عاجل

الجمعة 03/مايو/2024

المفقودون في غزة.. الجرح الغائر

المفقودون في غزة.. الجرح الغائر

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل نحو 7 أشهر، لا نعرف شيئا عن شقيقتي نهلة التي كانت آخر محطة لها في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، الاتصال معها مقطوع بالكامل، ونحاول التواصل لكن دون جدوى.. بهذه الكلمات بدأت المواطنة عبير البريم (60 عامًا) حديثها عن شقيقتها التي تكبرها بعدة أعوام.

تقول البريم لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: أموت قلقًا وخوفا عليها، فلا أي معلومات تصلنا، هل هي على قيد الحياة أم لا، نحاول التواصل مع من يعرفها من الجيران والأهل لكن دون جدوى.

وبقيت المسنة نهلة وزوجها في غزة ولم تنزح إلى الجنوب، وبقيت تنتقل من مكان لآخر بسبب سياسة التهجير والقصف الإسرائيلي.

تضيف شقيقتها: سمعت من بعض الناس أن شقيقتي كانت في مستشفى الشفاء قبل الاقتحام الأول ثم خرجت منه، رفقة زوجها إلى مستشفى الصحابة، وهناك أناس يقولون إنها بقيت في المستشفى، والمعلومات متضاربة.

آلاف المفقودين

حالة الفلسطينية نهلة، ليست الوحيدة، بل هناك في قطاع غزة آلاف المفقودين ممن يجهل مصيرهم حتى الآن، هل هم أسرى لدى قوات الاحتلال؟ أم شهداء تحت الأنقاض وفي المقابر الجماعية؟، أم أحياء بدون أي تواصل؟.

وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، يتوالى شبه يوميا نشر صور مفقودين لم يعرف مصيرهم بعد اقتحام قوات الاحتلال بعض المناطق في قطاع غزة، وكل ما يرجوه ناشرو الصور أن يتوصلوا لطرف خيط يدلهم على أبنائهم، فالنار تحرق قلوبهم كل يوم.

ولا يوجد إحصاء دقيق لأعداد المفقودين، بسبب انهيار جزء كبير من المنظومات الإدارية الفنية وانقطاع الاتصالات وتشتت العائلات واستمرار العدوان الإسرائيلي.

وفي حين تقد أحدث إحصائية للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، أعداد المفقودين جراء الحرب بما لا يقل عن 7 آلاف شخص، يتحدث المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن 13 ألف مفقود.

ويتوزع المفقودون بين أشخاص ما زالوا تحت أنقاض المنازل التي قصفها جيش الاحتلال على رؤوس ساكنيها، وأفراد استشهدوا في الشوارع بدم بارد وما زالت جثامينهم ملقاة فيها، إضافة إلى من اعتقلهم الاحتلال سواء أثناء النزوح أو في مناطق التوغل ولا يعرف مصيرهم لأن الاحتلال أعدم بعضهم ويخفي قسرًا مصير وأماكن احتجاز البقية وهم بالآلاف.

وتبحث عائلات المفقودين عنهم داخل ما تبقى من مستشفيات والاتصال بالخطوط الساخنة التي أنشأتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ويبحث أفرادها في صور الجثث في الشوارع والرجال معصوبي الأعين الذين تحتجزهم قوات الاحتلال ويشاركون صور أقاربهم عبر الإنترنت، ويتابعون قوائم المحررين المفرج عنهم ويلتقونهم، متوسلين الحصول على أدلة وأجوبة.

معاناة قاسية

وتشير الأخصائية الاجتماعية والنفسية الدكتورة عروب الجملة، إلى أن معاناة أهالي المفقودين “قاسية للغاية”.

وقالت في تصريحات صحفية تابعها “المركز الفلسطيني للإعلام: “ليس سهلاً ولا هيناً أبداً على العائلة، المرور بحالة عدم اليقين بخصوص مصير ابنها، العقل قد لا يستطيع استيعاب الأمر، الآثار النفسية صعبة، وتشمل الشعور بالتوتر العالي، وبالقهر”.

وذكرت أن “المسلمين والمؤمنين بقضاء الله وقدره، لديهم قدرة أعلى من غيرهم على تحمّل هول هذه المأساة”، لكنها تضيف مستدركة “رغم اليقين والرضا بقضاء الله، فإن شدة التوتر قد تتسبب بحالة فقدان السيطرة على الأعصاب، وبكمّ هائل من الأفكار السلبية والشعور بحالة العجز”.

وحذرت من أن معاناة أهالي المفقودين قد تزداد بعد انتهاء الحرب، لدخولهم فيما يعرف بمتلازمة “كرب ما بعد الصدمة”، وهي حالة أصعب من كرب الصدمة ذاته.

ودعت المجتمع المحلي والعائلات المحيطة بأهالي المفقودين والمؤسسات المختصة إلى تقديم خدمة الدعم النفسي لهم. وأضافت “يجب متابعتهم اجتماعيا ونفسيا بشكل حثيث وعميق، وإيجاد برامج لحمايتهم من الآثار الصعبة التي ستواجههم لاحقا”.

الإخفاء القسري

من جانبه، أكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن تقديراته تشير إلى أن عدد المفقودين جراء الحرب في قطاع غزة تجاوز 13 ألفا، وإن بعضهم ما زال تحت الأنقاض، أو دفنوا في مقابر جماعية عشوائية، أو أخفوا قسرا في سجون ومراكز اعتقال إسرائيلية، وبعضهم تعرض للقتل داخلها.

وقال إن جيش الاحتلال لم ينشر -حتى الآن- أي معطيات حول ظروف قتل هؤلاء الأسرى والمعتقلين، كما لم تتمكن -حتى الآن- أي جهة مستقلة من التحقق والتعرف على ظروف مقتلهم، ولم يتم أيضا انتشال جثامينهم أو تحديد هوياتهم أو إعادة رفاتهم، أو حتى تبليغ عائلاتهم.

ونبه المرصد الأورومتوسطي إلى أن هذا التقدير مبني على حجم البلاغات الأولية للمفقودين، مستدركا أنه من الصعب تقدير الأعداد الحقيقية للمفقودين في هذه المرحلة، نظرا للهجمات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة، فضلا عن سياسات الاحتلال الهادفة إلى تشتيت الأسر الفلسطينية، وبخاصة من خلال إجبار العائلات على النزوح المتكرر دون تأمين ممرات آمنة.

ودعا إلى تشكيل ضغط دولي حاسم على إسرائيل لتأمين عمل الأشخاص والطواقم العاملة في إزالة هذا الركام، بما في ذلك طواقم الدفاع المدني، بالإضافة إلى الكشف عن مصير آلاف المفقودين من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة ممن تحتجزهم قوات الاحتلال، بمن في ذلك من ارتكبت بحقهم جرائم الاختفاء القسري والقتل والإعدام غير القانونية في السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات