عاجل

الخميس 09/مايو/2024

مخاوف من إزالة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بلبنان

مخاوف من إزالة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين بلبنان

لم يكن الفلسطينيون في لبنان في منأى عن تداعيات الأوضاع والمصاعب الإقليمية خلال السنوات الأربع الماضية. فحجم هذه الأحداث لم يترك دولة من الدول، أو جماعة من الجماعات، التي تقع أو تعيش في المنطقة، إلاّ وترك أثره فيها.

الأحداث المتتالية، وغير المتوقعة، كانت كما الزلزال الذي يصيب أية منطقة، فلا تميّز التصدّعات والارتدادات بين منطقة وأخرى، أو عرق وآخر، فكيف بالشعب الفلسطيني في لبنان، والذي كانت تعوزه، من قبل، المناعة الصادّة والمضادّة لأنواع العداوات التي تنتشر من حوله.

قُبيل الأحداث التي اجتاحت المنطقة، كانت الفصائل الفلسطينية منقسمة ما بين قوى منظمة التحرير الفلسطينية وقوى التحالف، والحوار جار بينهما حول تشكيل مرجعية فلسطينية في لبنان. يجري خلاف حول بعض النقاط، وتنفرج عملية التشكيل حيناً قبل أن تعود وتتعقد، لكن كل ذلك كان يحدث تحت سقف عدم توتير الأجواء داخل المخيمات والتجمعات الفلسطينية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، ومنع أية محاولة لتوريط الفلسطينيين في الشأن اللبناني، وهي محاولات كثيرة.

جاءت الأحداث وعمليات التغيير في المنطقة، حصل حراك داخل المخيمات. أرادت الجماهير الفلسطينية في لبنان أن تنال حصتها من هذا التغيـير، فاللجان الشعبية يأكلها الفساد والمحاصصة الفصائلية، والمحاسبة غائبة، والمشاركة متوقفة، والمرجعية متعثرة. ثارت المظاهرات، حصل تغيير شكلي في بعض المخيمات. 

ازداد الانفجار اشتعالاً في عدد من دول المنطقة المؤثرة. وبدل أن يدفع الانفجار بعض الفصائل إلى تليين موقفها فيما يخص تشكيل المرجعية، وإعادة بناء اللجان الشعبية، انتقل الانقسام بين منظمة وتحالف، إلى انقسام داخل هذين الإطارين الكبيرين. 

ففصائل آثرت الحياد، وأخرى تورّطت بشكل مباشر بالأحداث، وورطت معها مخيمات الفلسطينيين في سورية، وكادت في لبنان. بات تشكيل مرجعية فلسطينية في لبنان أكثر استحالة من ذي قبل، وباتت العلاقات الفصائلية أكثر برودة، إن لم نقل توتراً، من ذي قبل، وبات السعي إلى حفظ التواصل بين الفصائل هو الأهم، وعدم جرّ الأحداث عنوة إلى المخيمات الفلسطينية في لبنان. 

ترافق ذلك مع هجرة مئات آلاف السوريين من بلدهم إلى لبنان، إضافة إلى آلاف الفلسطينيين من مخيمات فلسطينية في سورية، وكانت أكبر هجرات الفلسطينيين في حزيران/يونيو 2012، عندما اندلعت الاشتباكات في مخيم اليرموك. 

تضاعف اكتظاظ المخيمات باللاجئين من سورية، بعدما وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين من هناك إلى حوالى 45 ألف شخص، أي ما يقارب 12600 عائلة، يُضاف إليهم آلاف السوريين الذين سكنوا المخيمات، التي تضاعف عدد سكان بعضها، كمخيم برج البراجنة جنوبي العاصمة اللبنانية بيروت، الذي ارتفع عدد سكانه من حوالى 20 ألف نسمة، إلى ما يقارب 40 ألفاً. ازداد الضغط على الخدمات، من كهرباء ومياه، وهي تكاد لا تكفي السكان الأصليين. زادت أسعار إيجار البيوت، الضوضاء تضاعفت هي الأخرى، والأنروا وجّهت خدماتها بشكل أكبر لهؤلاء السكان الجدد. 

وطبيعي أن يحمل بعض هؤلاء القادمين من مسرح الحرب، آثاراً نفسية لا يُعرف كيف يمكن أن تؤثر على الأوضاع العامة، خاصة مع شبه غياب لمؤسسات تهتم بهذا الجانب المهم من حياتهم. وفي ذات الأهمية الإجابة عن أسئلة ما زالت معلّقة، حول ما مدى التأثر السياسي لهؤلاء اللاجئين السوريين بالأوضاع التي تطرق بلدهم، وهل يترجم بعضهم هذا التأثر بعمل ميداني؟ وما قوة المناعة الفلسطينية إن حصل؟ 

لا بدّ من التعامل الإنساني مع هؤلاء، فلا يقع الفلسطينيون بما وقع به بعض اللبنانيين من عنصرية شائنة، لكن في الوقت نفسه لا مناص من الوعي لحجم الأخطار، ومخاطر استخدام المخيمات من قبل كثيرين لا يريدون خيراً لها.

نتيجة هذه الأوضاع، التي شكّلت ضغطاً إضافياً على الفلسطينيين في لبنان، زاد الحديث عن الهجرة، ولاقى ترجمته العملية في هجرات، تكاد تكون جماعية، من خلال بلدان عربية شهدت اهتزازاً وفراغاً أمنياً، كليبيا مثلاً. هجرات إلى بلدان هرباً من واقع إلى مجهول. شبكات تهريب وُلدت فجأة، هل هي تبحث عن المال فقط، أم أن هناك من يوظفها لتمرير مشروع سياسي؟

مع الأوضاع الإقليمية المستجدة تراجع الحديث عن الأوضاع البائسة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وعن حقوقهم المشروعة، وهو حديث كان دائراً بقوة عام 2010. لكن حلّ محلّه الحديث عن الأمن واللجوء السوري وغيره. وهناك خوف فلسطيني متزايد من امتداد الأزمات في المنطقة، وتفاقم أزمات الفلسطينيين المعيشية والحياتية والاجتماعية والإنسانية.

يخشى الفلسطينيون في لبنان، وفي ظل النيران المستعرة في المنطقة، أن يتم التخلص من مخيماتهم، أو بعضها، تمهيداً لتصفية قضيتهم، من خلال تهجيرهم، أو تشتيتهم، وما كان يُعتبر من التخيلات قبل سنوات، أصبح مخاوف مشروعة اليوم.
   
كتب: أحمد الحاج – بيروت

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات