وتتعقد، لكن كل ذلك كان يحدث تحت سقف عدم توتير الأجواء داخل المخيمات والتجمعات الفلسطينية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، ومنع أية محاولة لتوريط الفلسطينيين في الشأن اللبناني، وهي محاولات كثيرة.
جاءت الأحداث وعمليات التغيير في المنطقة، حصل حراك داخل المخيمات. أرادت الجماهير الفلسطينية في لبنان أن تنال حصتها من هذا التغيـير، فاللجان الشعبية يأكلها الفساد والمحاصصة الفصائلية، والمحاسبة غائبة، والمشاركة متوقفة، والمرجعية متعثرة. ثارت المظاهرات، حصل تغيير شكلي في بعض المخيمات.
ازداد الانفجار اشتعالاً في عدد من دول المنطقة المؤثرة. وبدل أن يدفع الانفجار بعض الفصائل إلى تليين موقفها فيما يخص تشكيل المرجعية، وإعادة بناء اللجان الشعبية، انتقل الانقسام بين منظمة وتحالف، إلى انقسام داخل هذين الإطارين الكبيرين.
ففصائل آثرت الحياد، وأخرى تورّطت بشكل مباشر بالأحداث، وورطت معها مخيمات الفلسطينيين في سورية، وكادت في لبنان. بات تشكيل مرجعية فلسطينية في لبنان أكثر استحالة من ذي قبل، وباتت العلاقات الفصائلية أكثر برودة، إن لم نقل توتراً، من ذي قبل، وبات السعي إلى حفظ التواصل بين الفصائل هو الأهم، وعدم جرّ الأحداث عنوة إلى المخيمات الفلسطينية في لبنان.
ترافق ذلك مع هجرة مئات آلاف السوريين من بلدهم إلى لبنان، إضافة إلى آلاف الفلسطينيين من مخيمات فلسطينية في سورية، وكانت أكبر هجرات الفلسطينيين في حزيران/يونيو 2012، عندما اندلعت الاشتباكات في مخيم اليرموك.
تضاعف اكتظاظ المخيمات باللاجئين من سورية، بعدما وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين من هناك إلى حوالى 45 ألف شخص، أي ما يقارب 12600 عائلة، يُضاف إليهم آلاف السوريين الذين سكنوا المخيمات، التي تضاعف عدد سكان بعضها، كمخيم برج البراجنة جنوبي العاصمة اللبنانية بيروت، الذي ارتفع عدد سكانه من حوالى 20 ألف نسمة، إلى ما يقارب 40 ألفاً. ازداد الضغط على الخدمات، من كهرباء ومياه، وهي تكاد لا تكفي السكان الأصليين. زادت أسعار إيجار البيوت، الضوضاء تضاعفت هي الأخرى، والأنروا وجّهت خدماتها بشكل أكبر لهؤلاء السكان الجدد.
وطبيعي أن يحمل بعض هؤلاء القادمين من مسرح الحرب، آثاراً نفسية لا يُعرف كيف يمكن أن تؤثر على الأوضاع العامة، خاصة مع شبه غياب لمؤسسات تهتم بهذا الجانب المهم من حياتهم. وفي ذات الأهمية الإجابة عن أسئلة ما زالت معلّقة، حول ما مدى التأثر السياسي لهؤلاء اللاجئين السوريين بالأوضاع التي تطرق بلدهم، وهل يترجم بعضهم هذا التأثر بعمل ميداني؟ وما قوة المناعة الفلسطينية إن حصل؟
لا بدّ من التعامل الإنساني مع هؤلاء، فلا يقع الفلسطينيون بما وقع به بعض اللبنانيين من عنصرية شائنة، لكن في الوقت نفسه لا مناص من الوعي لحجم الأخطار، ومخاطر استخدام المخيمات من قبل كثيرين لا يريدون خيراً لها.
نتيجة هذه الأوضاع، التي شكّلت ضغطاً إضافياً على الفلسطينيين في لبنان، زاد الحديث عن الهجرة، ولاقى ترجمته العملية في هجرات، تكاد تكون جماعية، من خلال بلدان عربية شهدت اهتزازاً وفراغاً أمنياً، كليبيا مثلاً. هجرات إلى بلدان هرباً من واقع إلى مجهول. شبكات تهريب وُلدت فجأة، هل هي تبحث عن المال فقط، أم أن هناك من يوظفها لتمرير مشروع سياسي؟
مع الأوضاع الإقليمية المستجدة تراجع الحديث عن الأوضاع البائسة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وعن حقوقهم المشروعة، وهو حديث كان دائراً بقوة عام 2010. لكن حلّ محلّه الحديث عن الأمن واللجوء السوري وغيره. وهناك خوف فلسطيني متزايد من امتداد الأزمات في المنطقة، وتفاقم أزمات الفلسطينيين المعيشية والحياتية والاجتماعية والإنسانية.
يخشى الفلسطينيون في لبنان، وفي ظل النيران المستعرة في المنطقة، أن يتم التخلص من مخيماتهم، أو بعضها، تمهيداً لتصفية قضيتهم، من خلال تهجيرهم، أو تشتيتهم، وما كان يُعتبر من التخيلات قبل سنوات، أصبح مخاوف مشروعة اليوم.
كتب: أحمد الحاج – بيروت
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
الإعلان عن مقتل الرئيس الإيراني جراء سقوط مروحيته
طهران - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت إيران رسميا - صباح الاثنين- مقتل الرئيس الإيراني آية الله إبراهيم رئيسي، أمس الأحد، إثر سقوط مروحية كانت تقله...
لليوم الـ 226.. القسام يواصل التصدي ويبث مشاهد لاستهداف قوات العدو
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل كتائب القسام لليوم الـ 226 على التوالي، التصدي للقوات الصهيونية المتوغلة في عدة محاور، والتي أسفرت حتى اللحظة...
خامنئي يدعو الإيرانيين لعدم القلق على البلاد بعد حادث مروحية رئيسي
طهران – المركز الفلسطيني للإعلام دعا المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي الشعب الإيراني إلى عدم القلق في أعقاب "حادث صعب" تعرضت له طائرة الرئيس...
جنوب أفريقيا: سنواصل سعينا لتطبيق اتفاقية منع الإبادة الجماعية على إسرائيل
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قالت وزيرة خارجية جنوب أفريقيا ناليدي باندور، إن المجازر التي ترتكبها "إسرائيل" حقيقة ماثلة أمام العالم بأسره. وأكدت...
مستوطنون يضرمون النار بمشطب للمركبات جنوب نابلس
نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام أضرم مستوطنون، مساء الاحد، النار بمشطب للمركبات في بلدة يتما جنوب نابلس شمال الضفة الغربية المحتلة، متسببين باحتراق...
حماس: نتابع ببالغ القلق حادثة الهبوط الاضطراري لمروحية الرئيس الإيراني
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت حركة المقاومة الإسلامية حماس، الأحد، إنها "تتابع ببالغ الاهتمام والقلق، الأخبار التي تتحدث عن هبوط اضطراري...
ضربات قاسية.. المقاومة تصفع حكومة نتنياهو في جباليا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام منذ بدء جيش الاحتلال الإسرائيلي عمليات برية في مناطق في رفح وجباليا وهو يتلقى ضربات مؤلمة على يد المقاومة الفلسطينية...