صرخات المقابر
خلف جبل الأحداث العالي في قطاع غزة اليوم تجري أمور كبيرة في قضيتين: الأقصى والأسرى.
وأما الأقصى فله حديث كبير في محلّه ينبغي إفراده لضخامته وعظيم خطره، وأما الأسرى فيستحق الحديث عنهم الوضوح والصراحة وسرعة المبادرة.
منذ بدء أحداث الطوفان فإن العدو شنّ حملة هائلة في القدس والضفة الغربية وعلى مستشفيات غزة فاختطف آلاف الفلسطينيين من بيوتهم ومحلات عملهم، وفي المعتقلات فرَز منهم كبارهم وشيوخهم والمؤثرين فيهم.
لم يكن العدو يهتم كثيراً بالمعلومات في التحقيق معهم، بل كان حريصاً على إذلالهم وكسر كرامتهم وتحطيم معنوياتهم وإظهار عجزهم وعجز كل الأمّة والحكومات والحركات والأحزاب والعالم الذي يرى ويسمع كل شيء.
كانت التهمة التي تلقى عليهم أنّكم كنتم سبباً من الأسباب الكثيرة التي أدت إلى وضع “إسرائيل” في هذا الوضع ويجب معاقبتكم جميعاً.
لم يكتفوا بتعذيبهم وضربهم وصفعهم في وجوههم وظهورهم ومواضع مرضهم كما يفعل البلطجيّة الأوغاد، بل أرادوا لهم أن يكونوا في أسوأ منظر.
لقد حركوا من رؤية أهلهم تماماً، وألغوا جميع الزيارات، وحتى المحامين الذين يأتون من المنظمات الدولية لم تتح لهم أي فرصة لمقابلة أحد من الأسرى.
بلغ العزل حدّ تغييب جميع الأخبار عنهم، فهم لا يعرفون أي شيء عمّا يجري خارج أسوار معتقلاتهم، لا عن العالم ولا عن غزة ولا عن أهلهم، وغذا سرّبوا إليهم خبراً فإنه يكون إشاعةً لتحطيمهم، وذلك تراه كثيراً في السجون المعدّة للمحكوميات العالية والمؤبدات.
لقد جعلوا الأسرى يتقذّرون من أنفسهم ومن بعضهم بعد أن حرموهم من النظافة والاغتسال والمطهرات وشفرات الحلاقة، فصارت روائحهم كريهة وغرفهم أشبه بالمراحيض فلا يستطيعون الجلوس ولا الصلاة ولا القراءة ولا الاستماع إلى شيء مفيد، وضاقت أنفسُهم الطاهرة بهذه القذارة التي قُذفوا فيها.
لقد أثّر ذلك على جلودهم فانتشرت الفطريات والجرب على كثيرين منهم، وأكلت الأمراض الجلدية أجسادهم التي بدأت تهترئ وتتمزّع بسبب أمور أخرى ينصعونها في جو العنابر المغلقة المكتومة على ما يبدو فتؤدي إلى التهاب أجسامهم والمبالغة في حكّها وتجريحها.
ولو رأيتم بعض من خرج منهم من السجون مؤخراً فسترون رجالاً خارجين من الكهوف، والقويّ منهم من استطاع اصطناع الابتسامة لوهلة عند لقاء أهله قبل أن تعزّ عليه نفسه ويبكي قهراً في خلوته.
لقد أَنقَصوا وجبات الطعام في السجون إلى حد الجوع، وأكثرُ طعامهم فاسد منتهي الصلاحية أو كاد العفن يلتهمه، ولا يمكن استصلاح إلا القليل منه، ولذلك ترى جميع أسرانا قد نقصت أوزانهم جداً.
كانوا يجمعون كبار القوم والمؤثرين في صعيد واحد، ويأتي وزير الأمن القومي المتطرف الجبان بن غْفِير ليشاهد حفلات التعذيب والإهانة، ويصفّق للجلادين، ويمنحهم العلاوات على زعرنتهم.
إن أقلّ شيء يقال في حق ما يحدث لهم قول أحد أبطالنا المأسورين: إن لي أكثر من ثلاثين عاماً وراء القضبان، ولم أشهد قهراً مثل ما يجري لنا اليوم، فلا نامت أعين الجبناء!
فالنجدةَ النجدةَ !
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
منظمة إنقاذ الطفولة: خان يونس أصبحت “مدينة أشباح”
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام قالت منظمة "إنقاذ الطفولة الدولية"، الاثنين، إن "مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، ثاني أكبر مدينة في القطاع، والتي...
“حزب الله” يعلن استهداف جنود إسرائيليين بمستوطنة المطلة
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام أعلن "حزب الله" الاثنين، أنه استهدف مواضع لجنود إسرائيليين في مستوطنة المطلة شمال إسرائيل، وإصابتها بشكل مباشر....
هنية: كل ما يؤدي لحماية المنطقة من الاختراق الصهيوني جهدٌ حيويٌ مهمٌ
استقبل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، اليوم الإثنين، في مكتبه في إسطنبول وفداً جزائرياً ضم رؤساء مجموعات برلمانية عن المجلس الشعبي...
المجلس اليهودي الأسترالي: مظاهرات الطلاب ضد الإبادة بغزة ليست معاداة للسامية
إسطنبول - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن المجلس اليهودي الأسترالي رفضه بشدة اعتبار مخيمات التضامن التي أقيمت في الجامعات لدعم الفلسطينيين في غزة...
إصابتان واعتقال طفل بمواجهات شرقي قلقيلية
قلقيلية – المركز الفلسطيني للإعلام أصيب مواطنان، اليوم الاثنين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في بلدة عزون شرق قلقيلية. وأفاد الهلال الأحمر بأن...
ما الذي كشفه نادي الأسير حول غالبية المفرج عنهم من سجون الاحتلال؟
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أكد "نادي الأسير" الفلسطيني – مقره رام الله - أن غالبية المعتقلين الفلسطينيين الذين أفرج عنهم يعانون من مشاكل...
هيئة حقوقية تحذر من سيناريو لاستهداف “أونروا” يسعى لتوطين اللاجئين
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت "الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين" ومقرها بيروت، مما ورد في التقرير الذي قدمته لجنة شكلها الأمين العام للأمم...