الثلاثاء 29/أبريل/2025

تحت النار.. الكافيهات في غزة تتحول من ملاذ إلى هدف لإسرائيل

تحت النار.. الكافيهات في غزة تتحول من ملاذ إلى هدف لإسرائيل

غزة  – المركز الفلسطيني للإعلام

في قطاع محاصر منذ سنوات، حيث ينقطع التيار الكهربائي تماماً، وتختفي شبكات الاتصال خلف جدران الحصار، لم تكن الكافيهات في غزة مجرد أماكن لاحتساء القهوة.

كانت نافذة للضوء، ومساحة للتواصل، وقاعة دراسة، ومكتبًا للعمل، وجسرًا وحيدًا إلى العالم الذي بدا يومًا ما قريبًا.

هناك، في مقاهٍ متواضعة، اجتمع طلاب يلاحقون أحلامًا علّها تبصر النور، جلس موظفون يكملون أعمالهم تحت أزيز المولدات، اجتمع مغتربون بأهاليهم عبر شاشات مهترئة، محاولين سد فجوة الغربة والمسافة، كانت الكافيهات آخر الحصون أمام عزلة خانقة، حتى جاءت الطائرات.

مساء الأحد 27 أبريل 2025، قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر مقهى في شارع صلاح الدين بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ما أدى إلى استشهاد ستة فلسطينيين وإصابة أكثر من عشرة آخرين بجروح خطيرة.

بحسب شهود عيان ومصادر طبية، كان رواد المقهى من المدنيين الذين لجؤوا إليه للاتصال بالعالم الخارجي، أو لمتابعة أعمالهم ودراستهم بعد أن دمّر العدوان البنية التحتية للاتصالات.

غير أن هذه المجزرة لم تكن الأولى من نوعها.

ففي مساء السبت 26 أبريل، ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة أخرى في مقهى بمدينة دير البلح، وسط قطاع غزة.

استهدفت الطائرات الحربية مقهىً صغيرًا كان يؤوي عشرات الشبان الذين سعوا للحصول على شبكة إنترنت وسط الانقطاع التام.

أدى القصف إلى استشهاد عدد من المدنيين وإصابة آخرين، في مشهد أعاد تكرار المأساة، طاولات مقلوبة، أجهزة حواسيب محطمة، وأحلام شبابية تناثرت تحت الركام.

التقارير الميدانية وشهادات السكان أكدت أن كلا الموقعين كانا مدنيين بالكامل، خاليين من أي نشاط عسكري، وهو ما يسلط الضوء على سياسة الاستهداف المتعمد للمرافق المدنية الحيوية.

محمد أحد شهود العيان الذي نجى من مجزرة الكفي شوب في دير البلح أكد لمراسلنا أنه يتردد على الكفي لإكمال محاضراته الجامعية، في ظل انقطاع تام للكهرباء، والإنترنت.

وقال إنه وبدون اي سابق إنذار اغارت طائرات الاحتلال على الكفي شوب ما أدى لاستشهاد ثلة من الموجودين، وإصابة العشرات في مشهد دموي مرعب.

يذكر أن هذه المجازر ليست الأولى من نوعها، فمنذ بدء حرب الإبادة تعمدت إسرائيل استهداف الكافتريات، في تعد واضح وإجرامي على الحياة المدنية والإنسانية.

في غزة، كل شيء صار هدفًا، حتى المقاهي التي تحولت إلى ملاذات إلكترونية صغيرة للهرب من عتمة الحصار.

لم تعد الأماكن العامة مأمناً، ولم يعد بوسع المدنيين أن يبحثوا عن أبسط حقوقهم دون أن يلاحقهم شبح القصف والموت.

تُظهر المجازر الأخيرة حجم المعاناة اليومية في قطاع غزة، حيث أصبحت الحاجة للاتصال بالعالم مغامرة محفوفة بالمخاطر، وحيث يُدفع ثمن الحياة غاليًا مع كل محاولة لالتقاط إشارة إنترنت أو مكالمة وداع.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات